أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حلوم ... مرهف مينو

 ... ماتت حلوم وهي تناهز الثمانين لم تكن قد تزوجت , حلوم- وكما درجنا على تسميتها  في القرية

"ولا أعتقد أن هذا اسمها الحقيقي فقد كنا دائما في القرية ننادي الأشخاص بألقابهم وليس بأسمائهم.. حمود الأقرع حسن الشنان وصطيف المنجعي "

من أجمل البنات في القرية أحبت حسن الدنان , كان يأتي إلى القرية جارا حماره وراءه محملا بكل ما يبعث الفرح إلى القرية من الإشاربات الملونة الى الأساور التقليد نزولا إلى صابون الغار وعلب الكحل العربي

 لم تكن قصة حلوم معقدة ولم يكن موت حسن معقد ... علقَ حمارُ حسن في السكة الحديد فجاء القطار ودهس الاثنين

هكذا بكل بساطة, كبساطة سقوط المطر ومجيء الخريف وهبوب الريح على أراضي قريتي الشبه قاحلة

منذ ذلك الحادث أصبحت حلوم لا تطاق... رفضت الزواج وعاشت وحيدة بعد أن مات أبواها وذهب إخوتها إلى المدينة..

 تستيقظ في الصباح الباكر حتى قبل أن يتكوّن الندى على الأوراق تضع إبريق المته على الموقد وتذهب لحلب الأبقار

ثم تضع كرسيّ القش العتيق على الباب وتشرب المته حتى تبدأ قريتنا بالنهوض عندها كنت تسمع حلوم

كانت تشتم كل شيء لم يسلم من لسانها أحد تسب المختار والآغا وقائد المخفر وتسب الترينات

- الله يلعن أبو الترينات واللي اخترع الترينات واللي يركب الترينات

شاهدتها  مرة عندما زرت القرية لأبيع آخر قطعة أرض أملكها كانت تجلس على باب البيت على كرسيها العتيق لم يتغير فيها شيء .

اقتربت منها وحييتها رفعت رأسها عن الأرض ظننت بادئ الأمر أنّها نائمة نظرت إليّ بتمعن وسألتني بلهجتها الغاضبة:

- انت تبع مين ولك ؟

- له يا خالة حلوم لم تعرفيني؟

- ولك طققت روحي ... انت تبع مين؟

- أنا ابن ميهوب الزهار

بدت كأنما لم تتذكرني.. ولكنها نظرت إلى السماء وأردفت :

- ولك انتي اللي أخوك مات بأستراليا؟

- ايوه أنا أخو سعد .. الله يرحمه

- هلق تذكرتك وتذكرت أبوك ... ولك الله يرحم أمك كان ع طول معذبها وكان يهددها انه يتزوج عليها بس أنا ما خلّيت عليه مسحت فيه ساحة الضيعة كلها على كل حال كل شي راح ومضى ... ولك يا ابني الله يلعن استراليا كان أخوك متل الوردة ... متل حسن .. الله يلعن أبو الترينات

وعادت ونظرت إلى الأرض .. والآن ماتت علمت هذا من ابن عمي عندما جاء لزيارتي .. ماتت ببساطة وبدون ضجة على باب بيتها ..

يقولون إنّها ظلت يومين كاملين على الكرسي ولم يحسّ أحد بموتها .. بموت حلوم ماتت في ذاكرتي سنديانة من سنديانات قريتي العتيقة.

(145)    هل أعجبتك المقالة (145)

amer M

2007-08-09

انت غريب ومتنوع ومثير للدهشة الفرق شاسع بين حلوم ومطر وتراب والبقية استغربت ان القصة خالية من رائحة النساء لماذا ؟.


أمل

2007-08-09

لوحة جميلة. الحوار ينبض بالحياة والواقعية والصدق والبساطة..


وسام

2007-08-09

حلو اننا نفرح و نحزن و بالآخر نحس إننا من ضيعة حلوم الله يرحمك يا حلوم . . . ويا حسن ... و الله يلعن ابو الترينات ................


إنانا

2007-08-10

ما بعتقد انسانة متلها كانت بتتمنى انها تموت موتة غير هالموتة هيك بسلام بهدوء و لابعتقد حتى هي كانت بتتمنى انها تكون رمز لاي شي بس الغريب عنجد انو شمعنا نحنا كل ما قرفنا حياتنا وعص علينا الجرح بنسب كماني عالاغا و قائد المخفر و...و...ز وهلا كرمال حلوم بنلعن بي الترينات..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.


الياس جرجوس

2007-08-24

الحضارة و مرهف و ركب قطارنا المتوقف و تبقى انت ويبقى السنديان .....وخيبة الحمار أنه علق على السكة..


قارئة

2007-11-04

كتاباتك جميلة ولكنها في كثير من الأحيان أشعر وكأنها تحاكي الواقع أو بالأحرى مستمدة من صميم الواقع لما ألا تحب الخيال أو الحديث عن نفسك ككاتب وليس كشخص ضمن القصة.


التعليقات (6)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي