أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بين "رندة" و"حمدة".. القصة باختصار*

رندة قسيس - جيتي

لم أستسغ في يوم من الأيام الشعر النبطي الذي كان يكتبه الشاعر عمر الفرا، ولكن كانت تأخذني طريقة إلقائه وخصوصا لقصيدته "حمدة"، وليته لم يكتب غيرها..!!

لقد سيطرت على هذه القصيدة، أيام الشباب، فترة زمنية لا بأس بها، لدرجة كنت أدندن فيها بيني وبين نفسي، في البيت، في الشارع، في الباص، في كل مكان تقريبا، وكم من المرات زلّ لساني وأنا في الدكان، فبدل أن أقول للبائع أعطني كيلو سكر، أتلفظ بأحد مقاطع القصيدة، أو أن أقول له أعطني كيلو سكر لكن على نفس طريقة إلقاء عمر الفرا للقصيدة. 

مرة جربت أن ألقي القصيدة بصوت مرتفع أمام أحد الأصدقاء، فنصحني أن أتوقف عن هذا الأمر نهائيا وبتاتا، أما أخي الأكبر فكان في كثير من الأحيان يشاطرني بعض مقاطعها، كأن يبادرني بالقول: ما أريدك ما أريدك، فأرد عليه حتى لو تاخدني بايدك .. وهكذا إلى نهاية القصيدة... 

عندما كبرت، بدأت أشعر أن "حمدة" التي وصفها الشاعر بأنها كانت أجمل بنات القبيلة، أصبحت ترمز إلى امرأة كهلة وتفوح منها رائحة الماعز، فلا يمكن أن يكون هناك فتاة اسمها "حمدة" وأن تكون جميلة بنفس الوقت، هكذا أخذت أتصور الأمر.. فتوقفت نهائيا عن الإعجاب بالقصيدة وبطريقة إلقائها. 

اليوم عادت القصيدة لتقفز إلى ذاكرتي مع تنامي الحديث عن ترشيح اسم "رندة قسيس" لتشغل منصب رئيس الجمهورية بدل بشار الأسد، فما أشبه "رندة" بـ "حمدة"، أو أنها صديقتها التي استفادت من تجربتها وتمردت على العادات والتقاليد واستطاعت أن تفلت من القتل وتهرب إلى أوروبا، ومن هناك تبدأ حياتها الفعلية والإعلامية بإثارة ضجيج الرجل الشرقي وغرائزه من خلال الحديث عن غشاء البكارة، ثم تشاء المصادفة أن تقوم ثورة في سوريا وتصبح "رندة" معارضة ولها حضورها الدولي، وها هي اليوم تطرق باب أعلى منصب في البلد وبدعم من دول عظمى، ولا تستغربوا أن يكون موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب داعما لترشيحها لهذا المنصب ..!!

لي صديق عمره أكثر من خمسة وخمسين عاما، ولديه أسرة وأولاد كبار متزوجون وحياته الأسرية مستقرة في حدود معرفتي .. علمت مؤخرا أنه تزوج على زوجته شابة في الثلاثينيات من العمر، ودون أن يكون ذلك جزءا من طموحه الحياتي ... أخبرني، عندما سألته عن الأمر، أن لديه اعتقادا بأن الثورة السورية كلها قامت من أجل أن تحدث معه مصادفات غريبة لم يتوقعها طوال حياته، أدت به إلى أن يتزوج مرة ثانية دون أن يكون راغبا بالفكرة أو مخططا لها وحتى دون أن يزعج ذلك أسرته. 

وهذا ما حصل مع "رندة" بالضبط، فهي لربما تشعر أن الثورة كلها قامت من أجل أن تنقلها من حال إلى حال، فبعد أن كانت قضيتها المركزية هي غشاء البكارة، وهو الموضوع الذي يقضي بالعادة على أي طموح سياسي لدى الشخص، أصبحت اسما يشغل اهتمام السوريين بكل تصنيفاتهم، وهم باتوا لا يستغربون أن تحكمهم بالمرحلة السابقة، وقد يقبلونها عن طيب خاطر إذا كان الخيار الآخر هو بشار. 

ليت عمر الفرا لم يدافع عن حقوق "حمدة" وطموحاتها ويدعم تمردها، وإلا ما وصل بنا الحال إلى مرحلة "رندة".

*فؤاد عبد العزيز - من كتاب "زمان الوصل"
(232)    هل أعجبتك المقالة (233)

محمد علي

2016-12-31

تحياتي استاذ فؤاد ،،،، انتو جماعه معقدين ،،، لا حمده و لا رندة ،،، و لا بشار الحمار ،،،، شعب ما بيعجبه العجب..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي