أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"أستانة".. لعبة العبث المتفق عليها*

الكاتب: أستانة لعبة العبث المتفق عليها أمريكياً وروسياً واقليمياً

علق وفد المعارضة العسكرية مشاركته في أستانة، عاد وفد المعارضة إلى أستانة...قدم ورقته ورؤيته...استلم الورقة الروسية على المناطق الأربع التي سيتم عزلها عسكرياً...هكذا يستمر العبث المدروس من الروس والإيرانيين بالوضع في سورية، ورسم ملامح تثبيت النظام على الأرص ليصار إلى إقرارها دولياً في جنيف.

أقل ما يقال عما يجري في أستانة هو فرض وجه جديد للقضية السورية، وإفراغها من بعدها الإنساني النبيل، وفكرة الثورة على الدكتاتور سيصار إلى نقاشها في ظروف أخرى بعد استبدال سكينه وإرهابه بسكاكين حلفائه من داعش أولاً، ومن إخوة المنهج ثانياً، وهنا الطامة الكبرى في نجاح أعداء الثورة في تحييد أبنائها وإضعافهم إلى الحد الذي سيوافقون عليه شاؤوا أم أبوا.

بالمقابل فشلت المعارضات السورية في توحيد نظرتها، وانقسمت سياسياً وعسكرياً، وحتى في الهدف، وبات إسقاط النظام وإحالته إلى محاكم القتل والإرهاب في خبر كان، وباتت الأولوية لإيجاد أماكن آمنة للبشر الذين يموتون يومياً تحت نار الأسد وحلفائه المخلصين فيما تنفض من حول المعارضة كل المسميات السابقة من أصدقاء سورية، والدول الداعمة، والأشقاء المترددين.

أما على الأرض فتخرج المشاريع المفروضة على فصائل العسكر من قبل الأقوياء الكبار، وأجندات التصفية حاضرة في الغوطة وريف حماة وادلب، فيما الجنوب منخور بخلايا الأعلام السوداء والأجندات المتعارضة.

في الغوطة تتم التصفيات وخسارات الجبهات من قبل الممولين بينما كل صراخات الشارع الشعبي لا تجد من يسمعها، ولا صوت يعلو فوق الرصاص الموجه بالمال، والنظام يتابع سياسة القضم في القابون وبرزة كتلة كتلة وبهدوء محمي بالطائرات والمؤتمرات.

إعلامياً تدار المعارك تماماً كما هي على الأرض، ونفس الرصاص المكتوب هنا بأسلحة المتعاركين على ألوهية هذا الفصيل وطهرانيته أم على كفر هذا الفصيل وعمالته، وبعض الأقلام التي كانت تصرخ وتكبّر صارت تلهج بالدعاء لضبط النفس والحوار لاستخلاص ما بقي من كعكة البلاد.

أما بقية الوطن فيدخل في صراع ترسيم حدود أقاليم جديدة صفراء وسوداء وبألوان لم يعرفها السوريون تاريخياً، ومنذ الأمس تدخل معارضات الداخل والمنصات المعارضة الأخرى في حوار جديد في القاهرة لرسم صورة مغايرة لهوى الشعب وتضحياته، وصورة متطابقة مع الهوى الدولي في الإبقاء على النظام حتى مع التضحية بالأسد، وأما ما أريق من دماء فهو ثمن مشروع للأقاليم الجديدة السورية.

أستانة لعبة العبث المتفق عليها أمريكياً وروسياً واقليمياً تُركل بهدوء باتجاه جنيف لتثبيت صورة سورية الجديدة المقسمة الملونة على شكل الطائفة والداعم.

*ناصر علي - من كتاب "زمان الوصل"
(168)    هل أعجبتك المقالة (174)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي