أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السارين لا يكفي .. علي عيد*

من ضحايا الغاز في "خان شيخون" - ناشطون

تابعت صور ضحايا الغاز السّام في خان شيخون، الأطفال بشكل خاصّ كانت وجوههم تحمل سؤالاً واحداً، وملايين الاحتمالات، لماذا نموت؟.

الموت خنقاً لا يحمل جلال الدّم، مع أنه موجع أكثر، غالبا ما يترافق الموت بالبارود أو حتى بالسكاكين مع عويل وصراخ، مع رعب في العيون، ألم تلاحظوا حتى الأغنام حين تساق مع بعضها للذبح كيف تكون مشدوهة، وكيف تفرز عيونها مشاعر الحزن في قلوبنا نحن البشر حتى ولو كنا نحن من يحمل سكاكينها.

الموت خنقاً، ما أبشعه من قتل، وكم هو خسيس من يقرر أن يقتل الآخر ويحرمه ميزة الصراخ، حتى أن ذلك الطفل الذي فتح يديه فتيبستا وكأنه يسأل الله عن هذا الموت، ربما لم يتح له أن يكمل السؤال.

في بلادنا التي تحولت إلى سرّة العالم لم يعد للحزن معنى، ألا تلاحظون أن معظمنا بات ينتهي بذبحات قلبية دون مقدمات، كم هو باهت أن نمضي هكذا، نتفرج على جثثنا هامدة في أجساد أطفال غضّة ونظيفة.

ست سنوات ونحن لا نعرف من نخاطب.. عندما يكون الخصم عدميّاً فنتيجة المعركة مع هذا الخصم هي صفر للجميع، إذ عادة ما تنتهي المعركة بموت الخصم برصاصة واحدة، فيما تتكدس جثثنا في المقابر، وتتمزق أرواحنا على مفارق الهجرة والغرق وبلاد اللجوء والمهاجر والمصحّات النفسية والعقلية. 

مخطئ من يقول إن المعركة لم تكن ضرورة للخلاص، ومخطئ من كان يعتقد أن نظاماً فخّخ حياة الناس وأحلامهم بالنار والعسكر والجواسيس واللصوص سيترك هذا العالم يمضي دون أن يفجّره بصواعق أخفاها خمسين عاماً في كل مكان، حتى في أفواه المثقفين ورجال الدين.

وأنتم تشاهدون التسجيلات المصوّرة لضحايا الغاز في "خان شيخون"، لا تنسوا ضحايا غاز الغوطة، فقد اشتهوا بعض الشهيق في حلوقكم، ولا تنسوا غرقى الدم والبحر من عمران إلى إيلان، فهؤلاء أيضاً ابتلعوا صراخهم ماء بحر مالح، ولعلي أذكركم بعدها بمن صرخوا كثيراً في الأقبية والمعتقلات والسجون، بمن ماتوا تحت التعذيب، وبمن يشتهون الموت في ذات المعتقلات هربا من التعذيب.

بماذا أذكركم أيها السوريون.. لعلّي أضع الملح على جروحكم، وأنا أهرب من وجداني المنهك بالكلمات، لعلي أكثركم حظّاً فأنا أب لطفلين، خشيت أن يشاهدا اليوم صور أطفال "خان شيخون"، خفت على طفولتهما، وخفت ألا يشاهدا إخوة لهم فيضيع الدّم حتى ولو أنه لم ينزف.

كنت أتساءل بيني وبين نفسي، لأي شيء يمكن أن يصبح شخص قاتلاً من هذا المستوى، لمالٍ أم لحقدٍ أم لكرسيّ، وقلت بعدها كيف يمكن لبشر أن يصفق لقاتل، أو أن يتقبل صورته معلقة على أبنية شوارع يجتازها صباحاً وهو يعبر ليجلب خبز أبنائه في شوارع دمشق مثلاً.

ترى ماذا يحمل قائد طائرة السوخوي غير صواريخ الكلور والسارين، إذ لا يفعلها بشر يعرف أن تحت الأسقف أطفالاً نائمين، وفي الحارات آخرون يرتعون، لا يفعلها إلا شخص تم قتله بحقنة حقد قبل أن يركب خلف قمرة الطائرة.

لست حزيناً .. فأنا لا أملك ما يؤهلني للحزن .. أنا أتفاعل مع الضحايا مثل ضحية بل أكثر، أنا فقط أريد أن أعرف فقط إن كان السارين كافياً لأتحقق من موتي .. من موتنا .. فقط لأتحقق .. فنحن منذ أن بنينا وطناً مع الأوغاد اكتشفنا أننا كنا نسلّم حجارة بيوتنا ليبنوا متاريسهم وقصورهم... اكتشفنا أنّنا أبرياء وضحايا على مستوى يفوق الجريمة.

* من كتاب "زمان الوصل"
(178)    هل أعجبتك المقالة (177)

محمد علي

2017-04-05

عزائي لك استاذ علي شخصيا و عزائي لكل السوريين الشرفاء و ندعو الله ان يصبرنا على مبتلانا و يرحم شهدائنا باذن الله . رسالتي للجميع بانه لا وقت للحزن و البكاء لانه هناك وطننا يحتاج لتحرير و طرد الغازي و المحتل بل قتله ،،، بعدها لكل حادث حديث ، اما الان يجب ان نلتف على بعضنا نحن السوريين العرب السنة و نساند بعضنا البعض حتى ياتي التحرير و النصر باذن الله ،،، يجب ان لا نخدع انفسنا و نعترف بان لا احد يقف معنا لا صديق و لا قريب و لا مسلم او غير مسلم ..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي