كما قدر لها أن تكون، وكما هي العادة جاءت قمة البحر الميت العربية لتؤكد على الثرثرات التي يسمعها صغار العرب وكبارهم يومياً من شعارات الوحدة، والتمسك بمبادئ وأهداف ميثاق الجامعة، وبحث التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي، وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها بما يحفظ وحدة بلداننا العربية وسلامة أراضيها.
وفي نفس الوقت تتساقط العواصم العربية واحدة تلو الأخرى بيد إيران، وترفع كل أعلام العالم على الأرض السورية، ويزداد فقراء العرب ومشردوهم وقتلاهم.
بالأمس سقط رئيس لبنان، وحاكم دبي كأول تباشير القمة ونذرها، وضحك المواطنون العرب من المحيط إلى الخليج على بلائهم فشر البلية ما يضحك، وأما الساقطون فتابعوا خطاباتهم وأكاذيبهم كأن شيئاً لم يكن فهم اعتادوا السقوط والمهانة.
بالأمس نام في كرسيه صباح الأحمد وعبد ربه منصور هادي ومحمود عباس ورئيس جيبوتي، واستفاقوا على تصفيق حادٍ يعلن فيه العاهل الأردني نجاح القمة، والكراسي بخير.
بالأمس قبّل السيسي وسلمان ذقون بعضهما، وتبادلا الابتسامات عربون مرحلة جديدة من المال مقابل المواقف، والنفط مقابل السيادة، وبيان إدانة مزدوج لدور إيران في المنطقة، وتركيا في العراق.
أما أجمل الزعماء فأولئك الموتى المعاقون... بو تفليقة غط في نوم عميق على كرسيه المتحرك في الجزائر فيما قابوس في قصره العظيم يمارس ما استطاع من أحلامه السرية بعيداً عن هموم الشعوب وثرثراتها.
نص البيان الختامي للقمة أكد على مركزية قضية فلسطين بالنسبة للأمة العربية جمعاء، وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، وفي نفس الوقت أكد القادة العرب على تمسك والتزام الدول العربية بمبادرة السلام العربية كما طُرحت في قمة بيروت عام 2002، وعلى أن السلام العادل والشامل خيار استراتيجي...ولم ينسوا دعوة الدول العربية لزيادة رأس مال صندوقي الأقصى والقدس بمبلغ 500 مليون دولار ودعم موازنة فلسطين لمدة عام تبدأ في 1نيسان/ أبريل/2017 وفقا لآليات قمة بيروت 2002.
في بيانهم المكتوب سلفاً لم ينسَ النيام الحكام إدانة جميع أعمال الإرهاب وممارساته بكافة أشكالها ومظاهرها وأيا كان مرتكبوها وأياً كانت أغراضها، والعمل على مكافحتها، واقتلاع جذورها وتجفيف منابعه المالية والفكرية...إدانة ترضي أسيادهم في الغرب، وتظهرهم كجزء من العالم الحر الذي يحارب الإرهاب على الأرض العربية التي يحكمونها.
الأمر الأهم نسي النيام أكبر مجزرة ترتكب بجوار قصورهم اللعينة، ومأساة ملايين السوريين الموزعين بين قتيل ومعتقل ومهجر...غابت سورية عن البيان سوى فقط في فقرة تكليف مجلس الجامعة بوضع آلية محددة لمساعدة الدول العربية المجاورة لسوريا، والدول العربية الأخرى المضيفة للاجئين السوريين وفق مبدأ تقاسم الأعباء بما يمكنها من الاضطلاع بالأعباء المترتبة على استـضافتهم.
أما الحل فرأى كتلة القادة هؤلاء التأكيد على الموقف الثابت بأن الحل الوحيد الممكن للأزمة السورية يتمثل فـي الحـل السياسي القائم على مشاركة جميع الأطراف السورية، بما يلبي تطلعات الشعب السوري.
صباح الأحمد عبر بلكنة الرعيان عما يجول في أعماق قادة الأمة العجائز في أن وهم الربيع العربي أطاح بالأوضاع الأمنية والاقتصادية في دول عربية، وهو كلام واضح على ترك الشعوب وتحديداً السوري ليواجه مصيره مع القتلة.
القادة الموتى عبدة الكراسي نسوا في بيان العار والعجز مذابح الموصل وحلب وحماة وإدلب وشرق دمشق، وركزوا على الإرهاب، والسلام مع إسرائيل...كانت قمة ناجحة بامتياز حيث لم يخرج الموتى عن أدوارهم.
*ناصر علي - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية