على بعد 13 كلم من مدينة إربد الأردنية (شمالاً)، ضمن حدود بلدية "حرثا" التابعة للواء بني كنانة، بالقرب من نهر اليرموك، اجتمعت حضارات التاريخ في مدينة "قويلبة" أو "أبيلا" الأثرية.
فتلك المدينة التي تعاقبت عليها حضارات التاريخ، وذكرها ابن قرطبة، في كتاب "الممالك"، أظهرت عمليات الحفر فيها إلى أن فترات الاستيطان بدأت فيها منذ العصر البرونزي (3100 ق.م)، والعصر الحديدي، مروراً بالفترة الهلنستية الرومانية والفترة البيزنطية، وانتهاءً بالفترة الأموية والعباسية وحتى عصرنا الحاضر.
أبيلا، أو كما يُطلق عليها الآن قويلبة؛ هي إحدى مدن تحالف "الديكابوليس" الروماني، الذي أنشأه الإمبراطور "بومبي" عام 64 ق.م، فحجارتها وأعمدتها والأسلوب العمراني فيها ينقل صورة طبق الأصل عن مدينتي جرش وأم قيس، وهما مدينتان أثريتان في نفس التحالف، ولكنهما أكثر شهرة.
وتحالف الديكابوليس، ضم عشرة مدن من أهم مدن منطقة بلاد الشام، للوقوف ضد نفوذ "الأنباط" في الجنوب آنذاك، وتقع هذه المدن وسط بلاد الشام وجنوبيها، في سوريا والأردن وفلسطين.
والأنباط (169 ق.م - 106 م) مملكة عربية قديمة قامت في صحراء النقب الفلسطينية وسيناء المصرية والأردن، وأجزاء من شمال شبه الجزيرة العربية، وكانت عاصمتهم مدينة البتراء في الأردن.
وبدأت عمليات الحفر والتنقيب في أبيلا، في 1980 ولا زالت مستمرة حتى الآن، وتم الكشف في هذه المدينة عن ثلاثة كنائس رتم رصف أرضياتها بالفسيفساء وقبور منحوتة بالصخر وجزء من شارع مبلط بحجارة بازلتية ومدافن مقطوعة في الصخر تحتوي على رسومات جدارية فريسكو، بالإضافة إلى منطقة الحمامات والمدرج.
ورغم الأهمية التاريخية لهذه المدينة الأثرية، إلا أن أبناء المنطقة التي تقع بها اعتبروها خلال حديثهم للأناضول، بأنها خارج حسابات دائرة الآثار العامة ولم تلق الاهتمام الذي يليق بها.
مدير عام دائرة الآثار الأردنية منذر الجمحاوي، أوضح من جهته للأناضول أن "موقع أبيلا، هو إحدى مدن الديكابوليس العشرة الرومانية المشهورة، وستة من هذه المدن تقع في الأردن، ونحن فخورون بذلك".
وتابع "أعتقد أن هناك إجحاف وظلم بحق دائرة الآثار العامة بعدم وجود اهتمام بالموقع، ولكننا نتعامل مع أكثر من 27 ألف موقع أثري مسجّل لدى الدائرة وتحتاج لمتابعة وتقارير وعمل وصيانة".
ومضى الجمحاوي "مرصود لدينا عبر صور الأقمار الجوية والمسوحات الميدانية وجود 100 ألف موقع أثري في المملكة، فنحن لا نتعامل مع موقع واحد فقط هو أبيلا".
واستدرك "هذا لا يغير حقيقة أن الموقع ذا قيمة تاريخية وبُعد أثري مهم، ولكن الاهتمامات في دائرة الآثار تكون على شكل مراحل، ودائما المرحلة الأولى يتم فيها وضع اليد على الموقع واستملاك الأراضي التي يقع عليها".
وأشار إلى أن المرحلة آنفة الذكر "أرهقت دائرة الآثار العامة، فجلّ موازنتها ذهب لاستملاك أراضي، وموقع أبيلا يقع على مساحة مترامية الأطراف، فالاستملاك يعطينا شرعية العمل وعدم التعدي على أرض الغير".
وأوضح المسؤول الأردني إلى أنهم شارفوا على الانتهاء من استملاك كامل الأراضي التي يقع عليها الموقع، والتي تقارب نحو 700 دونم (ألف متر مربع)، ليتم استئناف العمل بعد ذلك بعمليات التنقيب عن آثار جاذبة للسياح في موقع أبيلا.
الأناضول
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية