أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"عقيل أحمد".. فنان سوري يبحث عن أسلوبه الخاص في الخط العربي

الفنان "عقيل أحمد"

اختار الفنان السوري "عقيل أحمد" مواليد دمشق 1988 أن يطل من نافذة خياله على عوالم جمالية ثرة فاتخذ من الحرف العربي لغة فنية جمالية عبَّر من خلالها عن ذوق راقٍ وإحساس فني مرهف، مازجاً ب ين الموسيقى والخط في وحدة تآلفية للوصول إلى لغة بصرية تجريدية، وهو المشروع الذي بدأه منذ سنوات في ورشات البناء التي اضطرته ظروف الحرب واللجوء للعمل فيها.

ينحدر "عقيل"، الذي كان يعيش قبل الحرب في حلب من مدينة جرابلس شمال سوريا عند مدخل الفرات، وكانت بداية شغفه بالخط العربي منذ الطفولة، حيث تأثر بلوحات الإعلانات التي كانت تصافحها عيناه على واجهات المحلات في شوارع حلب، وكان يحاول تقليد خطوط هذه اللوحات، وأثناء ذلك تأثر بابن عمته الفنان "خضر المحمد" وهو خطاط إعلانات تجارية، وتلقى بعدها تشجيعاً من والده الذي يعتبره أستاذه الأول رغم أنه لم يكن خطاطاً.

ثم درس "عقيل" عند الفنان العراقي الجنسية "أنور الحيالي" والتحق فيما بعد بمعهد الفنون التطبيقية بدمشق عند الأساتذة "مؤمل عكرمة" و"جلال المحارب"، ومن ثم انتقل للدراسة في كلية الفنون الجميلة بحلب ليتخرج منها عام 2014، وخلال ذلك تلقى أصول الخط على يد الخطاط والشاعر "عبد الجليل عليان" والفنان "هيثم سلمو" وبدأ بعد ذلك بالبحث عن أسلوبه الخاص في الخط العربي. 


وبسبب ظروف الحرب والحصار اضطر للانتقال إلى دمشق ومن ثم إلى لبنان، حيث أجبرته ظروف اللجوء هناك على العمل في ورشات البناء لتأمين لقمة العيش وبدأ مشروعه الفني الذي كان عبارة عن أعمال ثورية تعبر عن عشقه لدمشق "مدينة الحب". يقول "عقيل" لـ"زمان الوصل" إنه أنجز مجموعة من الأعمال التي تحكي عن الحب الصوفي، من وحي بردى دمشق والعشق المتأصل في زوايا دمشق العتيقة وتمزج بين نداوة الفرات الذي يجري في عروقه ورائحة ياسمين الشام، محاولاً الخلط بين المرئي والمسموع بلغة بصرية، ساكباً إحساسه ومشاعره في العمل بعفوية مطلقة ومستخدماً الحرف العربي ليصل إلى لغة بصرية تجريدية تختزن الكثير من الجماليات. 

خلال وجوده في بيروت عمل عقيل في البناء وخلال أوقات فراغه لجأ لتنفيذ بعض اللوحات الجدارية التزينية بمفهوم غرافيتي من خلال مادة الاسمنت باستخدام بخاخ يدوي، وتطور الأمر إلى الفن الغرافيتي الذي تمكن من توظيفه فيما بعد في لوحاته. 

شارك "عقيل" في عدة معارض مشتركة في بيروت وأقام معرضه الفردي الأول في قاعة "نهى الراضي" بمسرح المدينة في بيروت، ونال جائزة "البردة" للتشكيل الحروفي في دبي، ثم اشترك في "بينالي الشارقة" بمجموعة أعمال من القطع الكبير تحكي عن النقطة ومركزيتها وماهيتها الصوفية بالنسبة للكون.

ولفت محدثنا إلى أنه الآن بصدد مشروع فني بعنوان "الموليا" يحاول من خلاله -كما يقول- أن يضبط الإيقاع البصري مع الموسيقى، وينجز لوحات تمزج بين بحور الشعر ومقامات الموسيقا باستخدام الحرف العربي، فللقصيدة -كما يقول- عناصرها كالأحرف والكلمات وما يجمع بينها وبين الرتم الموسيقي ..البحر والقافية والوزن، لافتاً إلى أن مشروعه يتمثل في إلغاء الصلة بين هذه العناصر وربطها بالموسيقى على اللوحة بأسلوب تجريدي مطلق يحمل دفء الإحساس بكينونة الحرف العربي وإمكانياته اللانهائية.


في غمرة ألوانه الحارة أحياناً والباردة أحياناً أخرى يقفز اللون الأزرق بتدرجاته المختلفة من عوالم لوحة عقيل ليحتل مكان كل الألوان وحول سر هذا اللون في أعماله وما الذي يعنيه بالنسبة له أشار الفنان الجرابلسي إلى أن اللون الأزرق أخذ من ذاكرته كثيراً، فهو الجنة والسماء وبحر بيروت وهو الفرات الأزرق ولون الحب والصفاء الروحي والأزرق الشامي الذي اشتهرت به دمشق من خلال أعمال الخزف والقاشاني الأزرق ولون القبلة الأولى.

وأشار محدثنا إلى أن إحدى لوحاته بدت وكأنها خارجة من القلب لتطال السماء وكأنها تريد أن تقول أن "السماء لا تتسع لحضورك.. قلبي يتسع". 

وبموازاة الأزرق يحضر الأبيض في عوالم "عقيل" اللونية رغم أنه يكاد أن يكون عدماً في الكثير من اللوحات الحروفية.

وحول توظيفه لهذا اللون يوضح محدثنا أنه أراد من استخدام البياض المطلق في لوحته التركيز على جماليات الحرف وحركته ورقصاته دون أن يكون ثمة لون محدد، مضيفاً أن "الأبيض لون يجمع كل الألوان ويحوي تجريداً مطلقاً، وهو الأصل لكل لون، كما هو حرف الألف أصل لكل الحروف وموجود بكل اللغات المحكية والمنطوقة، ولأن الانعدام يحمل الكمال في كينونته والعكس صحيح، تجتمع كل الألوان لتكوّن لوناً واحداً هو اكتمالها الأبيض". 

وختم "عقيل أحمد" أن "الفن هو ثورة وانقلاب على المألوف وإعادة هيكلته بشكل جمالي، والفن تالياً محاولة لخلق أحاسيس بصرية جديدة، لذلك فالتجريد ليس مجرد خلط ألوان بل هو وعي وتفكير وإحساس بصري عالي المستوى".

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(252)    هل أعجبتك المقالة (197)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي