حتى وإن قفزنا على مجزرة حماة التي مرت ذكراها الموجعة الخامسة والثلاثين قبل يومين، رغم استحالة القفز وترك الجناة دونما محاسبة، لنقفز أيضاً، رغم الاستحالة، على التهديم الممنهج للإنسان السوري والاقتصاد، بعهد حافظ الأسد، وصولاً لتوريث ابنه على حكم سوريا، لنحكي فقط عن الجرائم التي اقترفها سر أبيه بهذا البلد والشعب، لمجرد أن الأخير تطاول بدولة المزرعة وطالب ببعض حرية وكرامة.
فآخر التوقعات الدولية للعالم الجاري تقول: إن أعداد الجرحى جراء حرب بشار الأسد على الثورة وحفاظه على عدم زعل خالته، بلغ 3 ملايين شخص، حتى تاريخه، والرقم مرشح للزيادة بواقع ما أفرزته مواجهة المؤامرة والحرب الكونية، من احتلال ووصاية وتطرف.
وتتابع التوقعات الدولية، أن 30% من اللاجئين والنازحين لديهم إعاقة واحتياجات خاصة، ما يعني أن الذين أصيبوا بإعاقة دائمة يتراوح عددهم بين 400-500 ألف شخص، وأن 30 ألف شخص يتعرضون للإصابات التي قد تؤدي للإعاقة الدائمة كل شهر ونحو 80 ألف سوري يحتاج إلى أطراف صناعية ونحو 13 مليون سوري لا تتوفر لهم الرعاية الصحية ومعرضون للإصابة أو الإعاقة أو المرض.
وهنا، وكما يلحظ القارئ، لم نأت على من قتلته حرب الأسد أو من هجرته، أو حتى من أبعدتهم الحرب والعوز والهجرة عن المدارس، والذين يقدرون بنحو 3 ملايين طفل سوري، وهي كارثة ستدفع سوريا ومن فيها، عقابيلها ربما لقرون.
وبالسياق ذاته والوجع نفسه، وهذه المرة الإحصائية لوزارة الداخلية السورية، بلغ عدد حالات الإتجار بالبشر العام الفائت نحو 1500 حالة ونسبة النساء منها نافت 65%.
وأما جرائم الدفاع عن الشرف، فكانت 223 حالة، ولكن وللإنصاف، ثمة نسبة أخرى لم تزفها لنا الحكومة الأسدية، واكتفت للدلالة عليها بالإشارة، أن نسبة زيادة الدعارة زادت بسوريا خلال سنوات الحرب.
ولزوم إتمام التنصل ورمي المسؤولية، وطبعاً الحقارة وقلة الشرف، وزّع المسؤولون، بين وزارة الداخلية ووزارة العدل، التهم مناصفة، على التطرف الإسلامي وعلى تركيا الجارة الشمالية، والذين أومؤوا أن الإتجار بالبشر عبرها والدعارة بمدن الشمال على حدودها، إلى ما هنالك من استحقار للسوريين وعقولهم، بمناطق حكم تلك العصابة، ورمي تبعات حكم وحلول الرئيس القاصر، على "الأردوغانية والصهيووهابية".
نهاية القول: قد يصعب القفز أيضاً، على جرائم تهديم سوريا للحد الذي ناف تكاليف الحرب العالمية الثانية، ويصعب أيضاً تمرير ما تم بيعه من حقوق ومصائر السوريين أو ما يحضر لرشى إعادة الإعمار، التي تسيطر على أحاديث الغرف المغلقة، إن ممن يدعي رعاية الحل السياسي أو بعض هواته السوريين.
بيد أن الذي لا يمكن حتى التفكير معه بالقفز أو التسامح، هو تلك الأرقام من معاقين وقتلى وأيتام ومغتصبات، لأن آثار وأثمان تلك العذابات، لن تمحوها السنون حتى وإن التأمت أطياف السوريين...فهي العذاب الأبدي الذي يبرر للسوريين احتقار هذا النظام الوراثي، حتى أكثر من احتقارهم له باستعادة الاستعمار القديم ليقتسم سوريا وكعكة خرابها.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية