أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حق الرّد الجميل.. عبد السلام حاج بكري*

أرشيف

ما كان للعالم أن يتفرج ويساهم في تدمير سوريا لولا أن في ذلك مصلحة إسرائيلية بالدرجة الأولى، لقد كلّف ومن ورائه الدولة الأكثر دلالا نظام الأسد للقيام بالمهمة، وقد نجح الموظف بشار بالمهمة على أكمل وجه بمساعدة من حلفائه في محور الممانعة وروسيا.

الوالد سلّم الجولان لإسرائيل في الـ67 وثبّت ذلك بحربه "التحريرية" في الـ73، ومن يومها حتى اللحظة يقف ومن بعده ابنه حارسا أمينا على الحدود الإسرائيلية والتي من المفترض أمميّا أنها في الأراضي السورية.

سمحت إسرائيل للنظام بامتلاك ما شاء من السلاح على امتداد أربعين عاما لثقتها التامة بأن الموظف حافظ ومن بعده الوريث القاصر لن يستخدماه ضدها، وكأنها كانت تدرك بأنهما سيحتاجان هذا السلاح ضد الشعب السوري.

لا دليل أوضح على ذلك من توجيه كل ذلك السلاح ولا سيما الطيران ومضادات الدفاع الجوي إلى السوريين وكان من المفترض أن يخصصا لحقّ الرد الذي طال انتظاره، في حين "يتفسّح" الطيران الإسرائيلي في السماء السورية، ويقصف بمنتهى الأريحية من السلاح ما يرى أنه قد يسبب خطرا عليها إن وقع بأيدي السوريين الأحرار. 

منذ عام الـ73 والطيران الإسرائيلي يسرح ويمرح في الأجواء السورية وكأنها مجاله الجوي، وكثيرا ما قصف مواقع لفصائل فلسطينية ومواقع سورية تختارها إسرائيل لغايات في نفسها، كل هذا، وبعد مرور أكثر من أربعين عاما والأسد الأب يحتفظ بحق الرد، وتابع الولد الاحتفاظ بنفس الحق رغم القصف المتكرر لمواقع لقواته وسلاحه، وآخرها قبل يومين.

كان الأسدان بحاجة لاستمرار التجاوز الإسرائيلي على عرضهما، لكي تبقى صفة الممانعة مقنعة لمن يريد الاقتناع من شركائه في الإجرام والسذّج من المؤيدين، ولم تقصّر الشريكة بدعم موظفها في سوريا يوما، ولا تزال حتى اللحظة غير مستعدة للتخلي عنه، لأنها بالتأكيد لو امتحنت كل السوريين لن تجد من يضاهيه وفاء لها.

بعد كل تلك الخدمات الجليلة التي قدمتها له يحق لإسرائيل المطالبة برد الجميل، وليس ذلك الرد الذي يتوقع الأغبياء أنه لا يزال الأسد يحتفظ به.

وهو فعلا يسدد لها حقوقها بالقدر الذي يستطيع، فقد سمح لشريكه في حماية إسرائيل حزب الله والصديق الوفي إيران عبر ميليشياتها بالانتشار مع فصائل معارضة منتقاة بعناية على الحدود لمنع الشرفاء من السوريين الاقتراب منها خشية إطلاق رصاصة باتجاه "العدو الإسرائيلي".

حزب الله بتمثيلياته ذات الإخراج الجيد بحروبه مع إسرائيل أبعد الفصائل الفلسطينية المقاومة "بجد" عن حدودها الشمالية، وهو يرغب بتنفيذ الرغبة الإسرائيلية بأن يمارس مع قوات النظام الدور ذاته من الجانب السوري.
رغم أني فقدت إمكانية الاندهاش والمفاجأة إلا أنني لا أستطيع مع كل ذلك الوضوح بشراكة محور الممانعة مع "العدو" إيجاد التفسير الدقيق لاقتناع المؤيدين بحقيقة الممانعة التي يرفعها الأسد شعارا له يساعده على استمرار ولاء هؤلاء المجرمين أو السذّج ومن في حكمهم، إن ذلك عصيّ على العاقل.

لا شك، سيوظف النظام "حكاية" الصاروخ الذي سقط فوق إربد الأردنية إعلاميا ليعزز قناعة قطيعه بمقاومته وممانعته، وبدأت ببغاواته الإعلامية من دمشق وفي لبنان وطهران ومن استطاع شراءها في أماكن أخرى برفع الصوت مردّدة ما أملاه عليها من عبارات البطولة والصمود والرد على التجاوزات الإسرائيلية.

سألت ضابطا منشقّا عن نظام الأسد عن رأيه بصاروخ بشار الأسد الذي اُطلق نظريا باتجاه إسرائيل فأجاب ساخرا "عليي الحلال بكون خبّرهم من وين رح يطلقو ومسارو، وأكيد إسرائيل ما عندها مانع تخسر صاروخ باتريوت خدمة لعيون بشار الزرق".

* من كتاب "زمان الوصل"
(118)    هل أعجبتك المقالة (162)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي