هزت صورة الطفل عبد الباسط السطوف، بعد أن بتر برميل أسدي متفجر، ساقيه، الرأي العام السوري، أو المعارض منه على الأقل، وباتت عبارة "بابا شيلني" التي أطلقها الطفل لوالده "طعان" وسماً (هاشتاغ) شغل وسائل التواصل الاجتماعي ليومين..ومن ثم وكما العادة والفورة التي تحدث دون ثمر، عادت وسائل التواصل للشعر والغزل والنواح والتخوين.
بداية القول: الطفل عبد الباسط الذي بترت ساقاه، هو نازح إلى قرية "الهبيط" بريف إدلب، من قرية "زور الحيص" بريف حماة، بمعنى أنه هرب من الموت بقصف الأسد أو ظلم "ذوي القربى"، ليلقى قدره عبر قصف نسور الأسد ببرميل متفجر، رغم ما قيل ويقال عن وقف إطلاق النار، وما جادت به "أستانة1و2" والوعود التي بلعها النشامى المفاوضون وشرعنوا إثرها إجرام الأسد وحولوا راعي القتل ومديره ومموله "روسيا" من قاتل إلى راع نزيه.
قصارى القول: ما قرأناه من حمية وتعاطف مع الطفل السطوف وحالته، يبعث على الأمل بصحوة فيما لو استمر، أو تمت ترجمته لفعائل على الأرض، ولكنه خفت وتلاشى بالتناسب طرداً مع تراجع حرارة الغيورين، ليلاقي الطفل عبد الباسط مصيره وحيداً بمشفى أنطاكيا بتركيا الآن، ولا يجد من يشيله إلا أباه..وكأنه كان يعلم بمآلات حالته فنطق بالحق مذ إصابته ولم يطلب من أحد أن يشيله، سوى أبيه.
قد من بعض تعميم بطرحي وربما من تجن أيضاً، إذ ربما وبعد كتابة "المقال" تقدم أحد الأخيار والمحترمين، بيد العون للطفل وأسرته، وقد لم يتقدم أحد بعد.
وليأخذ الطرح بعض مؤسسية نسأل، لماذا لا يوجد مؤسسات سورية تتبع للائتلاف أو الحكومة المؤقتة، ترعى ولو بالحدود الدنيا، هكذا حالات، بدل انتظار المنظمات الدولية أو استجابة أشخاص، أغنياء كانوا أو مسؤولين.
وهل تكلفة الأطراف الصناعية للأطفال على الأقل، توازي تكلفة بعض الندوات والمؤتمرات، التي لا ينتج عنها بالغالب، سوى مزيد من الفرقة والتشرذم، أو زيادة من يجيد التسول والانبطاح، غنى ووجاهة وشهرة.
نهاية القول: ربما الكلمات بالوجع قليلة، كما هي بحالات الحزن والعزاء، لذا سنختصر ونقول: هل ننتظر يا أيها السوريون الرئيس التركي ليقدم المساعدة، كما قدم للحالات المشابهة، أو نعول على منظمة دولية تجود على عبد الباسط بأطراف صناعية وعلى أهله ببعض ما يسد أكلاف العلاج ومصاريفهم.
وإن لن يحدث ذلك، فليبقَ عبد الباسط على كرسيّ متحرك، أو ثابت إن لم يتوفر متحرك بعجلات، فما الضير في ذلك، أوليس من واجبه أن يدفع ثمن التصدي لنظام الأسد ويسدد أثمان انخراطه بالثورة.
ألم نقم بواجبنا تجاهه فكتبنا على "فيس بوك" عبارة "بابا شيلني" ونشرنا صوره ومقطع الفيديو وشهرنا الطفل.
*عدنان عبدالرزاق - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية