أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"بلينو".. كلمة سر تتقاطع عندها الانتخابات الفرنسية وهدى الأسدية وحليف "حزب الله" في لبنان

بلينو مع هدى أرمنازي - زمان الوصل

في عام 2003، وبينما كان قرار الإطاحة بنظام صدام حسين قد اتخذ نهائيا، برز إلى السطح اسم "سالي الكيماوية" أو "سيدة إنثراكس"، وهو الاسم الذي اختاره الإعلام الغربي للعراقية "هدى عماش" وطبّل به وضخّم، واصفاً إياها بقائدة البرنامج الكيماوي والجرثومي العراقي الذي يشكل خطرا على العالم بأجمعه، ومستفيضا في متابعة وشرح أدق تفاصيل حياتها وعلاقاتها وأبحاثها ومشاركاتها –المزعومة والحقيقية- في برنامج صدام التسليحي.. بخلاف ما يعامل به منذ سنوات وحتى الآن "سادة" الكيماوي في النظام والمرتبطون بهم (ومن بينهم للمفارقة سيدة تدعى هدى)، من تغافل وتجاوز، يشي بأن قرار إسقاط نظام بشار لم يتخذ بعد، ويؤكد أن درجة "خطورة" نظام ما و"تهديده للسلم العالمي" لا ترتبط بحجم جرائمه فعليا، بقدر ما ترتبط بـ"مقياس الرضا" عنه في محافل القرار الحقيقي حول العالم.

*قضيتي العظمى
كان وقوف أحدهم مع "هدى العراقية" أو التحدث إليها أو الالتقاء يوما بها ولو بطريق المصادفة، مدعاة لرمي كل سهام الريبة باتجاهه، فيما تمر الصور الملتقطة مع "هدى السورية" –إن جاز التعبير- مرور الكرام، فماذا يعني أن تكون هذه الأخيرة زوجة رجل يعد من أبرز المسؤولين عن تطوير برنامج الأسلحة غير التقليدية لدى نظام الأسد، ما دامت هذه الأسلحة لم تشكل خطرا على "السلم العالمي"، وكل ما فعلته أنها قتلت عشرات الآلاف من المدنيين السوريين!

أما لماذا تفتح "زمان الوصل" ملف "هدى السورية" الآن، فلارتباطه بمناسبتين، الأولى تصاعد الحديث عن زوجها "عمرو أرمنازي" المدير العام لمركز الدراسات والبحوث العلمية، لاسيما بعد حصول شقيقه وابنه (أي ابن عمرو) على الجنسية البريطانية مؤخرا (للاستزادة
اضغط هنا) ، فيما تتعلق المناسبة الثانية بانطلاق التصويت في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، بكل ما تحمله من تنافس وتصريحات ومواقف، تجعلها مرتبطة بالشأن السوري، بحكم مواقف المرشحين من نظام بشار الأسد، التي يصل بعضها حد المجاهرة بدعمه والمطالبة باستمراره.

وإذا كنا قد استفضنا في الحديث عن المناسبة الأولى (حصول أقرباء أرمنازي على الجنسية البريطانية)، فإن التوازن يقتضي أن نسلط الضوء على ارتباط "هدى السورية" (زوجة "سيد كيماوي" السوري) بفرنسا وانتخاباتها، عبر بوابة السياسية الفرنسية "فابيان بلينو".

في تقديم يحمل أكثر من دلالة، سواء من ناحية الإشارة إلى سوريا ولبنان أكثر من مرة، أو لناحية النص على "الحرب الأهلية في سوريا" و"إنقاذ مسيحيي الشرق"، و"انتعاش تنظيم الدولة"، تعرف "بلينو" نفسها عبر موقعها الرسمي بأنها "ممثلة الفرنسيين الموجودين في لبنان وسوريا، وهي أيضا مندوبة حزب الجمهوريين في لبنان"، منوهة بأنها تعمل في "خدمة الفرنسيين واللبنانيين منذ ما يقرب من عقد من الزمان، ولكن خلال الأشهر القليلة الماضية أخذت التزامها منعطفا جديدا، مع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا وانتعاش الدولة الإسلامية، ما جعل حماية المسيحيين الشرقيين والفرنسيين في سوريا قضيتها العظمى".

وتختتم "بلينو" تعريفها بنفسها لافتة إلى أن مساعدتها لمسيحيي المنطقة تمر عبر منظمة "أنقذوا مسيحيي الشرق"، وقد يكون لـ"زمان الوصل" لاحقا تقرير مفصل عن توجهات هذه المنظمة و "نشاطاتها" في سوريا وعلاقاتها بنظام بشار الأسد.

تستغل "بلينو" المهام المنوطة بها لعمل رحلات دورية إلى كل من لبنان وسوريا، حتى ليخيل لمتتبع جولاتها أنها لاتغادر هذين البلدين، وخلال هذه الرحلات تلتقي –أيضا تحت سقف مهامها- بكثير من الشخصيات الدائرة في فلك النظام، ومنها "هدى أرمنازي"، التي التقت بها على الأقل مرتين خلال صيف 2016، والتقطت معها صورا تذكارية، تشي بأن علاقتهما ليست عابرة (تمت الإشارة في إحدى الصور إلى اسم حساب هدى أرمنازي على فيسبوك، ما دفعها لتغيير الاسم، ظنا منها أن ذلك يسهم في فرص التقليل من تعقبها، علما أن "زمان الوصل" لديها رابط صفحة هدى أرمنازي بعد تغيير اسمها).


*الانفتاح على "لوبان"
بدأ نجم "بلينو" يلمع في سماء السياسة الفرنسية مع التحاقها بـ"حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية"، وهو الحزب الذي نجح اثنان من أعضائه في تولي زمام الرئاسة الفرنسية (شيراك، ساركوزي)، رغم أن تشكيله حديث نسبيا (سنة 2002).

وبقيت "بلينو" مخلصة لحزبها ومنخرطة فيه، بعد تغيير اسمه إلى "حزب الجمهوريين" عام 2015، لتكون إلى جانب مرشح الحزب في الانتخابات الحالية "فرانسوا فيون"، وترعى الترويج له لاسيما بين صفوف الفرنسيين المقيمين في لبنان وسوريا، وهم يناهزون 25 ألف ناخب فرنسي، حسب التقديرات.

ويمكن لمتعقب تصريحات ومسيرة وجولات "بلينو" أن يصفها بمحترفة المواقف الرمادية والزئبقية، سواء عندما يتعلق الأمر بموقفها الحقيقي من نظام بشار الأسد، أو عندما يطلب منها التعليق على مواقف زوجها القيادي في التيار العوني "سيمون أبي رميا"، وأحد المقربين من زعيمه (رئيس لبنان الحالي)، والمدافعين عن سياسة التيار، لاسيما ما يخص دعمه لنظام بشار الأسد وتحالف التيار الوثيق مع مليشيا "حزب الله".

ويبدو أن "بلينو" (التي تحمل الجنسية اللبنانية إلى جانب جنسيتها الفرنسية) تعلمت من زوجها العوني من أين تؤكل كتف التصريحات، حتى إذا ما سألت عن رأيها بمواقفه تحايلت على السؤال والتفّت للحديث عن إعجابها به كزوج، ومساعدته له في إعداد الفطور، وهو نفس السلوك الذي اتبعه "أبي رميا" عندما دافع عن زيارة زعيمة اليمين الفرنسي "مارين لوبان" إلى لبنان في شباط/فبراير الماضي، حين قال إن الزعيمة المتطرفة "تمثل شريحة من الشعب الفرنسي ولا يجب أن ننسى أن فئة من اللبنانيين الذين يحملون الجنسية الفرنسية يؤيدونها أيضا"، معقبا: "نحن لا نتدخل في الشؤون الفرنسية وفي الوقت نفسه علينا أن نكون منفتحين على الجميع".

الانفتاح الذي طالب به "أبي رميا" هو نفسه الانفتاح الذي ضرب به عرض الحائط قبل سنوات، عندما انتقد وبحدة شديدة "فرنسا" التي آوت زعيم تياره "عون"، لمجرد أن باريس اتهمت مليشيا "حزب الله" بالوقوف وراء هجوم استهدف القوات الدولية (يونيفيل) في جنوب لبنان، حيث قال "أبي رميا" حينها: "لا يجوز لبلد مثل فرنسا تقديم اتهامات سخيفة ضد فريق لبناني".

وبنفس زئبقية زوجته، ابتلع "أبي رميا" لسانه، وهو يسمع تصريحات اليمينية المتطرفة "مارين لوبان" من قلب بيروت وخلال الجولة التي رافقها فيها، وهي تدعو صراحة للقضاء على ما سمته "التطرف الإسلامي" لينعم "مسيحيو الشرق" بالأمان، بل وتذهب في تأييدها لنظام بشار إلى حد القول إنه "يشكل اليوم حلا يدعو إلى الاطمئنان أكثر بالنسبة إلى فرنسا"، في إشارة واضحة إلى تفضيلها لبقائه.

هكذا إذن، تسافر "بلينو"إلى سوريا، وتلتقي بمن تشاء، وتلتقط الصور مع من تشاء، بمن فيهم زوجة "رئيس علماء الكيماوي" في نظام بشار الأسد، دون أن تتم مساءلتها، فـ"هدى الأسد" غير "هدى صدام"، والنظام القابع في دمشق ما زال تورطه في قتل مئات آلاف السوريين موضع شك، وليس هناك أي أدلة ملموسة على تورطه، فكيف بمن هم دونه في المسؤولية.. لا شك أنهم أبرياء وسيبقون كذلك، طالما بقوا مقيدين على سجلات نظام حائز على أعلى قدر من إعجابات "نادي الكبار".


*"كيالي" أيضا
ولكن إذا كانت "بلينو" بالفعل لا تعرف شيئا عن نشاطات زوج هدى أرمنازي (فضلا عن نشاطات هدى المؤيدة بقوة للنظام)، كما تقول لصحيفة "لوموند" الفرنسية الشهيرة، فماذا تقول السياسية المرشحة لدخول مجلس الشيوخ في بلادها، حيث ستغدو ضمن دائرة صناع القرار وليس المؤثرين فيه فحسب.. ماذا تقول "بلينو" عن صورها مع جنود النظام في حلب المدمرة، وعن صورها مع مرتزقته من مختلف "الاختصاصات" ومن بينهم "لمى كيالي" صاحبة الصوت المدوي في ترويج الرواية الأسدية المعروفة عن العصابات المسلحة ومحاربة الإرهاب والمؤامرة الكونية والاتهامات المسيسة والتحقيقات غير النزيهة... كلما "دق" كوز الأسد بجرة المجازر (وما أكثر ما يلامسها كوز الأسد).

هل تستطيع "بلينو" أن تخبرنا ما إذا كان التقاط الصور مع جنود ومرتزقة النظام، وكذلك اللقاء مع "إعلامية" من رتبة "مخبرة" (حسب هذا التقرير الموثق هنا).. ما إذا كانت هذه الصور واللقاءات يمكن أن تسهم في "إنقاذ مسيحيي الشرق" وفق ما تدعي، وهي تعمل تحت غطاء مهامها كمفوضة من حزب "الجمهوريين" ومنخرطة أيضا في منظمة "أنقذوا مسيحيي الشرق"؟!

"رب صورة نابت عن ألف كلمة".. هذا ما تبوح به في النهاية صور "بلينو" المنشورة مع هدى الأسدية، ومع مرتزقة النظام من أمثال "كيالي"، فهل يمكن لغربال إنكار ترفعه السياسية الفرنسية أن يغطي شمس الوقائع؟

إيثار عبدالحق - زمان الوصل
(135)    هل أعجبتك المقالة (131)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي