
شنق بتدمر... العقيد "الحاج محمود" وقّع على إعادة "حافظ الأسد" إلى "الطيران" فكافأه بالإعدام

ورد اسم العقيد "محمود الحاج محمود" في تسريبات "زمان الوصل" على أنّه أعدم من قبل محكمة الميدان في سجن تدمر في عام 1981، بتهمة الانتماء إلى "جماعة الإخوان المسلمين".
والعقيد "الحاج محمود" هو من مواليد عام 1930، وينحدر من قرية "أطمة" الحدودية، والواقعة في ريف إدلب الشمالي، تخرج من الكلية الحربية في بداية خمسينيات القرن الماضي.
وشغل مناصب كبيرة في الدولة السورية الوليدة، فتنقل بين قيادة المنطقة الشرقية، إلى رئاسة المكتب الثاني، الذي كان بمثابة شعبة المخابرات العامة في البلاد، ومن ثم تقلد عدة مناصب عسكرية وملحقيات خارجية، بحسب المزاج العام لحكام البلاد التي سادتها الانقلابات العسكرية في تلك الفترة.
مقربون من "الحاج محمود" أكدوا لـ"زمان الوصل" أنّ الضابط البارز في عهد الأسد الأب "علي دوبا"، والذي شغل لفترة طويلة رئاسة المخابرات العامة في البلاد، كان ضابطاً عادياً تحت امرته أثناء رئاسته للمكتب الثّاني.
وأشاروا إلى أنه اعتقل عشية انقلاب الثامن من آذار عام 1963، حيث كان رؤوس الحربة في ذاك الانقلاب مجتمعون في منزله بحي القصور في دمشق، بمن فيهم "صلاح جديد"، و"محمود عمران"، حيث هرب الجميع بعد اعتقاله، وبقي معطف "صلاح جديد" في منزله لمدة ثلاثة أشهر، فيما أفرج عن "الحاج محمود" في تمام الساعة الخامسة من صباح اليوم التالي، إثر إذاعة البيان رقم/1/، الذي أعلن نجاح انقلاب آذار، والذي أصبح يُسمى في عهد الأسدين الأب والابن بـ"ثورة آذار".
*شهادة صهره
وفي شهادته، عن حياة العقيد "الحاج محمود"، تحدث زوج شقيقته المدرس "محمود الشيخ" لـ"زمان الوصل" عنه، قائلاً: "كان رجلا وطنيا مثقفا ثقافة عالية جدا لكن عرف عنه طيبة قلبه وشهامته".
وبحسب شهادة "الشيخ" فإنّ "الحاج محمود" كان جزءاً من انقلاب آذار، حيث يصف من قام بما سُمي في حينه بـ"ثورة آذار" بـ"أنهم خليط من الناصريين مثل "جاسم علوان"، والطائفيين المتسترين بالبعثية كـ "محمد عمران"، و"صلاح جديد".
ويشير إلى أنّ "الحاج محمود" وقع في خديعتين من رفاق الأمس، الأولى، حينما قررت القيادة في ذاك الوقت إرسال وفد إلى بغداد بقيادة الناصري "جاسم علوان" للتخلص من الناصريين، حيث رفض "علوان " الذهاب إلا بضمانة، وهي صحبة "الحاج محمود" إلى بغداد، حيث بقي في بغداد أسبوعاً، تم من خلاله تصفية الناصريين بمساعدة "الحاج محمود" وبتخطيط من "محمد عمران" و"صلاح جديد"، حيث وقع أثناء عودته إلى سوريا على عودة "حافظ الأسد" إلى الطيران، وعودة "أمين حافظ"، إلى الجيش، مشيراً إلى أنّ "الحاج محمود" أقسم بأن "أمين حافظ" أدى له تحية مدوية في مكتبه، بحسب رواية "الشيخ".
أما الخديعة الثانية التي وقع بها "الحاج محمود"، بحسب الشيخ، فهي ذهابه إلى الجزائر، كرئيس لوفد، بعد ثلاثة أشهر من انقلاب آذار، حيث كرر خطيئة "جاسم علوان" إذ رفض الذهاب إلا بضمانة، رافضاً الذهاب إلا برفقة الضابط العلوي "محمد عمران" ففرح، بحسب الشيخ" طائفيو الجيش بوقوعه في الخديعة.
ويضيف: "أثناء عودته إلى سوريا، اعتقلوه في المطار، وسجنوه"، مشيراً إلى أنّ "عمران" خاطب "الحاج محمود" في حينها قائلاً: "أنت على الراس والعين، ورفيق ثورتنا لكن اقاربك مسافرون، وسنسرحهم جميعا".

وبحسب الشهادات الأهلية في مسقط رأس "الحاج محمود" فقد كان يملك شبكة من أبناء بلدته، وأقاربه، كضباط قادة في الجيش آنذاك، حيث كان أخوه "محمد" مسؤولاً عن الشرطة العسكرية في البلاد، و"اسماعيل هلال" قائد لواء مدرعات على الجبهة، و"محمد حسين دعبول" كان ضابطا في الشرطة العسكرية، وقائد موقع "قطنا"، حيث تم اغتياله من قبل سائقه في عام 1966 بمباركة من حاشية الأسد الأب، إضافة إلى "عبد الله رزوق عبد الحي" حيث كان ضابطاً رفيعاً في الأمن السياسي".
ويشير "الشيخ" في شهادته إلى أنّ الطائفيين في الجيش، سرعان ما انقضوا على "الحاج محمود" ومواليه في الجيش، إذ أخرج من السجن، وأرسل إلى موسكو، حيث تم تعيينه كملحق عسكري في السفارة السورية بروسيا.
كما سُرّح شقيقه "محمد" وأحيل إلى الخارجية، في حين تم تعيين "عبد الله رزوق" كسفير في الكويت، فيما عُين "اسماعيل هلال" كأمين لمجلس الشعب.
ووفق شهادة "الشيخ" فإنّ "الحاج محمود" سجن بعد عودته من روسيا، مرتين، حيث تم سجنه في المرة الأولى، لفترة قصيرة، على خلفية حركة 23 شباط /1965، حيث أصيب بمرض في أذنه، وتم استئصال مصرانه، وفي المرة الثانية عام 1972، واستمر سجنه لخمسة أعوام ليُطلق سراحه عام 1977.
وذكر "الشيخ" أنّه بعد جفاء ضباط البعث له، وسيطرتهم على الجيش بطريقة طائفية، أصبح "الحاج محمود" يُنسق مع (الرائد عبد القادر عبد الرزاق)، الذي نشرت "زمان الوصل" تقريرا عنه في وقت سابق، وورد اسمه في قوائم من أعدمهم النظام في تدمر عام 1983، لتأمين دعم مادي وعسكري لحركة الإخوان، عبر عشائر "بني شمر" في العراق، كونه كان على علاقة وطيدة بهم.
وبحسب "الشيخ" فإنّ "الحاج محمود" عاد إلى قريته "أطمة" في 20 آب من عام 1980، إثر بث التلفزيون السوري لقاء مع الرائد "عبد القادر عبد الرزاق" أقر فيه الأخير بالتنسيق مع "الحجي" وهو اسم حركي كان يُطلق على "الحاج محمود"؛ من أجل تأمين دعم لحركة "الإخوان المسلمين".
ويشير "الشيخ" إلى أن اعتقال "الحاج محمود" لم يطل سوى ساعات، بعد بث اعترافات "عبد الرزاق" إذ تم اعتقاله من منزله في قرية "أطمة" صبيحة اليوم التالي، من قبل رئيس فرع الأمن العسكري بإدلب "عدنان عاصي".
وتُدلل شهادة "الشيخ"، وكذلك من عاصروه من أهل قريته، على تأثير "الحاج محمود" في المشهد السوري في الخمسينيات من القرن الماضي، إذ كانت تعتبر بلدة "ترمانين" ومحيطها من القرى، المنافس الرئيس، لقرية "القرداحة" في الساحل، من حيث عدد الضباط، والقدرة على خلق توازن طائفي في الجيش، ما بين العلوية والسنة.
"محمود الحاج محمود" متزوج، وليس لديه أبناء، توفيت زوجته قبل عدة سنوات، وحاولت –بحسب عائلته-تأمين اللقاء به عدة مرات، عن طريق مدير مكتب الأسد الأب، وغيره، لكن طلبها كان يُقابل بالرفض.
منار عبدالرزاق - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية