في زيارة وصفها مكتبها الرسمي بأنها مخصصة لـ"تقصي الحقائق"، حطت عضو الكونغرس الأمريكي "تولسي غابارد" رحالها في سوريا، ضمن مهمة تم التكتم على كثير من تفاصيلها، بذريعة وجود مخاوف أمنية، كما نقلت دوريات مشهورة مثل: فورن بوليسي، ذي أتلانتيك، بوليتكيو، في تقارير اطلعت "زمان الوصل" عليها وتولت ترجمة أهم مضامينها.
مكتب "غابارد" تحفّظ على أغلب تفاصيل الزيارة وطبيعة ومناصب الأشخاص الذين ستلتقيهم النائبة الأمريكية المقربة من الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، مكتفيا –أي المكتب- بالقول إن اللقاءات ستشمل "عددا من الأفراد والمجموعات، بما في ذلك قيادات دينية، وعاملون في المجال الإنساني، وقياديون في شؤون اللاجئين والحكومة والمجتمع".
ونفى المكتب أن يكون تمويل رحلة "غابارد" قد تم من جيوب دافعي الضرائب الأمريكيين، رافضا الإجابة عن سؤال مفاده: هل التقت "غابارد" ببشار الأسد أم لا؟، علما أن زيارتها إلى سوريا تشكل انتهاكا لما يسمى "قانون لوغان"، الذي يحظر على الأمريكيين الاتصال بحكومة أجنبية لديها نزاع مع الولايات المتحدة، ما لم يتم تخويل هؤلاء الأشخاص رسميا بالتواصل.
ولكن مواقف "غابارد" وتصريحاتها الواضحة يمكن أن تكشف بعض ما تحاول إخفائه من تفاصيل وأهداف رحلتها، فرؤية النائبة الأمريكية تتطابق مع رؤية "ترامب" حول الوضع في سوريا، إذ تؤكد وجوب التركيز على محاربة تنظيمي الدولة والقاعدة، دون الاقتراب مطلقا من نظام بشار، الذي تعارض أي مسعى للإطاحة به، معتبرة أن رحيله يقوي شوكة التنظيمات "الإرهابية" ويمهد لسيطرتها على سوريا.
"غابارد" التي خدمت في العراق إبان الغزو الأمريكي له، الذي أدى إلى الإطاحة بصدام حسين، يحلو لها في نفس الوقت مقارنة بشار بصدام، كما تقارن بشار أيضا بالقذافي، الذي أُسقط بمساعدة أمريكا، ورغم ذلك فهي ترفض إسقاط واشنطن لبشار.
في 2016 صوتت "غابارد" ضد مشروع قانون في مجلس النواب الأمريكي يدين جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في سوريا، رغم أن هذه الجرائم في نظرها ارتكبت من قبل "الجماعات المتطرفة"، التي لا تكل من الدعوة للقضاء عليها.
كما عارضت "غابارد" مرارا تسليح بلادها للفصائل التي تقاتل بشار الأسد، متذرعة أن هذه الفصائل مخترقة من العناصر المتطرفة التي لا يمكن الركون إليها، واصطفت إلى النواب الجمهوريين الذين دعوا لوقف قبول اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة، بوصفهم قنابل إرهابية موقوتة.
"غابارد" عضو الكونغرس لولايتين نيابيتين عن ولاية هاواي، دعمت خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة مرشح حزبها الديمقرطي "بيرني ساندرز"، الذي سقط قبل بلوغ المراحل النهائية؛ ليصعد "ترامب" ممثل الجمهوريين.
ورغم أنها ديمقراطية الانتماء، فإن "غابارد" تعد إلى حد بعيد "جمهورية" الولاء والمواقف، إلى درجة أنها توصف بـ"محبوبة الجمهوريين التي لايستطيع الحزب الديمقراطي ضبط مواقفها"، لكثرة ما تخالف مواقف حزبها وتتمرد عليها، وعلى هذا الأساس فهي مقربة من "ترامب"، ومتوافقة معه في الكثير من القضايا.
فـ"غابارد" التي هي أول أمريكي يدين بالهندوسية يدخل الكونغرس، أعربت عن تأييدها لبقاء بشار في السلطة، كما أشادت برئيس مصر "عبدالفتاح السيسي" باعتباره في نظرها رجلا قويا اتخذ إجراءات صارمة ضد الجماعات الإسلامية، علما أن "ترامب" يصف "السيسي" بعبارة "الرجل الرائع".
وبدرجة أكبر أعلنت "غابارد" تأييدها رئيس الوزراء الهندي "نارندرا مودي"، الذي يشترك معها في الديانة، وفي التركيز على تغذية المدّ الهندوسي والاستعانة بأشخاص معروفين بكراهيتهم للإسلام، عما أن "ترامب" يطلق على "مودي" لقب "الرجل العظيم".
وفي نطاق عدائها الواضح للإسلام، انتقدت "غابارد" الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" لرفضه وصف تنظيم الدولة بأنه "جماعة إسلامية"، معتبرة أن "أوباما" يفتقد لأي فكرة عن "العقيدة الإسلامية المتطرفة"، وهي عين الانتقادات التي وجهها "ترامب" وطاقمه لإدارة "أوباما" في هذا الخصوص.
وفضلا عن ذلك، فإن "غابارد" تعد المرأة المفضلة لدى "ستيف بانون"، الذي يخدم الآن بصفة كبير الاستراتيجيين في طاقم "ترامب".
ولا تقل الخلفية العائلية لـ"غابارد" غرابة عن خلفيتها الدينية والسياسية، فوالدها "مايك غابارد" سيناتور في ولاية هاواي، وقد كان عضوا في الحزب الجمهوري قبل أن يتركه وينضم لمنافسه الحزب الديمقراطي، وهو يمارس طقوس الرومان الكاثوليك، التي ربطها بأحد أكثر أشكال الهندوسية تطرفا.
أما "كارول" والدة "غابارد" فتدين بالهندوسية، ويبدو أن ديانة الوالدة كانت سببا في تحول الابنة إليها عندما كانت في سن المراهقة.
وتتولى "غابارد" الترويج لما تسميه "اضطهاد الهندوس"، لاسيما في البلدان ذات الأغلبية المسلمة، منكرة في نفس الوقت تأييدها لجماعات الهندوس المتطرفة، ونافية أيضا أن يكون انتماءها الديني قد ساهم في تكوين رأيها المعادي للإسلام.
زمان الوصل - ترجمة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية