أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل يفتح »مؤتمر الأديان« الباب أمام لقاءات مقبلة في السعودية؟

كما بدأ مؤتمر الحوار بين الأديان، الذي اختتم أعماله في الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الأول، متمحوراً حول الدور الذي أدته السعودية في الدعوة لذلك الاجتماع، وكذلك فرص التطبيع واللقاءات المباشرة بين الملك السعودي عبد الله والرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، انتهى المؤتمر ايضا بالتركيز على هاتين القضيتين، وذلك في المؤتمر الصحافي الختامي الذي عقده الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل.


وأكد مسؤولون سعوديون ودبلوماسيون عرب، تابعوا أعمال المؤتمر، أنه لم تحدث أي لقاءات مباشرة أو مصافحات بين الملك السعودي وبيريز، وذلك على الرغم من أنه تم إجبار الصحافيين والمصورين على مغادرة قاعة العشاء الذي استضافه بان كي مون بعد دقائق فقط من السماح لهم بالتقاط بعض الصور ومراقبة ترتيب الجلوس على الطاولات الأربع التي خصصت لكبار الشخصيات من ملوك ورؤساء، شاركوا في المناسبة، بما في ذلك الرئيس ميشال سليمان.


ولكن تصريحات الفيصل، خلال المؤتمر الصحافي الختامي، بشأن رد فعله على النداء المباشر الذي وجهه بيريز إلى الملك بالعمل سوياً لتطبيق المبادرة العربية للسلام ومكافحة ما وصفه بالإرهاب، أضافت المزيد من الشكوك بأنه سيحصل تواصل قريب بين السعوديين والإسرائيليين.


الفيصل لم تبهره على ما يبدو عبارات الإطراء التي أمطر بها بيريز مبادرة الملك السعودي، ووصف رده عليها بأنه جاء »مخيباً للآمال«، وذلك بسبب الانتقائية التي تعامل بها مع المبادرة وتجاهله الأجزاء الخاصة باللاجئين والقدس المحتلة، وتركيزه على الجزء الخاص بالتطبيع والعمل المشترك. وختم تصريحه بأن »الطريق ما زال طويلا قبل أن يمكننا القول إن الإسرائيليين والعرب ينظرون بطريقة واحدة لاقتراح السلام الذي تقدم به الملك السعودي«.


ومن المعروف أن شخصيات سعودية بارزة مثل الأمير بندر بين سلطان، السفير السعودي السابق لدى واشنطن والمسؤول حاليا عن جهاز الأمن القومي، وكذلك الأمير تركي بن عبد العزيز الذي رأس جهاز الاستخبارات السعودية، لم ينفوا حدوث لقاءات مباشرة بينهم وبين مسؤولين إسرائيليين، ولكن لم يسبق أن حضر ملك سعودي مناسبة يشارك فيها رئيس إسرائيلي، أو استمع لخطاب ألقاه أمام الجمعية العامة أو في محفل آخر.


غير أن عضواً في الوفد السعودي قال لـ»السفير« عن سبب حضور الملك لكلمة بيريز، إن »المؤتمر جاء ليرفع شعار التسامح والحوار، ونحن لم نأت هنا لافتعال مواجهات، وبالتالي لم يكن من الممكن أن ينسحب الملك من الجلسة عندما بدأ بيريز في الحديث«. وكانت تقارير صحافية أشارت إلى أن سليمان قد غادر القاعة عندما بدأ بيريز إلقاء خطابه.


والى جانب الشق الإسرائيلي الذي تركز عليه الاهتمام في مؤتمر حوار الأديان، فقد كان بيانه الختامي بارزا كذلك من ناحية صدوره بموافقة السعودية. فالبيان عبر عن »قلق الدول المشاركة من تنامي حالات عدم التسامح والتمييز وبث الكراهية واضطهاد الأقليات المنتمية لأي دين«، وأكد »رفض الدول المشاركة أي استخدام للدين لتبرير قتل الأبرياء وممارسات الإرهاب والعنف والإكراه«.


وكانت صحف أميركية ومنظمات لحقوق الإنسان، ركزت قبل أيام من بدء مؤتمر »الحوار بين الأديان« على سجل السعودية المتدهور في مجال احترام حقوق الأقليات الدينية، وتحديدا المنتمين إلى المذهب الشيعي، وكذلك عدم سماحها لأصحاب الأديان الأخرى، غير الإسلام، بممارسة شعائرهم الدينية، سواء كانوا مسيحيين أو هندوس أو بوذيين بحكم أن الملايين من العمال الأجانب يقيمون في المملكة.
ويبدو أن الفيصل كان مستعدا لهذا السؤال. وقال إن »السعودية هي مركز الدين الإسلامي ومقر الحرمين الشريفين، وملكها يحمل لقب خادم الحرمين الشريفين، وبالتالي فهي مسؤولة، ليس فقط عن رغباتها، ولكن عن رغبات المجتمع الإسلامي الدولي«، معتبرا أن الانتقادات التي وُجّهت للسعودية »تتناقض مع روح المؤتمر الذي بادرنا بالدعوة له، حيث اتفقنا على أن ننحي الحكومات والأيديولوجيات جانباً، ونركز على القيم التي تجمع بين البشر.. لنبدأ عملنا ونزيد التفاهم بين الأديان، وأننا لسنا مختلفين بل متشابهون في القيم. وإذا سمحنا لذلك الحوار بالاستمرار، فإن ذلك سيسمح لنا بتغيير أنفسنا كما هو مطلوب«.


ولكن الوزير السعودي تجنب الرد مباشرة على احتمال استضافة المملكة لمثل هذا الاجتماع في المستقبل على أراضيها، لأن ذلك سيعني ببساطة دعوة شخصيات يهودية ومسيحية قد لا يسمح المتشددون في السعودية بدعوتهم. وأوضح الفيصل أن الدول التي شاركت في الاجتماع اتفقت على تشكيل لجنة تحدد بدورها مكان اللقاء المقبل وزمانه، على اعتبار أن اللقاء الذي شهدته الأمم المتحدة كان الثاني بعد اجتماع مماثل شهدته العاصمة الأسبانية مدريد في تموز الماضي بناء على مبادرة الرياض لدعم الحوار بين الأديان.


وقال الفيصل »دورنا كان في التقدم بالفكرة، ولم نكن أصحاب القرارات التي اتخذت. وعقد الاجتماع المقبل في السعودية، أو في أي دولة أخرى، يتوقف على قرار اللجنة بعد تشكيلها واجتماعها، كما أن الأمر يعتمد على قبول الآخرين كذلك بعقد هذا الاجتماع، ولكن من ناحية المبدأ، ليس هناك ما يعترض ذلك«.


وعما إذا كانت تلك الإجابة تعني احتمال دعوة الإسرائيليين إلى الرياض، سارع الفيصل بمغادرة قاعة المؤتمر الصحافي بصحبة بان كي مون، ورفض الإجابة عن السؤال.

(140)    هل أعجبتك المقالة (111)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي