أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قراءة في نتائج انتخابات بيروت والمتن ...العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم

من غباء الرئيس جورج بوش وجماعته وعبيده الكذابين نسيانهم أن الكاذب يجب أن يكون قوي الذاكرة.
فالكاذب ليس أكثر من لص يسرق عقول الناس.وحين يتخبط في أكاذيبه يهزأ ويهان وينكشف ويفتضح أمره. ويبدوا أن بوش وهؤلاء الكذابين في العراق ولبنان وفلسطين ,بات ينطبق عليهم المثل الذي يقول: من ياستمرأ الكذب, ويكذب باستمرار يصدق نفسه, ويصعب فطامه. فإن كان الصدق أول طريق السعادة ,فإن الكذب أول طريق الشقاء. وكل من بوش وبللير وعملاء العراق وتيار ما سمى بالأكثرية في لبنان والمتلطين تحت ما يدعونه شرعية محمود عباس, قطعوا أشواطا كبيرة. وهما وينهبان الأرض نهبا على هذا الطريق المرذول.ومن كثرة ما استحلوا الكذب, عسر عليهم فطام أنفسهم عنه. ولدى الفرنسيين مثل شائع يقول: من أصله طيب لا يكذب أبدا. وقد أتفق الحكماء على أن : الكاذب أحد أعداء الإنسان, لأنه مراء يتقلب مع ميول الناس. وهذا ظهر جليا حين راح الرئيس جورج بوش يدغدغ أحلام البشر وميلهم نحو نشر الحرية والديمقراطية,فافتضح أمره وتبين بأنه كذاب,وانه ألد أعداء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والشرعية الدولية والقانون الدولي. وتكرر الأمر في لبنان حين دغدغ تيار المستقبل وجعجع والجميل وباقي الشلة أحلام اللبنانيين بشعارات هم أنفسهم ألد أعدائها. فافتضح أمرهم واكتشفت أكاذيبهم. فهم لا يريدون الحقيقة, ولا يريدون أللبنان المستقل.وإنما هم طابور زج به على الساحة اللبنانية كضربة مساعدة لتأمين الاحتلال الأمريكي للعراق, وتأمين تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد,وتغطية العدوان الإسرائيلي على الضفة والقطاع,ومشروع فتنة طائفية. ومن يدقق مليا في وجوه هؤلاء الكذابين, أو يصغي إلى تصريحاتهم وخطبهم بتمعن وانتباه يكتشف أشياء كثيرة منها:
1. حديثهم المكتنز بالأكاذيب. والحديث النبوي الشريف يقول: ثلاث من كن فيه فهو منافق( والمنافق في الدرك الأسفل من النار) وهي: إذا حدث كذب , وإذا وعد أخلف, وإذا أوتمن خان. والثلاث من صفات كل من الرئيس جورج بوش وعملاء العراق و تيار ما يسمى بالأكثرية في لبنان.
2. غرورهم ,والغرور نصف الكذب. وشر الأخلاق الكذب والنفاق.وهي كل خصال هذا الطابور.
3. حديثهم المسهب عن أنفسهم وأفعالهم. والمثل الصيني يقول: أكثر الناس كذبا أكثرهم حديثا عن نفسه.
4. لجوئهم لافتعال الأحداث الإجرامية بغية استغلال نتائجها بأسلوب عاطفي لخداع وتضليل الجماهير.
5. اعتمادهم على الأكاذيب لافتقارهم الحجة والدليل المقنع لمواجهة الطرف الآخر.
إن كان الرئيس جورج بوش لم يجد من مبرر للعدوان على العراق واحتلاله سوى فبركة الأكاذيب,فإن طابور الأكثرية في لبنان لم يجد أمامه من وسيلة للوصول إلى السلطة في لبنان, بهدف معاداة سوريا. سوى فبركة ونشر الأكاذيب أيضا. ورغم أنه حقق بعضا مما كان يطمح إليه, وكذلك بعضا مما هو مكلف به من إدارة الرئيس جورج بوش. إلا إن استمراره في السطو على الحكم, والحفاظ على الأكثرية, بات أمرا متعذر في أية انتخابات قادمة. فالشعب العربي اللبناني لن يلدغ من جحر مرتين. وبات يعرف الحقيقة في كل أمر. وقد جاءت الانتخابات اللبنانية الفرعية الأخيرة بتاريخ 5/8/2007م لتثبت:
• حنكة وحكمة غبطة البطريرك نصر الله صفير حين رفض زج بكركي بشكل سافر في الانتخابات لصالح طرف ضد طرف آخر. وبقي غبطته على مسافة واحدة من كل الطوائف والمذاهب وباقي الأطراف. وحذر من التلاعب باللغة والكلمات والألفاظ كي لا تقود إلى تشويه الأفكار الحقيقية وتعميق الخلاف, كي لا تفلق طريق الحوار والخلاص.وهذا التصرف من غبطته قصد منه أن ينزع الغطاء عن كل من يتذرع بأنه مغطى منه ,أو من يعتبر نفسه يعمل تحت خيمته. فغبطته يعرف أن الدين المسيحي كالإسلامي يمقت الكذب ويحرمه ويدين الكذابين. وعلى قناعة أيضا أن الرياح في العالم ولبنان وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية. باتت تجري بما لا يشتهي الكذابين والخونة والعملاء وإدارة جورج بوش والصهيونية وإسرائيل وأنظمة العمالة والفساد.
• ولم يحالف الصواب سماحة الشيخ محمد رشيد قباني حين زج بنفسه وبدار الفتوى لصالح الكذابين كتيار المستقبل وما يسمى بتيار الأكثرية, وزرعه لبذور الخلاف بين المذاهب الإسلامية, وحتى داخل الطائفة السنية. ورغم كل جهوده و والتي ترافقت مع الأسف جهود الرشوة والاستلزام والمحسوبية وشراء الأصوات, والضغوط التي مارستها بعض الأنظمة بحق أبناء الطائفة السنية الذين يعملون في بلادهم لتحصيل لقمة العيش, إلا أن الطائفة السنية لم يتعدى تصويتها في أحسن المراكز 40%. وهذا معناه صفعة من الطائفة السنية لمن يدعون أنهم حماتها. وكأنها تقول لهم بصريح العبارة : لم تكن الطائفة السنية في يوم من الأيام طائفة عميلة, وما كان حماتها في يوم من الأيام رموز فساد وعمالة, أو متهمون بقضايا آداب وأخلاق في باريس وغيرها من العواصم العربية والأجنبية ,أو عبيد ورقيق لبعض أنظمة التواطؤ ولو كانت هذه الأنظمة غنية وبدفع الرشاوى سخية. والمؤسف تطابق موقف سماحة المفتي مع مواقف قوى الأكثرية والإدارة الأمريكية وصمته وصمتهم عما ترتكبه من جرائم وموبقات وإرهاب في العراق. وتأييدهم احتلالها الغاشم للعراق, وزج أبنائه في السجون والمعتقلات.
• صدق وإخلاص قوى المعارضة حين أعطت الانتخابات طابعها الوطني وطابعها السياسي والديمقراطي. ودخلتها بلونها الوحيد والمعتاد وهو الحفاظ على استقلال لبنان ومحاربة الفساد, وكشف الحقيقة, وتحديد وتوصيف صحيح وواضح للأعداء والأصدقاء, مع توصيف كامل لمصالح لبنان وحدود مصلحته. ودخولهم الانتخابات بتاريخهم وسجلهم الذين يفخرون بنظافته . دون الاعتماد على المال السياسي ودعم الدول الكبرى, أو استجداء العديد من الأنظمة.
• غباء قوى الأكثرية حين دخلت الانتخابات على طريقة الرئيس جورج بوش وصقوره ومحافظيه من خلال فبركة الأكاذيب وترويجها. وبمشروع يخلط بين الدين والسياسة والأصولية والعلمانية ويمزج بين الإقطاع والمال السياسي والرشوة والترهيب والترغيب والتخويف وقيم الحرية والديمقراطية. معتمدين بث الخوف والرعب والقلق بين الطوائف اللبنانية, وحتى في نفس كل مواطن لبناني. واستعداء طائفة على طائفة, وحتى بين المذاهب في الطائفة الواحدة. وبطابور من الزعامات تاريخها مشبوه أو عميل, أو غارق حتى أذنيه في الحرب الأهلية, وارتكاب المجازر الشنيعة, أو له ارتباطات مريبة مع أنظمة العمالة والخيانة والفساد, وحتى مع إسرائيل, أو فاسد في أحسن الحالات.
• التناقض الفاضح في خطابات قوى الأكثرية حتى فيما بينها. ففي الوقت الذي كان البعض يخوف السنة من الشيعة, كان البعض الآخر يخوف المسيحيين من السنة, ويعتبر أن منصب رئيس الجمهورية همش في مؤتمر الطائف, في نفس الوقت الذي يطالبون فيه بتنفيذ أتفاق الطائف, وأنهم ملتزمون به. والمضحك هو لجوء بعضهم إلى توظيف الطائفية , واستجداء وتسول كسب صوت الناخب اللبناني على أساس طائفي وحتى ماروني بأساليب ينفر منها العقل السليم, وكل لبناني.
• سعي المعارضة لإحلال الشرعية وسلطة القانون ونزاهة القضاء واستقلاليته في الدولة اللبنانية. وسعي قوى الأكثرية لتحويل لبنان إلى مزارع للطائفية والإقطاع والمال السياسي والزعامات التقليدية, وكذلك قواعد عسكرية ومقرات قيادة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية وبعض الدول الغربية, ومركز تآمر على قوى المقاومة والقوى الوطنية ودول الصمود والممانعة.
باختصار واضح كانت نتائج الانتخابات اللبنانية صفعة كبيرة ومؤلمة للإدارة الأمريكية وإسرائيل وتيار الأكثرية وللعملاء في كل مكان. وكشفت عن فضائح جديدة لإدارة الرئيس جورج بوش. وبددت أكاذيبه التي يتذرع بها بنشر الحرية والديمقراطية. وكشفت غباء نخبه وجهلهم بكل شيء. وخاصة حين راح نسيب لحود يحدد الطرق الواجب سلوكها من قبل الأرمن. وأندفع آخر ليعلن أن المطلوب من بعض الطوائف ممارسة حق الانتخاب دون حق الترشيح. فظهر جليا للعيان أن زعماء الأكثرية أشبه بفرقة تشدوا بالأكاذيب وبحملات التجني على الوطنيين والأحرار وعلى أنغام الحرب الأهلية, وألحان إسرائيل والإدارة الأمريكية.
مهما جال وساح المحللين السياسيين والإعلاميين في استقراء نتائج الانتخابات في بيروت والمتن وجلهم منحاز لطرف ضد طرف. فالتحليل الوحيد الذي يمكن قراءته والذي يجانب الصواب إنما يمكن تلخيصه بما يلي:
كانت الانتخابات هزيمة جديدة لإدارة الرئيس جورج بوش وإسرائيل.و فضيحة مدوية لما بات يسمى بتيار الأكثرية الذي يمتهن الكذب ويروج الأكاذيب. وثبوت بالدليل القاطع أن بعض السفراء الذين تدعم حكوماتهم تيار المستقبل. يرفعون تقارير كاذبة عن الوضع الحقيقي في لبنان يمالئون فيها حكوماتهم, كي لا يفقدوا مناصبهم. وهم بذلك كذابين. وأنه لا مفر من طرد هؤلاء السفراء أولا كالسفير فيلتمان, والتعامل مع المعارضة بأريحية ثانيا. ولو كان هذا النهج موجع ويناقض سلوكهم المتبع منذ عقود. والإقرار بشعبية العماد ميشال عون والتعامل معه على أساس أنه الرئيس المقبل الذي يملك تنفيس الاحتقان, وتبديد التوترات. وأنه القادر على الإبحار بالسفينة اللبنانية إلى شط الأمان. ورابعا إجبار فؤاد السنيورة على الاستقالة بغية توفير الأجواء لتشكيل حكومة وحدة وطنية تمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية. والتعامل مع الرئيس أميل لحود بموضوعية حتى انتهاء ولايته الرئاسية. والتسليم بأن امن لبنان من امن سوريا , فلكل منهما خاصرة متجانبة مع خاصرة الآخر. وأخيرا بذل الجهود الحثيثة لإنجاح طاولة الحوار, وحث الأطراف على التعاون والتسامح وطي صفحة الشقاق والخلاف. ورفع الغطاء عن ما يسمى بقوى الأكثرية, ووقف كل دعم مادي ومعنوي لها ولأطرافها. واعتبارها ظاهرة صوتية قفزت إلى السلطة من خلال حادث إجرامي مروع.وظاهرة مرضية وشاذة يجب أن لا تتكرر.
وإلا فأنهم سيخسرون مصالحهم ويصيبهم ما أصابهم ويصيبهم في العراق. فالوقت بات ضيق ويحتاج لاتخاذ القرارات بسرعة كي لا يدفعوا ثمن جهل وغباء وحماقة غيرهم. وكي لا يجدوا أنفسهم يقفون على الأطلال يبكون وينحبون ما سيندثر من المصالح والسياسات والعلاقات والروابط. فالشعب اللبناني لن يسمح للعملاء في لبنان بإنجاز ما عجز عن تحقيقه العملاء في العراق أو في أي مكان. ولن يسمح أن يكون لبنان ساحة للتآمر على شقيقاته وأشقائه العرب وباقي الدول. ولا أن يكون مقر تحشد وعبور للعملاء إلى الجسم العربي. فما يضر ويؤذي لبنان يضر ويؤذي سوريا. وما يضر العراق أو أي بلد عربي آخر يضر ويؤذي سوريا ولبنان.
الخميس 9/8/2007م
البريد الإلكتروني: [email protected]
: [email protected]
: [email protected]

(145)    هل أعجبتك المقالة (142)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي