وأخيراً مات الأب الروحي لأجيال سوريا المتعاقبة...ممتاز البحرة الرسام الكبير الذي صنع شخصيات باسم ورباب في الكتب الابتدائية السورية التي ربّت على مدار عقود متلاحقة أطفال الوطن على مبادئ عظيمة كالأخلاق واحترام الآخرين كباراً وصغاراً والتفوق كميزة محببة للصغار.
مات ممتاز البحرة صانع مجلة أسامة في نهاية 1969 مع رفاق سبقوه إلى الموت (نذير نبعة وغسان سباعي وعادل أبو شنب)، وجيل كامل من الرسامين والكتاب ساهموا في وجبة دسمة للقراء الصغار، وكان البحرة أول من فتح الطريق بريشته المبدعة إلى الكوميكس السوري في القرن الماضي.
مات البحرة في عزلته (1938-2017) التي اختارها في دار "السعادة" للمسنين على أصوات القصف الهمجي على الغوطة ووادي بردى آخر جبهات الصمود في الغوطة الشرقية والغربية، حيث يموت الصغار هناك بدلاً من الذهاب إلى المدرسة التي أفنى عمره في صناعة فنها المقدس.
اليوم تودع دمشق أحد مبدعيها الأوائل، وأبرز رساميها بعد أن تحولت المراكز الثقافية وصالات المعارض الفنية لتمجيد انتصارات الهمجية على الحضارة، وتوزع فيها شهادات القتل على المجرمين الغزاة الإيرانيين والروس، وتحضّر مدارسها لعصر فارسي يصب اللعنات على تاريخها، فالمدينة التي اعتادت السهر والفن والإبداع تتحول في عتمتها اليوم إلى حفلة لطم سوداء.
الرحمة لممتاز البحرة، والمجد لدمشق التي لن يهزمها السواد.

ناصر علي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية