أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الشيخ ترامب.. حسين الزعبي*

ترامب - جيتي

لا أعتقد أن الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية وأقمار واشنطن الاصطناعية لم تستطع كشف "المحرقة" وربما "المحارق" التي يستخدمها بشار الأسد لقتل المعتقلين السوريين طيلة السنين الماضية، وهي التي وضع "سيزر" بين يديها آلاف الصور وخرائط المعتقلات وأماكن الدفن وربما الحرق، وأزعم أيضا أن القدرة التقنية والاستخباراتية الأمريكية ربما تعجز فقط عن معرفة تدرج ألوان ملابس بشار الداخلية.

بالأمس، وبشكل مفاجئ كشف "ستيوارت جونز" المسؤول في الإدارة الأمريكية (القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى) أن الأسد يستخدم المحرقة في التخلص من الجثث بسجن "صيدنايا"، وعرض خلال إفادته صورا التقطت من الجو لما قال إنها محرقة لجثث معتقلين يتم التخلص دون ترك أي دليل".

الاجتهاد في قراءة المسألة، يفترض عدم فصل الإعلان عن المحرقة عن سياق ملامح التوجهات الأمريكية الجديدة والتي قد تتضح شيئا فشيئا بعد زيارة الرئيس ترامب إلى المنطقة وبشكل خاص زيارته إلى السعودية التي مُهد لها بعقود صفقات أسلحة قيمتها تصل إلى 300 مليار دولار، وهي صفقة من الوزن الثقيل لعل أكثر الناس معرفة بأهميتها "رجل المال" الأمريكي دونالد ترامب.

هذه الصفقة لا تنفصل عن الرغبة السعودية في توجيه سياسة ترامب وهو الأكثر قدرة على اتخاذ القرار من بين جميع رؤساء الولايات المتحدة، بما يخدم رؤيتها وهي على الأغلب رؤية تقوم على دفعه للاقتناع بأن الدول الإسلامية هي الأقدر على تبني مشروع مكافحة "الإرهاب" بطريقة تقطع الطريق على استثمار إيران وغيرها في هذا الملف، وهو ملف لم يعد مجرد شماعة تعلق عليها الدول تبريرات سلوكها السياسي، بل بات فعليا حالة تهدد أمن العالم، والسبب في ذلك يعود في جله لميوعة مواقف الرئيس السابق أوباما.

وفي هذا السياق يأتي تحويل زيارة ترامب للمملكة إلى قمة أمريكية إسلامية ستجمع 35 دولة إسلامية.

لكن السؤال أين المحرقة وسوريا من تلك القمة؟ 
سوريا وبحكم الواقع الحالي فضلا عن واقع الجغرافية السياسية هي في قلب أي تحرك أمريكي لإنهاء ملف الإرهاب، وبالتالي أي خطوة لمعالجة هذا الملف لابد أن يمر منها هذا إن لم يبدأ بها، وإذا صحت القراءات بأن "ترامب" يريد إنهاء هذا الملف سياسيا وأمنيا، فعليه إنهاء الأزمة السورية، وهذا الإنهاء وبحسب التصور المنطقي لا يمكن أن يكون بالإبقاء على بشار الأسد والنفوذ الإيراني، ولعل هذا ما يدفع بروسيا إيران للاستعجال في إتمام ملف "الأستانة" وتحويله إلى أمر واقع.

ومن المفارقات أن "ستيورات جونز"، الذي أعلن عن المحرقة، هو نفسه ممثل الولايات المتحدة في اجتماعات "أستانة"، وهو نفسه الذي شكك بالأمس بإمكانية نجاح اتفاق مناطق "وقف التصعيد"، ليذهب أبعد من ذلك ويقول أيضا "تلك الفظائع (المحرقة) ارتكبت بتأييد غير مشروط من روسيا وإيران".

السوريون الذين حلت بهم محن الأرض، وافتقدوا القدرة، أو أفقدوا، على الفعل الحقيقي من دون الاستناد إلى الخارج بكل معانيه.. هم الآن يتمنون على "الشيخ ترامب" إنهاء معاناتهم.

*من كتاب "زمان الوصل"
(188)    هل أعجبتك المقالة (196)

Ahmad

2017-05-16

علينا ألا ننتظر أحد.. بعد ست سنوات من العذاب ألم يحن الوقت لتعلم الدرس, هناك حاجة شديدة لأن يتحرك السوريون ويأخذوا زمام المبادرة, لايجوز ترك سورية لمجرمي العالم يتناهشونها بينما أبنائها يتفرجون. هذه بلدنا وهذا مستقبلنا ومستقبل أبنائنا ولن يكون هناك وجود لمشاريع التقسيم والتهجير.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي