أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

على هامش معركة دمشق.. حسين الزعبي*

أرشيف

تسمر السوريون بمؤيديهم ومعارضيهم خلال اليومين الماضيين أمام شاشات التلفزة وغرقوا في متابعة المواقع والصفحات الإخبارية عبر وسائل التواصل من "فيسبوك" و"تويتر" و"تلغرام" وغيرها، بحثاً عن أخبار تتعلق بتطورات المعارك على جبهة دمشق الشرقية.

ويبدو أن "الحال" أخذ بعضهم فراح يتحدث عن هرب بشار الأسد، وآخر عن إطلاق نار في القصر الجمهوري وثالث عن انغماسين اقتحموا حي التجارة ويتابعون طريقهم باتجاه بناء "برج الروس". 

ما سبق وبغض النظر عن صوابية المبالغات في مثل هذه الحالات من عدمها، هو شكل من أشكال التعبير عن الأمنيات، فمن أطلق هذه الشائعات، ونأخذها هنا على حسن النية، كان يعبر عن أمنياته، وأمنيات ملايين السوريين الذين يعرفون أن لا خلاص إلا برحيل الوريث القاصر، وهذا الخلاص إن كان عسكرياً فهو حتماً سيكون بدمشق وليس في بلدة "بقرص تحتاني" بريف دير الزور أو "خربة قيس" في الجولان ولا حتى "آفس" في إدلب.

ولا أعتقد أن اثنين يختلفان على هذه الحقيقة، إلا إذا تحدث أحدهم عن طرح جبهة الساحل كخيار باعتبارها الخزان التشبيحي الأكبر للنظام، مع التأكيد على أن حالة التشبيح للنظام وغيره حالة موجودة على كامل الجغرافية السورية من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال.

منذ العام 2012 وعندما أخذت الثورة مسارها العسكري وأنا أسأل نفسي كيف سيهتز القصر الجمهوري في دمشق جراء السيطرة على مخفر شرطة أو وحدة إرشادية في بلدة ما تبعد عن دمشق مئات الكيلومترات أو حتى عشرات الكيلومترات، وكلما طرحت السؤال في جلسة ما أو في حديث مع صديق يؤكد أن ذلك قد يكون له تأثير ما ولكن لا يذكر، لأكتشف أن الجميع، والجميع هنا تعني الجميع، يدرك ويعرف أن النظام عسكريا لن يسقط إلا في دمشق، بل ويدللون على ذلك بالتجربة الليبية حيث بقي النظام وبقي معمر القذافي رغم أن كامل ليبيا سقط بيد الثوار باستثناء "باب العزيزية" حيث القصور الرئاسية.

لاشك أن الحديث عن معركة في دمشق يعني من الناحية العسكرية الإعداد القوي وتوفير خطوط الإمداد والاستعداد لمعركة طويلة تحتاج آلاف المقاتلين ممن هم مستعدون للتضحية بأنفسهم، وقد لا تنفصل أي معركة وجهتها دمشق عن الرغبات السياسية الإقليمية والدولية التي تعي أن دمشق مقتل النظام، والداعمون يرون كذلك أيضا، وقادة الفصائل في كل سوريا يعرفون ذلك أيضا، بل حتى ثوار "حماية حقوق الياسمين" يدركون ذلك.

في العام 2013 استضافت واحدة من الفضائيات السورية المعارضة المتحدث باسم أكبر الفصائل العاملة بريف دمشق، وكان الحديث يومها عن فتح جبهة دمشق، ومما قاله الرجل إن فصيله لديه "بنك أهداف في العاصمة بانتظار اللحظة المناسبة"، خسر الثوار داريا ومعضمية الشام والزبداني والمليحة ووادي بردى وكافة الأحياء الجنوبية وصولا للسيدة زينب ولم تأت تلك اللحظة.

من السهولة أن يقول أحدهم إن من يتحدث وهو بعيد عن ساحة القتال لا يحق له الحديث عن المعارك، ومن السهولة أيضا الجواب بالقول يحق لمن يتعرض لقصف النظام ليل نهار في شمال سوريا وجنوبها وصولا إلى أحياء القابون وبرزة وجوبر التي كانت من أهم ساحات الثورة السلمية أن يقول لحامل السلاح إما أن توجهه إلى حيث الهدف الصحيح أو أن تضعه جانباً وهذا الكلام لكل الفصائل على امتداد الجغرافية السورية، ولكن حتى لا نبدو كمن يقاتل ويتحاشى الضرب على الوجه، قيامة النظام لن تكون إلا في دمشق.

وعلى هامش المعارك الجارية في أحياء دمشق الشرقية، خرج علينا من يزاود بحب دمشق وكأن دمشق "مطوبة" باسمهم، وليست عاصمة لكل السوريين. 

الخلاصة، لا حرب بدون خسارة والخسارة تتفاقم يوماً بعد يوم حتى باتت دمشق مرتعا للشاذين من معممي قم وحسينياتهم من أفغانستان إلى الضاحية الجنوبية في بيروت، وبات التهجير يتهدد سكان أحياء دمشق الشرقية، أليست هذه الأحياء دمشقية؟ ألا تتعرض يوميا لعشرات الغارات وعشرات الصواريخ والقذائف المدفعية؟!.. إن من يبتعد عن دمشق يريدها ذليلة ومن يقترب منها ويوجع النظام فيها، يريدها أن تبقى "دمشق يا ذا السيف".

*من كتاب "زمان الوصل"
(175)    هل أعجبتك المقالة (174)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي