أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"رشا شربجي" كبير المفاوضين*

رشا شربجي في لقاء مع هادي العبدالله بعد خروجها من المعتقل

خلال صفقة، أو عملية تبادل المعتقلات، تم الإفراج عن رشا شربجي ابنة داريا العنب قبل أيام، بعد نحو ثلاث سنوات قضتها في أقبية وسجون بشار الأسد، دخلت خلالها ولديها ثلاثة أطفال، وخرجت وبصحبتها خمسة، بعد أن أنجبت توأمين عقب اعتقالها بنحو شهرين.

وبدت رشا خلال إطلالتها الإعلامية، من التماسك والوعي، ما أثار شكوك بعض المراقبين، حول ما يعرف ويقال عن العذاب داخل سجون الأسد، وهذا أمر مهم وأعتقد من الضروري إجلاءه، قبل الرمي بمنتصف وأعلى الهدف.

لمن رأى في كلام شربجي تبييضاً لجرائم الأسد أو تشكيكاً بصحة ما يقال عن عذاب واغتصاب داخل معتقلاته أقول، يكفي أن تتفكر باعتقال إنسانة دونما اي جرم أو سبب ولثلاث سنوات، وأن تفكر في سلب أطفال من أمهم، بمن فيهم الرضيعتان حديثتا الولادة، لتعرف أي إجرام واستبداد يتمتع بهما نظام الأسد، هذا إن لم نطلب إليك أن تتابع اعترافات بقية المعتقلات والمعتقلين، الذي كان الاغتصاب، ربما أول مشوار عذاباتهم الذي عادة ما تكلل بالقتل، وما 13 ألف سوري قتيل خلال التعذيب في صيدنايا، منذ مطلع الثورة حتى العام الفائت، إلا حالة تستحق الوقوف، لمن ثار على كلام رشا ورأى فيه تحسينا لصورة القتلة.

قصارى القول: تزامن الإفراج عن رشا شربجي مع خلافات المعارضة السورية على تأليف وفد "جامع ومانع" يجمع بين المعارضات والمنصات، ليقابل وفد بشار الأسد في جولة جينيف 4 التي من المتوقع أن تلتئم في 20 شباط فبراير الجاري، ليخرج أمس ملامح اتفاق محاصصة، تم رفضه من منصتي القاهرة وموسكو، لقلة التمثيل بمفاوض واحد من كل منهما.

ليؤكد المعارضون مرة أخرى، أو للمرة الألف، أن إيقاعهم بدهاليز التفاصيل لإشغالهم عن القضية الرئيسة، أسهل من أن يبذل فيه وله، جهد أو تخطيط وعناء، إذ يكفي أن تنكش دولة راعية أو تدعي محبة السوريين، عقد أو طموحات أي مريض، ليهب ويطالب بحقوقه ولقاء سني نضاله وسجنه، لابساً حلة الأخلاق والحرص على الدم والشعب حيناً، والوطنية والادعاء بأنه المخلص وكل ما عداه، مراهقون وهواة، بقية الأحايين.

ولتتشظى المعارضة إلى معارضات، ويُزف لنا نبأ ولادة منصات جديدة، لا تبعد عن عرين الأسد وحديقة حيوانات حزب الله، أكثر من رمية حجر، وتضم فيما تضم، من يرى في جريمة توريث الأسد "مقام رئاسة" وفي بقائه كضامن حلاً ضرورياً، بل وفي إعادة ترشحه ليكمل مشوار الوراثة إلى الأبد، حقا وطنيا يمنحه الدستور للمواطن بشار الأسد.

وتتوسع بالآن عينه الخلافات، بالرؤى والأهداف وحتى النظرة، بين المنصات والوفود، حول المعارضة والفصائل ومؤسسات الدولة، بل وحتى سوريا، ما يضمن كحد أدنى، إفشال جنيف 4...اللهم إن تشكّل الوفد والتأم المؤتمر.

خلاصة القول: تعاني وفود المعارضة التي تمنح الشرعية للنظام لمجرد قبولها الجلوس معه ومفاوضته، تعاني من قلة العنصر النسائي أو انعدامه، وهي نقطة تؤخذ على المعارضة ويستدل منها على ذكورية وإقصاء وإسلاموية.

لذا، هل من ضير بأن تشرّف رشا شربجي الوفد المفاوض وتقبل أن تترأسه، وهي المثقفة التي تجيد الإنكليزية والشابة المعتقلة التي عاشت ظلم النظام وقهر السجون، فضلاً عن أنها ابنة داريا التي لما تعاني مدينة سورية كمثلها، إن بالقتل أو التجويع والحصار، ومن ثم التهجير والتغيير الديموغرافي.
ولعل مجرد حضور رشا على رأس الوفد، إنما يضع وفد الأسد وجعفره بموقع يفقده كما هائلا من الكذب والادعاء ومحاولات تبيض صفحات جرائم سيده، وتوصل وباللغة الإنكليزية، بعض جرائم الأسد للعالم عبر وسائل الإعلام.

كما بوجود رشا على رأس الوفد المعارض المفاوض، يتيح المجال لفتح ملف المعتقلين والقتلى تحت التعذيب، وهو السلاح الأمضى بيد المعارضة، الذي يعيد لها وعيها وقوة موقفها، لئلا تقع بفخ التفاوض على الأسد، بل إحالته كمجرم حرب للمحاكم الدولية، مغتنمين ما تكشّف أخيراً عن مسلخ صيدنايا.

ربما تملي الوطنية والوجع، الطلب إلى المعارضة رفض التفاوض من أصله، لأن المقدمات بالتدخل بالوفد والانقسامات التي يرعاها الرعاة، تدلل على السعي الدولي لشراء الزمن ريثما يتضح الموقف الأمريكي وعلى نتائج مكتظة بالأفخاخ والتنازلات واستمرار شرعنة بقاء العصابة المجرمة، بيد أن السياسة وما آلت إليه سلوكيات المعارضة، من بيع وتأجير مواقف، فضلاً عن الواقع الدولي القاهر، تفرض على السوريين التعاطي بشيء من السياسة، والأهم بالأمر، أن أي بداية حل سياسي ستفضي لزوال النظام المجرم، والأسد أكثر من يعلم هذه الحقيقة التي يتهرب منها بشتى الطرق، حتى لو اضطر لبيع ما تبقى من سوريا للمحتلين أو التفجير داخل القرداحة.

*عدنان عبدالرزاق - من كتاب "زمان الوصل"
(246)    هل أعجبتك المقالة (326)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي