لم تبق طريقة تشويه للسوريين، لم يستخدمها نظام بشار الأسد خلال الثورة، فمن مندسين لتكفيريين لوهابيين فإرهابيين وعملاء، وصولاً لمتسولين، في محاولات يائسة لشيطنة الثورة والسوريين، واستعطاف العالم المتحضر للوقوف ضد "شعب إرهابي" تجرأ بعد نصف قرن من الصمت، وطالب بحريته وكرامته.
وأما أن يصل الأمر، لتشويه السوريين المقيمين بمناطق سيطرة الأسد، فربما هذه ظاهرة جديدة، قد تتعاظم تباعاً كلما ضاق الحبل على ذاق العنق الطويل، قبل أن ينتحر صاحبه بطلقات عدة، كما درجت العادة بسورية التصدي، قبيل اللحظات الحاسمة بقليل.
بداية القول: السوريون مفطورون على التسول، وفق حسابات ومنظور نظام القائد الممانع بن القائد المقاوم، بشار حافظ الأسد، بل ومتأصلة بمعظمهم هذه العادة إلى ما تحت الجلد، إلى أن غدت طبعاً وميزة فيهم، حتى لو امتلكوا قصوراً ووضعتهم "فوربس" جميعهم ضمن قوائم أغنياء العالم.
وإلا، من يبرر وجود متسولين بسورية الأسد اليوم، رغم أن متوسط الأجور والرواتب، يزيد على 35 ألف ليرة سورية "70 دولاراً" في حين لا يزيد متوسط إنفاق الأسرة عن 170 ألف ليرة.
بل وتسعى حكومة الأسد على الدوام لتأمين فرص العمل لطلابها والمتعطلين، ولم يبق من السوريين بلا عمل سوى 90% منهم.. وفوق كل هذا يتسولون!
كما أن الإلفة والرحمة والتكافل الاجتماعي بمناطق سيطرة الأسد على أشدها، فالبيوت كلها مفتوحة للمهجرين والمهدمة بيوتهم، ولا يزيد إيجار المنزل بدمشق عن 70 ألف ليرة، بل والحدائق جميعها مفتوحة للنازحين ليناموا فيها دونما أي ملاحقات من الأجهزة المختصة ...ورغم ذلك يتسولون.
ولعل الأدهى والأمرّ، أن هؤلاء المتسولين دونما أي حس وطني، إذ بسلوكهم التسولي واللاحضاري، يسيئون للسياحة ووجه سورية التنموي، وبعضهم يرسل أولاده للشوارع ربما ليساهم بالهجمة على سورية والمشاركة بالحرب الكونية على قيادتها، عبر توجيه رسائل كيدية، أن الشعب السوري جائع وفقير وعاطل عن العمل.
قصارى القول: انحسرت أعداد المتسولين إثر ملاحقتهم وذويهم، فتراجع عدد المضبوطين وهم متلبسون بجنحة التسول من 100 يومياً العام الفائت، إلى 6 قبل أيام، وفق ما كشف مصدر قضائي سوري، مؤكداً أن عدد حالات التسول التي يتم ضبطها يومياً في دمشق وريفها بلغت نحو 6 حالات معظمها من النساء برفقتهن أطفال، وأنه من خلال التحقيق مع المضبوطين تبين أن نسبة 90 بالمئة من المتسولين يمتهنون مهنة التسول على حين 10 بالمئة دفعتهم الظروف المعيشية إلى مثل هذا الفعل
واللافت إن معظم الأطفال المتسولين دون سن العاشرة، وهم يتسولون بناء على رغبة الأهل، ولذلك فإنه إذا ثبت ذلك بحق أي من والدي الطفل يتم تقديمه إلى القضاء بتهمة الإهمال، وهي عقوبة جنحوية.
نهاية القول: في سورية الأسد والممانعة، كل شيء بحساب، ولا يمكن لهؤلاء المجرمين الذين يتسولون في وضح النهار كي يأكلوا، أو يزجون بأولادهم في الشوارع ليثيروا عطف الناس، أن تمر أفعالهم دونما محاسبة وإجراء أبحاث نفسية وسيسيولوجية عليهم تبين أسباب هذا الجنوح النفسي والسلوكي والأخلاقي.
ولتكتمل دائرة علاج المتسولين، تم تشكيل لجنة "للحد من التسول" تضم جهات أهلية وحكومية، وخرج عنها توصيات من العيار الثقيل وتصلح كأطروحات لنيل الدكتوراه بالفلسفة "التنسيق اللازم مع المعنيين لوضع المصفوفة التنفيذية لنظام إدارة الحالة الذي سيتم اعتماده وتشغيله لدى وزارة الشؤون الاجتماعية لحماية الأطفال من التشرد والتسول بالتشبيك مع جميع الجهات ذات الصلة ويتمحور حول دراسة تعديل نصوص قانون العقوبات لمكافحة التسول وتشديدها وإحداث مراكز لتأهيل الأطفال واعتماد برامج موجهة لأسرهم".
وإن تطلب الأمر، ربما ترسل حكومة الأسد جميع المتسولين لتأهيلهم خارجياً، ولكن لا يمكن أن تبحث في تحسين دخل السوريين أو وقف قصف بيوتهم وتشريدهم أو حتى قتل الآباء أو فصلهم عن العمل، فالقضية على ما يبدو مبدأ وخلط الأمور ليست في طباع المنهجية السورية التي استمدت منها التطوير والتحديث سابقاً، ومنها تستمد الممانعة والصمود اليوم.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية