أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

جيش "أبو شحاطة"..!!*

أرشيف

لم يخطئ السوريون عندما أطلقوا على جيشهم لقب جيش "أبو شحاطة"، وكان ذلك في فترة مبكرة من حكم حافظ الأسد، وتحديدا بعد حرب تشرين في عام 1973، عندما ثبت للسوريين في تلك الحرب أن جيشهم "هامل"، ولولا تدخل جيوش عربية أخرى لمساندتهم، لكانت إسرائيل قد دخلت إلى عمق العاصمة دمشق. 

ومن أحاديث أخي الذي خاض غمار تلك الحرب على الجبهة، أخبرني ذات مرة أنهم أمضوا أيامها وهم يفرون من مكان لآخر، إلى أن تاهوا عن قياداتهم التي فرت هي الأخرى في اتجاه مختلف، وكادوا أن يلقوا حتفهم من الجوع وليس من الحرب. 

ومن سخريات النظام، أن أخي كان قاذف "آر بي جي"، وقد تعرض هو ورفاقه لكمين من العدو الإسرائيلي، تسبب بدمار سلاحه، إلا أن النظام قدمه للمحاكمة وغرمه بمبلغ 20 ألف ليرة سورية في عام 1981، وهو مبلغ هائل يعادل نحو 5 آلاف دولار في تلك الفترة.

أما من حسن حظي، فهو أنني لم أؤد الخدمة العسكرية في هذا الجيش، وحصلت على الإعفاء الصحي في فترة متأخرة، وبعد أن كدت أدفع ما تأخر من رزقي وما تقدم كرشى، لولا تدخل اللواء الدكتور "محمد الشرع" رحمه الله، الذي عندما عرف بحالتي وعرف أنهم طلبوا مني مبالغ كبيرة من أجل الإعفاء الذي هو حقي الطبيعي، اتصل على الفور برئيس اللجنة الطبية الدكتور "علي بلال" آنذاك، وقال له بالحرف الواحد: إذا لم يُعفَ هذا الشاب من الخدمة العسكرية سوف أذهب به إلى القائد العام للجيش، ويقصد حافظ أسد، لنرى هذه البلد كيف تدار..!! وبالفعل حصلت على الإعفاء في نهاية العام 1994 بينما كان من المفروض أن أعفى في عام 1990، ولي في ذمة النظام حتى الآن ثلاثة معسكرات جامعية، لله لا يسامحهم فيهن. 

وأما فيما يتعلق بمعرفتي بهذا الجيش، فأنا للحقيقة معلوماتي مستمدة كلها من مشاهداتي ومراقبتي لسلوك أصدقائي وإخوتي وأقاربي الذين أدوا الخدمة الإلزامية وكانوا ينقلون لي "الجواهر" التي يعايشونها، بالإضافة إلى أنني كنت أشاهد، قبل أن يلتحقوا بقطعهم العسكرية في نهاية كل إجازة، كيف أنهم يبدؤون بشراء علب المتة وأكياس الصابون والهدايا العينية، مع تحضير مبلغ محترم من المال تنشغل العائلة كلها بجمعه، من أجل تقديمه للضابط كي يمنح ابنهم إجازة بعد عدة أشهر وحتى لا يضطهده في الخدمة. 

هذا الجيش الذي بناه حافظ أسد على أسس طائفية وانتهازية، اتفق السوريون بجميع طوائفهم ومللهم على تسميته بـ"جيش أبو شحاطة"، وهي تسمية أخذت معناها الحقيقي، في بداية الثورة السورية، عندما خرجت الناس في أحد أيام الجمعة تهتف "الشعب والجيش إيد وحدة"، مستعيرين الشعار من الثورة المصرية، إلا أن "جيش أبو شحاطة" واجههم بالسخرية وبوابل من الرصاص الحي، ويومها قلت لأحد أولئك الذي كان يهتف من قلبه بهذا الشعار: هل أنت تصدق ما تهتف به..؟ فقال لي: لا والله .. لكن عسى أن يذوقوا على أنفسهم وعلى دمهم ويشعرون بالكرامة ولو لمرة واحدة.

لهذا كان يعلم السوريون، أن جيشهم تم بناؤه وتجهيزه لقتلهم فقط، وليس للدفاع عن حدود الوطن في حال أي اعتداء خارجي..وقد عاينوا عن قرب كم الاعتداءات التي كان يتعرض لها شرف النظام وفي عقر كرامته، وكيف أنه كان يتهرب من الرد ويحيله على زمان ومكان مجهولين..!!

هذا الجيش ولا بقاياه، يعول عليه اليوم في بناء أي شيء مستقبلي كما أعتقد.. حتى فكرة الضباط الشرفاء الذين انشقوا عن النظام، نسبتهم قليلة جدا، وأغلبهم كان في مواقع هامشية، وبعضهم كانت دوافعه شخصية، لهذا امتلأت المخيمات بالضباط المنشقين الذي وضع بعضهم شروطا تعجيزية كي ينزل إلى ساحة القتال. 

أحد هؤلاء الضباط وكان برتبة عقيد، التقيت به في منتصف العام 2012، وكان شرطه لكي يقاتل النظام، أن يتم منحه مبلغا كبيرا من المال مع خطوط إمداد مستقرة من السلاح والذخيرة، وإلا ها هو جالس في المخيم يأكل ويشرب..!! 

ومرة قال لي ضابط بنفس الرتبة: هل تريدني أن أنزل إلى ساحات الوغى بينما حسين الهروموش ورياض الاسعد يجلسون في المكاتب ويقودونني وأنا أعلى وأقدم منهم في الرتبة..؟!
لهذا لم تنشأ فكرة الكتائب الإسلامية من فراغ، أو كتائب أبناء الحارات والعيل والعشائر والفزعات الذين فهموا الثورة على أنها "هوشة عرب".. لو وجد هؤلاء من يقودهم لما وصلنا إلى هذا الحال ..!!
مع يقيننا أن هناك من حاول إبعاد المحترفين عن العمل في الثورة ومحاربتهم بشتى السبل، ومنها دول لعبت هذا الدور، لكن ذلك لا يخلي مسؤوليتنا، لأنها ثورتنا نحن، وليس ثورتهم.

باختصار شديد، كان الكثير من العسكريين بعيدين عن روح الثورة ومعناها.. أو أنهم رأوا فيها معركة غير متكافئة بين جيش نظامي وبين جيش فزعات، فربما أنهم لم يكونوا على ثقة تامة بأن من يثور لكرامته قد يقاتل ببسالة تفوق الجيش المدرب.. !!
وفي العموم، فقدان الثقة كان متبادلا بين العسكريين وبين جميع الأطراف، بما في ذلك عوائل أولئك العسكريين..!! والسبب كما ذكرنا تاريخي عقائدي وليس وليد الثورة.

كنا نتمنى اليوم لو أن من يواجهون النظام ويفاوضونه هم نخبة من الضباط من ذوي الرتب الرفيعة والعالية، وقد رفعوا رؤوسهم شامخين في مواجهته، ولكن كما يقول أبناء الجماعات الإسلامية: "قدر الله وما شاء فعل".

وفي الختام نقول: إن الأمل معقود اليوم على السياسيين من أبناء الجماعات المعارضة المتصدرين للساحة، فأولئك لهم قصة لا تقل إثارة عن قصة جيش "أبو شحاطة"، وخصوصا ذلك السياسي الذي أعلن متفاخرا، بأن أمريكا تدرب له ثلاثة آلاف مقاتل، لكن سوف نؤجل روايتها حتى لا تشيع الفاحشة بين الناس. 

*فؤاد عبد العزيز - من كتاب "زمان الوصل"
(382)    هل أعجبتك المقالة (448)

محمد علي

2017-02-06

علينا ان نحلل و نتعلم و نحترم بعضنا البعض المكون العربى السني و تطهير شوائب مجتمعنا من هؤلاء الحمير النصيريين و انا اعني تطهير المجتمع منهم و ليس تبني نظرياات الغباء و الخنوت من تعايش معهم و احترامهم و محاصصتتهم ،،،، عليهم ان يعودوا الى ايران هم و الاكراد ،،،، علينا ان نعي هذه الحقيقيه و الواقع.


سميح يونس

2021-06-25

انت مجرد وغد وكذاب تفتري على الجيش العربي السوري الذي انتصر في حرب تشرين ، فلولا خيانة المرتد انور السادات لكان الجولان قد تحرر وكذلك سيناء ..


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي