تؤكد تقارير سورية ودولية، أن نظام بشار الأسد حول سوريا إلى مأساة العصر، بعد أن تراجع الناتج المحلي الاجمالي من 60 مليار دولار عام 2010 إلى أقل 27 مليار نهاية عام 2016 وزادت ديون سوريا الخارجية المعلنة عن 11 مليار دولار بعد تصفير الديون قبل الثورة كما قال صندوق النقد العربي.
وزادت بالوقت ذاته، خسائر الحرب الاقتصادية عن 275 مليار دولار، كما أورد تقرير سوري رسمي، لتكلل الخسائر بأكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث، بعد أن زادت نسبة الفقر عن 80 % والبطالة عن 70 % بحسب خبراء سوريين.
وتراجع سكان سوريا من 20.87 مليون نسمة في 2010 إلى نحو 17.65 مليونا في آخر العام الماضي.
*خسائر ومؤشرات رسمية
كشف تقرير رسمي صادر عن الاتحاد العام لنقابات العمال بسوريا، نهاية العام الفائت، أن خسائر الحرب فاقت خسائر الحرب العالمية الثانية وبلغت 275 مليار دولار.

وأشار تقرير اتحاد العمال بدمشق، الذي استند إلى التقرير المشترك "للاسكوا والمعهد الملكي للشؤون الدولية" إلى تراجع المؤشرات المادية ومعدل النمو الاقتصادي إلى حد النمو السلبي في بعضها من خلال تراجع الناتج الإجمالي المحلي خلال السنوات الخمس بأكثر من 55 % من حوالي 60 مليار دولار إلى حوالي 27 مليار دولار وفق أسعار عام 2010، حيث بلغ عام 2015 مقارنة مع 2014 ما نسبته 19%، ليشهد تراجعاً إضافياً عام 2016 بنسبة 8%.
وكان "المركز السوري لبحوث السياسات" قد قدر سابقاً أن حجم الخسائر الاقتصادية التي منيت بها سوريا جراء الحرب على الثورة، بأكثر من 254 مليار دولار منذ اندلاع الثورة في آذار/مارس 2011 حتى نهاية عام 2015 أي ما معدله أربعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010 بالأسعار الثابتة، وبزيادة قدرها 58.8 مليار دولار عن الخسائر المقدرة بنهاية عام 2014.

*قطاع الطاقة
يرى مراقبون أن قطاع النفط هو الأكثر تضرراً في سوريا، بعد سيطرة تنظيم "الدولة" والأحزاب الكردية على معظم الآبار ومواقع الإنتاج في مدن الجزيرة السورية "الرقة، الحسكة ودير الزور".
وخلال آخر تصريح لحكومة بشار الأسد، أكد وزير النفط "علي غانم" خلال لقائه أعضاء مجلس الشعب مطلع آذار/مارس الجاري، أن واقع الإنتاج النفطي الحالي "لا يتجاوز 3 آلاف برميل نفط يوميا وهي منتجة في حقول الغاز"، مضيفاً أن إنتاج الغاز يبلغ 6.6 ملايين متر مكعب يوميا ومن الغاز المسال المنزلي نحو 40 طنا يوميا، أما من الفوسفات فلا ننتج أي كمية لكون حقول الفوسفات تقع في مناطق غير آمنة.
وأوضح أن خسائر القطاع النفطي المباشرة وغير المباشرة منذ بداية الثورة السورية بلغت 65 مليار دولار، مبيناً أن سوريا بحاجة ما بين 5 ملايين و500 ألف إلى 6 ملايين ليتر يوميا من المازوت و4 ملايين و300 ألف ليتر من البنزين يوميا و1300 طن من الغاز المنزلي يوميا و6500 طن من "فيول" يوميا.
ليتحول النفط من القطاع الأكبر رفداً للموازنة والناتج والإنتاج، إلى عبء على حكومة الأسد، تجلى أخيراً بعد وقف طهران مد سوريا بالمشتقات النفطية وسماح حكومة الأسد للقطاع الخاص ولأول مرة باستيراد النفط وبيعه بالسوق المحلية، إذ كانت سوريا تصدر نحو 140 ألف برميل نفط يومياً قبل الثورة، وكان الإنتاج عام 2010 نحو 380 ألف برميل نفط خام يومياً، وكان النفط الذي يكلف استيراده حكومة الأسد الآن نحو 7 مليون دولار يومياً، يساهم بنحو 40 % من عائدات التصدير ويشكل المورد الأساس لخزينة الدولة وعائدات الموازنة.
وربما سعي شركاء الأسد بالحرب، في موسكو أو طهران، نحو الاستثمار بقطاعي النفط والكهرباء، يكشف حجم الخسائر التي مني بها هذان القطاعان، وبحسب تقرير وزارة الكهرباء بحكومة الأسد، فإن 50% من خطوط الضغط العالي في سوريا متضررة، وأن أكبر الأضرار التي تعرضت لها الشبكة الكهربائية كانت في مراكز التحويل المنخفض، حيث طالت 5 آلاف مركز و80 محطة تحويل.
وأكدت دراسة أصدرتها الوزارة أن بأن الخسائر بلغت 800 مليار ليرة سورية، الأمر الذي دفع وزارة الكهرباء الى تخصيص موارد الموازنة الاستثمارية كافة المقدرة بخمسين مليار ليرة لعام 2014 لإعادة تأهيل المحطات المدمرة.
*خسائر الزراعة
نال قطاع الزراعة نصيبه من التخريب والتدمير بسبب الحرب على الثورة ومطالب السوريين، إذ تأذى نحو 25 % من البنى التحتية الزراعية، وانحسرت المساحات المزروعة بأكثر من 40 % ليتراجع الإنتاج الزراعي، خلال السنوات الأخيرة، أكثر من 50 % بالنسبة للزراعة المروية وأكثر من 80 % بالنسبة للزراعية البعلية، ولتنوف خسائر هذا القطاع، وبحسب إحصاءات رسمية صادرة عن حكومة الأسد، نحو 360 مليار ليرة سورية "الدولار 554 ليرة، ما يعادل 9.8 % من إجمالي الخسارة التراكمية للناتج المحلي الإجمالي للبلاد في خلال الأزمة.
في حين انخفض الوزن النسبي للقطاع من الناتج المحلي إلى حوالي 14.2 % في نهاية العام 2015، بسبب تراجع إنتاجيته بشكل أكبر من باقي القطاعات.
وفي تفصيل أسباب تدهور هذا القطاع وخسائره، يأتي ارتفاع مستلزمات الإنتاج، ربما أولاً، إذ تضاعفت أسعار البذار والسماد والمبيدات والمشتقات النفطية، عشرات ومنها مئات المرات خلال الثورة، كما يأتي تدمير البنى التحتية الزراعية وخروج الأراضي بمدن الجزيرة السورية، عن الإنتاج وتراجع سيطرة الأسد وحتى المعارضة، لصالح تنظيم "الدولة" والتنظيمات الكردية، من الأسباب التي ساهمت بتحول سوريا من بلد منتج لنحو 4 مليون طن قمح، إلى مستورد ومتسول، ومن بلد الوفرة بالخضر والفواكه، إلى واقع شراء السوريين احتياجاتهم اللحظية وبالحبة الواحدة.
ووفق آخر تصريح لمدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة، عبد المعين قضماني قبل أيام فإن "موسم العام الماضي كان مقبولاً، نتيجة الهطولات المطرية ببعض المحافظات، لكنّ التخوف من موسم العام الحالي، وخاصة للمساحات المروية إذا لم يتوفر المازوت من جهة، ومن جهة أخرى إذا لم يكن هناك هطولات مطرية وخاصة خلال الأسبوع الثالث من آذار/ مارس الجاري، وتحديداً لموسم القمح الذي يعتمد قسم كبير منه على السقاية".
وتوقع المسؤول بوزارة الزراعة "أن تكون نسبة تراجع إنتاج المواسم الزراعية خلال هذا الموسم نتيجة نقص مادة المازوت وعدم كفاية الهطولات المطرية إلى أكثر من 30 % بالنسبة للمساحات المروية التي تعتمد على الضخ والآبار".
لتأتي تصريحات مدير الشؤون الزراعية في اتحاد الفلاحين، محمد حمود الخليف، أكثر واقعية "إن نقص المازوت سيؤدي إلى تراجع الإنتاج بنحو 45 %، لأن أكثر المساحات المروية بسوريا يتم سقايتها بالآبار العامة التي تعمل على الديزل" .
إذاً، يمكن القول إن إيران قد ضربت حليفها المفلس في مقتل، ففضلاً عن تراجع الإنتاج الزراعي، إثر التدهور الحاد بهذا القطاع، خلال سنوات الحرب، ما أدى لتراجع الصادرات الزراعية السورية من 2.3 مليون طن في العام 2010 إلى حوالي 358 ألف طن في العام 2015. ووصول نظام الأسد المفلس لمقايضة القمح الروسي ببعض المنتجات الزراعية والصناعية.
لتنعكس خسائر القطاع الزراعي على ارتفاع الأسعار التي زادت بنحو 1200% خلال الثورة وتزيد من نسب البطالة بعد تهديم القطاع الأكثر استيعاباً للأيدي العاملة.

*60 مليار دولار خسائر البنى التحتية
قدر تقرير سوري أعده باحثون سوريون بدمشق، صدر أخيرا، خسائر البنى التحتية بسوريا، جراء الحرب التي شنها نظام بشار الأسد على الثورة، منذ عام 2011 حتى مطلع 2017 بنحو 60 مليار دولار.
وأشار معد التقرير الباحث، محمد عثمان، إلى تضرر الجزء الأكبر من البنية التحتية في معظم المدن السورية وخاصة في مدينة حلب العاصمة الاقتصادية السورية، وتراوحت الأضرار وفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي بين 3.7 مليارات دولار و4.5 مليارات دولار نهاية عام 2014، متوقعاً أن تصل في نهاية عام 2016 إلى 60 مليار دولار مع التدمير الذي حصل في حلب وريف دمشق وحماة ودرعا وإدلب.
وأشارت تقارير دولية إلى أن الحرب بسوريا هدمت نحو 1،7 مليون منزل، بين تهديم كلي وجزئي ونقص خدمات وهي بحاجة لأكثر 700 مليار ليرة لإعادة بنائها.
وقال تقرير للأمم المتحدة إن نحو 5 ملايين سوري أجبروا على التخلي عن منازلهم نتيجة الدمار، لكن هؤلاء الملايين انحسروا في مدن ومناطق الثورة فقط، ففي حلب، وحسب دراسة "الاسكوا" تم تدمير 424 ألف منزل وفي حمص أكثر من 200 ألف منزل، لم تطل صواريخ ومدافع النظام المناطق الحاضنة له، كمدن طرطوس واللاذقية على الساحل السوري.
*تدمير السياحة
كانت خسائر قطاع السياحة هي الأكثر لجهة النسبة، حيث شلت الحرب التي يشنها النظام كامل هذا القطاع، ولم تغيّر الحملات الترويجية التي تقوم بها وزارة السياحة السورية، من حقيقة المشهد القاتم الذي كسا هذا القطاع، بعد ست سنوات من الحرب.
وكشف، عبد الباري الشعيري، نائب رئيس اتحاد غرف السياحة أخيراً، أن القطاع السياحي مازال مشلولاً وبلغت نسبة المنشآت المتضررة في ريف دمشق نحو 90%، بسبب تعرض العديد من المنشآت السياحية في الريف إلى التدمير والسرقة والتخريب، ما أدى إلى توقف القطاع السياحي عن العمل في بعض مناطق الريف مع بقاء غرفة السياحة مفتوحة ومستمرة طوال سنوات الحرب.
وتشير أرقام وزارة السياحة أن خسائر القطاع السياحي ما يقارب 330 مليار ليرة سورية وتم خروج 1200 منشأة سياحية عن العمل بالوقت الذي تساهم فيه السياحة بـ14% من مجمل العائدات الاقتصادية للبلد، فضلاً عن خسائر الآثار والتراث الإنساني نتيجة تدمير المواقع المسجلة على لوائح التراث العالمي، مثل "إيبلا وحلب وتدمر" ووصل إجمالي عدد العاطلين الذين كانوا يعملون في القطاع السياحي قبل عام 2011 إلى نحو 258 ألف عامل.
*قاطرة التنمية
تباينت الأرقام حول خسائر القطاع الصناعي نظراً لعدم القدرة على تحديدها بدقة، نتيجة عدم القدرة للوصول للمنشآت المهدمة ومعرفة حجم الأضرار على المنشآت وخطوط الإنتاج، إلا أن تصريحا لوزير الصناعة في حكومة بشار كمال الدين طعمة، أكد خسائر قطاع الصناعة في بلاده بألف مليار ليرة سورية، قائلاً خلال استجوابه أمام أعضاء مجلس الشعب مؤخراً: بلغت خسائر القطاع الصناعي العام في سوريا جراء الأزمة 500 مليار ليرة سورية ومثلها بالقطاع الخاص، مشيراً إلى وجود أكثر من 2000 معمل معطل في المدينة الصناعية بالشيخ نجار بحلب ولا يوجد سوى 200 منشأة تعمل.
وذكر اتحاد غرفة الصناعة السورية خلال تقرير عن خسائر الصناعة السورية، أن مدينة حلب احتلت المركز الأول لجهة حجم الأضرار والخسائر التي تعرضت لها، بعد تضرر 1962 منشأة، أصاب منها الضرر القطاع النسيجي بالعدد الأكبر 865 منشأة نسيجية، يليها قطاع الهندسية بـ404 شركات متضررة، ثم الكيميائية 387 شركة والغذائية 394 منشأة، وقطاع الدواء تضرر بـ 12 شركة دوائية لتبلغ قيمة المنشآت المتضررة في حلب فقط نحو 238.9 مليار ليرة.
أما عدد المنشآت الصناعية المتضررة لدى غرفة صناعة دمشق فبلغ 321 منشأة كان أكثرها ضرراً قطاع النسيج وشركاته، حيث بلغت 104 شركات نسيج متضررة يليها قطاع الصناعات الكيميائية بـ97شركة والهندسية 77 شركة ومنشأة متضررة، والغذائية 35 منشأة.
*قطاع المصارف
تأتي خسارة الليرة السورية أمام العملات الرئيسية، أكثر دلالة ووضوحاً، إذ من الصعب على حكومة الأسد المبالغة بها أو التقليل منها، فقد عرّت خسارة الليرة أكثر من 1000% خلال الثورة "50 ليرة للدولار عام 2011 واليوم 545 ليرة"، كما دللت خسارة الليرة السورية على تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي بالمصرف المركزي بدمشق، فحسب تصريحات رسمية كان الاحتياطي نحو 18 مليار دولار مطلع عام 2011 انخفض لنحو 700 مليون دولار نهاية عام 2015 بحسب تقرير البنك الدولي، وليتلاشى الاحتياطي الآن بحسب اقتصاديين يستندون إلى تراجع المصرف المركزي بدعم الليرة عبر التدخل المباشر وبيع الدولار، كما كان يفعل خلال الأعوام السابقة.
وانعكس تدهور سعر الصرف وجمود الاقتصاد السوري على المصارف والتي دحضت بياناتها أخيراً عن عام 2016 ادعاءات حكومة بشار الأسد بربح المصارف بسوريا والعودة إلى منح القروض، بعد توقفها منذ عام 2013.
وكشفت البيانات المصرفية السورية عن عام 2016، ارتفاع إجمالي خسائر القطاع المصرفي في سوريا ليتجاوز 143 مليار ليرة سورية.

ووفقاً للبيانات، فقد شمل المبلغ أضرار المصارف العامة المباشرة، التي تتضمن تخريب وسرقة الأثاث والتجهيزات والمواد الأولية والعتاد، وتكاليف إعادة البناء.
وقالت البيانات إن الأضرار المباشرة موزعة حسب المصارف، نحو 138 مليار ليرة سورية أضرار مصرف التوفير (أي ما يعادل 96.5 بالمئة من إجمالي الأضرار)، وأضرار المصرف التجاري مليار ليرة سورية إضافة إلى بعض المبالغ بالعملات الأجنبية وبلغت أضرار المصرف الزراعي 3.458 مليارات ليرة سورية، وإجمالي أضرار المصرف الصناعي 145 مليون ليرة سورية، وبلغ إجمالي أضرار مصرف التسليف الشعبي 235.2 مليون ليرة سورية، وبلغت الأضرار الإجمالية للمصرف العقاري 310.4 ملايين ليرة سورية.
فيما بلغت خسائر المصارف العامة من المبالغ النقدية 2.5 مليار ليرة سورية لمصرف التوفير، و226 مليون ليرة سورية خسارة المصرف الزراعي، و203.6 ملايين ليرة سورية إضافة إلى مبالغ 525 ألف دولار و500 يورو و250 ألف ريال سعودي خسائر المصرف التجاري.
وبلغت خسائر المصرف الصناعي من المبالغ النقدية 48 مليون ليرة سورية، وبالنسبة للمصرف العقاري 86.7 مليون ليرة سورية تشمل الأموال المسروقة والمعدومة للمصرف.
*عجز الموازنة
من الأدلة الواضحة على تراجع الموارد العامة وعكس حالة الإفلاس التي يعيشها نظام بشار الأسد، هي عجوزات الموازنة العامة، التي تحاول الحكومات السورية رفع حجم الموازنة لمحاولة التضليل كما يقول مراقبون.
إذ لم تعد ادعاءات ضخامة الموازنات التي تقرها حكومة بشار الأسد بسوريا، تنطلي، حتى على المؤيدين له، سواء داخل الحكومة أو البرلمان، إذ أكل التضخم النقدي للعملة السورية، المبالغ الهائلة بالليرة السورية، التي يقرها الأسد بمرسوم كل عام، ويدعي أنها "أكبر موازنة بتاريخ سوريا".
وقال وزير المالية بحكومة الأسد، مأمون حمدان إن نسبة العجز في الموازنة العامة لسوريا بلغت 244 % منذ العام 2011 وحتى العام 2016، موضحاً أن الاقتصاد السوري عانى خلال سنوات الأزمة تراجعاً كبيراً في المؤشرات الاقتصادية الكلية، وانخفاض أداء القطاعات الإنتاجية والخدمية، ما أثر سلباً على سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية، وأدى لتراجع كبير في إيرادات الخزينة العامة، وتدني المستوى المعيشي للمواطنين.
وتتغنى حكومة الأسد، ومنذ ثلاثة أعوام، بأنها تقر أكبر موازنة بتاريخ سوريا، والأمر ذاته تكرر قبل أيام، إذ أعلنت دمشق عن أكبر موازنة لعام 2017 بمبلغ 2660 مليار ليرة سورية، أي بزيادة 680 ملياراً عن موازنة 2016، مشيرة إلى أن اعتمادات مشروع الموازنة العامة لعام 2017 قدرت بمبلغ 2660 مليار ليرة سورية مقابل 1980 مليار في موازنة عام 2016، أي بزيادة مقدارها 680 مليار ليرة سورية وبنسبة زيادة مقدارها 34.34%، كما زادت اعتمادات العمليات الجارية بموازنة 2017 بمبلغ 1982 مليار ليرة مقابل 1470 مليار ليرة في موازنة العام الماضي، أي بزيادة مقدارها 512 مليار ليرة، وبنسبة زيادة 34.83% بينما قدرت اعتمادات العمليات الاستثمارية بـ678 مليار ليرة بزيادة عن العام الماضي مقدارها 168 مليار ليرة أي بنسبة 32.94%.
لكن هذا التضليل، من خلال اعتماد الموازنة بالليرة السورية التي تراجع سعر صرفها أمام الدولار، من 50 ليرة عام 2011 إلى أكثر من 545 ليرة اليوم، دفع حتى البرلمانيين بمجلس شعب النظام، لدحض "الأكذوبة".
ويؤكد اقتصاديون أن مشروع الموازنة هو بحدود 5 مليارات دولار تقريباً، وهو رقم منخفض ومتواضع مقارنة مع اعتمادات 2011 التي بلغت 17 مليار دولار أي إن اعتمادات موازنة 2011 أكثر بثلاث أضعاف، وعليه فإن زيادة حجم الإنفاق كما ورد في البيان الحكومي للموازنة غير صحيح، وموازنة عام 2017 انكماشية حملت لنا عجزاً مالياً يقدر بـ741.16 مليار ليرة ما يعني أن 27.88% من إجمالي حجم الموازنة ممول بالعجز.
وتعاني سوريا من عجوزات متتالية في موازنتها العامة، بسبب تراجع التحصيل الضريبي وفوات عائدات تصدير النفط، حيث اتسعت أرقام العجز في الموازنة العامة للدولة بسوريا، من 432 مليار ليرة عام 2014 إلى أكثر من 500 مليار عام 2015، لتصل بحسب رئيس لجنة الموازنة والحسابات بمجلس الشعب السوري، "حسين حسون"، لنحو621،73 مليار لعام 2016.
*خسائر لا تعوض
يبقى الانسان السوري الذي يتعرض للموت والتهجير، هو الخسائر التي لا تعوض في ظل اللهاث وراء "إعادة الاعمار" التي يسيل لها لعاب، حتى من يسمون أصدقاء الشعب السوري، حيث تشير التقارير إلى أن نحو 2.96 مليون شخص فقدوا عملهم خلال الحرب، الأمر الذي أدى إلى فقدان المصدر الرئيسي لدخل 12,22 مليون شخص. ومع توسّع اقتصاد العنف واضطرار ما يقرب من نصف عدد السكان لمغادرة منازلهم.
وتشير التقديرات الحديثة أن من بين كل خمسة أشخاص هناك أربعة فقراء، كما أن ثلثي السكّان تقريباً لا يستطيعون تأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية والغذائية، فالأزمة الطاحنة في سوريا قلصت متوسط أمد الحياة في سوريا بمقدار عشرين عاما.
تشير الدراسات إلى أن استمرار الحرب للعام السادس على التوالي وتفكك بنية الاقتصاد والنسيج الاجتماعي أديا إلى تراجع عدد سكان البلاد من 20.87 مليون نسمة في 2010 إلى نحو 17.65 مليونا في آخر العام الماضي.
وتوقع تقرير أصدرته اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة (إسكوا) بأن الفقراء في سوريا سيصل تعدادهم هذا العام الـ90% من عدد السكان. ناهيك عن وجود نحو نصف مليون شهيد، ومثلهم من المغيبين والمعتقلين، ومئات الآلاف من الجرحى، وأكثر من عشرة ملايين مهجر في سبيل حريتهم، والأخطر من كل ذلك تفكك النسيج الاجتماعي وتراجع نسبة التعليم عند جيل كامل من السوريين، والخراب النفسي والروحي لملايين البشر، وهذا سيبقى عصي على الترميم لسنوات وأجيال.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية