أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أبو علي فضحها.. أسرار انتصارات الأسد ومكاتب الشهداء بطرطوس*

من مقابر قتلى النظام في طرطوس - جيتي

لا أنكر أنني بتّ مشغولاً جداً بانتصارات الجيش "العربي" السّوري المدوّية، حتى أنني راجعت بعض وسائل الإعلام والصفحات التي تديرها استخباراته على مواقع التواصل الاجتماعي، فتبين لي على سبيل المثال لا الحصر أنه وفي هذا اليوم الذي أكتب فيه سطوري هذه، قام بواسل هذا الجيش بالاستيلاء على دبابة في حماة، وتدمير طائرتين مسيّرتين وقتل مجموعات من إرهابيي "داعش" واستعادة بلدة قرب تدمر منهم، وقتل أحد أبرز قيادات الجيش الحر في الجنوب، وقتل إرهابيين من "النصرة" في مواقع أخرى، وتدمير عربة وسيارة تقلّ إرهابيين دون تحديد الهوية، وقصف مجموعات "إرهابية" في القابون وقتل أعداد منهم، وهكذا.. في سلسلة انتصارات لا تكاد تنتهي، ولا أنكر أنني أتابع هذه الانتصارات على إعلام الأسد منذ ما قبل تسلّح الثوار، وما قبل دخول عناصر أجنبية إلى سوريا، فقد خطر لي أن أحصي خسائر أعداء الجيش السوري، إلا أن الأمر فيه من الصعوبة الكثير.

بالمقابل، بحثت عن خسائر هذا الجيش، فوجدتها لا تكاد تُذكر، فقد اعترفت إحدى صفحات التواصل بمقتل شخص أثناء تأديته "مهمة عسكرية" في القابون، ما يعني أنه لا مجال للمقارنة بأعداد القتلى بين الطرفين، لكن لفتني خبر على وسائل إعلام النظام الاجتماعية والرسمية وغير الرسمية، يقول الخبر إن مجلس الوزراء كلف محافظ طرطوس بإحداث مكتب شهداء في كل منطقة بالمحافظة لمتابعة الإجراءات التي يحتاجها ذوو الشهداء بشكل كامل وعلى كافة الصعد الخدمية.

أسفل الخبر الخاص بشهداء طرطوس كتب أحد الموالين معرّفا عن نفسه باسم "أبو علي" قائلا (بالعاميّة): "أنا أخ لشهيد مدني أستشهد من أول الأزمة ولهلق مطلعلو شي، الشهيد متزوج ولديه ولدان وأنا عم أصرف عليهن، وعندي أهلي وأفي مدخول غير شغلي أنا، يعني عم أصرف ع ثمانية أشخاص بتمنا تحكو بهالموضوع ع صفحتكن ليش عم يعملو المسؤولين هالشي هيك". 

ما سبق ليس مقدمة للتشفّي، لكنه تركيز على حالة الإنكار التي وصل إليها الخاضعون لسلطة النظام قبل النظام نفسه، وهذه الحالة ناتجة عن أمرين إما تعاطف مع القاتل بتأثير متلازمة "استوكهولم"، أو الشراكة معه مباشرة.

تقول الإحصاءات المستقاة من مواقع موالية لنظام الأسد أن منطقة جبلة لوحدها فقدت 20 ألفاً من أبنائها المقاتلين في صفوف قوات الأسد، وهذا الرقم يعني أن الشريحة العمرية بين 18 و40 باتت بين قتيل أو مصاب، فمنطقة جبلة توالي النظام بمنطقتها الريفية، فيما يعارضه سكان المدينة.

تتراوح الأرقام المتداولة لخسائر قوات النظام بين 100 و120 ألف شخص 70 بالمئة منهم من القوة الأساسية والباقي من القوة الرديفة من كتائب البعث أو اللجان الشعبية، ودون تقسيم طائفي لهذا العدد، فإن معرفة ضمنية لدى الموالين لأسباب طائفية بأنهم خسروا جيلاً من أبنائهم من أجل دكتاتور واحد وبضع "حراميّة" من عائلته وما حولها. 

خسائر النظام لا تقل شأناً عن خسائر باقي الفئات سواء من الجيش الحرّ، أو حتى الفصائل الأخرى، لكن الضريبة الأكبر هي تلك التي دفعها المدنيون وما زلوا، إذ يتعمد الأسد كلّما فقد عدداً من عناصره بقصف المدنيين شمالاً وجنوباً وفي الوسط، وكأنه يحاول ترتيب توازن ديمغرافي بقتل من لا يحملون السلاح من المدنيين.

لا أحد يعلم من كان سيحكم الأسد لو أنه انتصر، وبأي شيء سيحكم، وطالما أن "أبو علي" فضح المستور بأخيه الذي قتل منذ بداية الأحداث دون أن يلتفت أحدٌ إلى ولديه، وطالما أن حكومة خميس وضعت ضمن قراراتها توزيع مكاتب للشهداء في مناطق طرطوس، فهذا يعني أن الجماعة يعيشون تحت ضغط القتلى، ونظام يضغط عليه قتلاه هو أحوج لمن يطلق عليه رصاصة الرحمة.

وبالنسبة للانتصارات اليومية المرتبطة دائما بالمؤامرة الكونية، فلا شكّ أن عددها في تزايد، طالما أننا ننتظر مكاتب أخرى للشهداء.

غريب أمر هذا النظام الإنكاريّ.. فقد تعبت حتى وحوش الأرض منه ومن أرقامه وبياناته، كما ملّت وجه بشار وحاشيته.. ألم يحن موعد اقتلاعه ولو من باب "تغيير الجوّ".

*علي عيد - من كتاب "زمان الوصل"
(374)    هل أعجبتك المقالة (364)

Ahmad

2017-04-21

هذه مهمة على السوريين القيام بها دون انتظار هذا العالم المجرم المنافق..ماحك جلدك مثل ظفرك.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي