نعم في العام 2050 من الميلاد أين سيكون موقع العرب من هذا العالم الإقتصادي المتلاطم الأمواج ؟
بادئ ذي بدء لنسمع ونقرأ جيداً ، استطلاع الجاذبية الأوربية للعام 2007 م الذي أصدرته مؤسسة الخدمات العالية العالمية " إرنست آند يانج" في الاول من اغسطس آب لهذا العام يؤكد أن العالم بحلول العام 2050 م سيشهد إنقلاباً جذرياً وبروزاً إقتصادياًقوياً يزلزل الأرض من تحت أقدام الدول الصناعية الكبري الحالية وهي الولايات المتحدة الأمريكية واليابان والمانيا وإنجلترا وفرنساوإيطاليا وكندا ليصبحوا في خبر كان لتحل محلها سبع دول كبري جديدة هي :
البرازيل ـ روسيا ـ الهند ـ الصين والتي تعرف اختصاراً باسم " بريك B R I C " إلي جانب ثلاث دول أخري هي اندونيسيا ـ المكسيك ـ تركيا .
أوضح الإستطلاع أن السبب في ذلك يرجع إلي أن اقتصاد الدول السبع الكبار الجديدة سيتجاوز من حيث إجمالي الدخل القومي اقتصاد الدول السبع الكبار الحالية .
والمثير للعجب والداعي للتأمل أن الإستطلاع لم يشر من قريب أو من بعيد إلي أية دولة عربية يمكن أن تكون منهم ولا حتي من باب المحتمل ، والسبب في ذلك واضح للعيان أن الدول العربية أصبحت مجتمعات استهلاكية تركن إلي حياة الراحة والدعة حيث يأتيها رزقها رغداً من جهات الأرض الأربع مقابل الدولار واليورو والين الذي يجري بين أيدي أفرادها ومن نفط تفجر من تحت أراضيها ، فماذا يهمها من بذل الجهد والعمل من أجل اللحاق بركب التكنولوجيا مادامت تأتينا من حيث هي ..
إذن ، فبفضل التخطيط السليم والجهد والمثابرة في العمل وبث روح الإنتماء وبناء الفرد بناءاً جيداً وإعداد المجتمعات الصناعية ، بهذا السبيل استطاعت دول فقيرة ، بل وتكاد أن تكون معدمة أن تقف علي قدم المساواة مع الدول الصناعية السبع الكبري ، بل وتطيح بها وتزيحها من طريقها وتلقي بها إلي جانب الدول المتوسطة والفقيرة ، لتقف هي في الصف الأول دون منازع ، فلا وقت أمامها كي تضيعه في رفع شعارات ممجوجة وتصميم نماذج دعائية فارغة لا أساس لها هي ليست في حاجة إليها ..
الحاجة فقط للعمل وللتخطيط الجيد من أجل رفع شأن أوطان لو لم تسع لذلك وتستعد له جيداً لدهسها القطار الإقتصادي الرهيب الذي لا يبقي أمامه شئ ولا يدع مكاناً في عرباته إلا للقوي الذي يستطع أن يضطلع بدوره ويحفظ مكانته وسط " الغيلان" التي لن ترحم ..
لماذا نحن العرب لا نفكر في أمر كهذا ؟ ولماذا نضع أنفسنا أمام عربات القطار بدلاً من محاولة اللحاق به ونحن نملك من القوي البشرية والإمكانيات المادية ما لا يملكه غيرنا ..
هل نحن سنضع في حسباننا هذا الأمر جدياً أم سنتباكي ساعتها علي المؤامرات التي حيكت ضدنا في هذا الصدد ، ونكتفي بأن نترك الأمور تجري في أعنتها وننام في خلو بالٍ تام ؟
الأمر ياسادة جد ، وخطر داهم سيواجه الأبناء الذين سوف يتساءلون عما كان يفكر فيه جيل الآباء ، وعندئذ لن ينفع البكاء علي اللبن المسكوب ..
الأمر خطير ، خاصة وأن الدول الكبري الجديدة لن تنظر خلفها بعين الرحمة ولا بقلب يحمل الشفقة ، فالاقتصاد لا يعرف أي معني لهذه الكلمات .
هل لنا أن نكف عن عاداتنا الاستهلاكية ونتحول من شعوب متخمة بتلك العادات السيئة ونشمر عن سواعدنا ونهتف : هيا إلي العمل ونتحول إلي شعوب منتجة ؟
إنني أخشي وقتها ـ إن بقينا علي قيد الحياة ـ أن نكون من الشعوب المنسية أو التي أهملها التاريخ ، لأن التاريخ وقتها سيقاس من الناحية الإقتصادية ، فالدول التي تملك التاريخ غير التي تملك الجغرافيا غير التي تملك الإقتصاد ..
في العام 2050 م أين موقع " العرب " من الإعراب ؟
محمد عبده العباسي
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية