"أنس عبد السلام" من مدينة درعا هو الاسم الحقيقي لمعتقل نجا من جحيم نظام الأسد وخرج ليروي للعالم بأن في سوريا عالما آخر تحت الأرض مجهولا مليئا بأقبية الموت والرعب، حيث تحول المعتقلون إلى أرقام تنتظر أدوارها في عداد الموت.
من هذه الأقبية خرج "أنس ليكشف ما رآه وسمعه في فرع التحقيق التابع للمخابرات الجوية في مطار المزة العسكري الذي اعتقل فيه أنس بداية عام 2013 بعد اعتقاله على الحدود الأردنية السورية من "المخابرات الجوية".
*الزنزانة رقم (5)
بدأ أنس حديثه لـ"زمان الوصل" عن الزنزانة رقم (5) التي كانت التي ما تزال صورة جدرانها تلاحقه قائلا "بعد اعتقالي على الحدود السورية الأردنية تم نقلي إلى فرع التحقيق في المخابرات الجوية وإيداعي الزنزانة رقم (5)، وهي زنزانة جماعية ضيقة بقيت فيها حوالي 9 أشهر أمضيت أكثرها واقفا على قدمي بسبب كثرة المعتقلين بداخلها، حيث وصل عددهم لحوالي 40 معتقلا في مساحة لا تتجاوز 6م2.
*جريمة في الصالة الرياضية
يقول المعتقل السابق "تم نقلي إلى صالة كبيرة جماعية تسمى صالة الأجنحة أو الصالة الرياضية، وتقع قرب مهبط الطائرات في مطار المزة العسكري، فعندما فتح السجان الباب وأدخلني إليها وقفت مذهولا لهول ما رأيت غير مصدق ما تراه عيني حتى خلت نفسي بكابوس يراودني في زنزانتي السابقة".
وأضاف "كانت الصالة ممتلئة بالكامل، تغص بأكثر من 700 معتقل بينهم الكثير من كبار السن والأطفال والمرضى والجرحى من التعذيب والضرب الذي تعرضوا له من قبل عناصر الأمن، كان جو الصالة خانقا بسبب عدم وجود أي منافذ للتهوية فيه، ما سبب وفاة الكثيرين بسبب الاختناق والأمراض وتقيح الجروح وسوء التغذية والجوع والحرمان من النوم والقهر الذي كان سببا في موت الكثير وخصوصا من كبار السن".
وكشف عبد السلام أن المخابرات لم تكتفِ بتعذيب وإذلال المعتقلين، بل جلبوا إلى الصالة إثنين من "أخطر المجرمين الموقوفين بجرائم المخدرات م حمزة الديري ومهند كحيل، استقدموهم من سجن عدرا ليكونوا رؤساء على المعتقلين داخل الصالة، حيث كانت لهم الكلمة الأولى والأخيرة حتى باتوا يقررون من يجب أن يعيش ومن يجب ان يموت منا.
"كحيل"، المعروف بـ"أبو باسل" في مسقط رأسه "معضمية القلمون"، أما "الديري الذي ينحدر من درعا ويسكن في "برزة" بدمشق، مارس كلاهما كل أنواع الاضطهاد بحق المعتقلين من ضرب لكبار السن بأكبال الكهرباء وغيرها من أدوات التعذيب كالعصي التي كانوا يطلبونها من السجانين والاستيلاء على الطعام وحرمان المعتقلين منه والتبول عليه أحيانا، حسب "عبد السلام".
ويستذكر قائلا "أكثر ما كان يؤلمني ومازال حيا في ذاكرتي وتمنيت لو مت وأصبحت نسيا منسيا ولم أره وأشاهده في ذلك المكان، هو الاعتداء الجنسي واغتصاب الأطفال الذي كان يقوم به "كحيل" و"الديري" بشكل مستمر وأمام ناظر جميع المعتقلين في المهجع وعناصر الأمن وضباط الفرع".
وأوضح أن من بين المعتقلين أطفالا من داريا والمعضمية تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاما، كان "كحيل" و"الديري" ينتقوهم من بين المعتقلين ويعتدون عليهم جنسيا في زاوية المهجع وسط صمت قاهر ومؤلم من باقي المعتقلين، لأن الاعتراض أو مجرد الإيماء به على تصرفاتهم قد يدفع صاحبه ثمن ذلك حياته.
ويروي "عبد السلام" ما حصل مع أحد المعتقلين ويدعى "محمد شتيوي" من مدينة درعا، الذي طرحه "كحيل" و"الديري" أرضا بعد أن أوسعاه ضربا وهو يتوسل لهم أن يتركوه ليعود لأولاده الأربعة، إلا أن صرخات "شتيوي" لم تحرك ضمائرهم ولم تثر شفقتهم، فربطوا عضوه الذكري بحبل طلبوه من أحد السجانين وسحبوه منه داخل الصالة حتى انتفخ من أسفله وتركوه يتخبط في آلامه حتى سلم الروح وتوفي، وانتهى المشهد المفجع بأن طرق أحدهما الباب للسجان قائلا "سيدي في واحد مات وفطس".
*الادعاء ضد "الجوية"
وختم "أنس"، الذي يقيم حاليا في ألمانيا أن ما تعرض له خلال سنة ونصف من الاعتقال وما شهده في فرع التحقيق في المخابرات الجوية في مطار المزة العسكري، رواه لإحدى لجان منظمة (هيومن رايتس واتش)، مؤكدا أنه اليوم بصدد الادعاء على ضباط جهاز المخابرات الجوية أمام القضاء الألماني بعد إعلان عدد من المحامين السوريين والمنظمات الحقوقية في ألمانيا نيتهم مقاضاة عدد من ضباط المخابرات والأجهزة الأمنية في نظام الأسد المسؤولين عن قتل وتعذيب الآلاف من السوريين داخل فروع الأمن التي احتجزوا وما زالوا يحتجزون في أقبيتها المظلمة بها مئات الآلاف من السوريين على مدى ست سنوات ويعرضونهم لشتى أشكال التعذيب الجسدي والنفسي والإعدام القتل الممنهج كما ذكر التقرير الأخير لمنظمة العفو الدولية.
عروة السوسي - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية