تابعت "زمان الوصل" باهتمام شديد، الأنباء والتقارير التي أوردتها وسائل إعلام روسية مختلفة، حول إرسال موسكو مجموعة مما يعرف باسم "القوات الشيشانية الخاصة"إلى سوريا؛ لتكون أحدث من يضاف إلى القائمة الطويلة من "حلفاء الأسد" الذين يقاتلون معه ضد الشعب السوري، بهدف إخماد جذوة ثورته نهائيا.
واطلعت "زمان الوصل" على جملة من تقارير الإعلام الروسي في هذا الشأن، وتولت تلخيص أهم ما جاء فيها، وفي مقدمتها تقرير لصحيفة "إزفستيا" أكد إرسال قوات من كتائب "فوستوك" و"زاباد" (الشرق والغرب)، التي يصطلح على تسميتها بنخبة القوات الشيشانية.
كما أعلنت صحيفة "كوميرسانت" المعروفة بقربها الشديد من الكرملين أن تلك القوات قد باشرت بالفعل الانتقال إلى سوريا، وأن وصولها سيكتمل نهاية هذا العام، مستندة إلى تأكيدات من مصادر خاصة بالصحيفة، وإلى تحليل لمقطع مصور، تم التحقق من مصداقيته يوثق "مراسم وداع" عناصر من تلك الكتائب.
واتفقت الصحيفتان بأن "المهمة" الموكلة إلى كتائب النخبة الشيشانية ستكون حراسة القواعد الروسية في سوريا، لاسيما في حميميم (ريف اللاذقية) وطرطوس، أي إنها ستكون بمثابة قوات "شرطة عسكرية" أكثر من أي صفة أخرى.
*من رحم المليشيات
وبالعودة إلى ما استخرجناه من معلومات عن كتائب "فوستوك" و"زاباد" الشيشانية، يتضح أن ظهورها كتائب "زاباد" كان في صورة مليشيا مجرمة قاتلت ضد الزعيم الشيشاني البارز والمناوئ لموسكو "جوهر دوادييف" أواسط تسعينات القرن الماضي، قبل أن تضع نفسها تحت تصرف موسكو لتكون –أي هذه المليشيا- خنجرا مسموما تطعن به الشيشانيين وتمزق به بلادهم، خلال الحرب الأولى التي خاضتها موسكو ضد غروزني.
أما كتائب "فوستوك" فيعود أصلها إلى "الإخوة يامدييف"، الذي يصنف أبرزهم (سليم) في زمرة الخائنين للشعب الشيشاني، حيث حارب الروس سنوات في صفوف الثوار الشيشان، قبل أن ينقلب تماما ويتحول إلى معسكر موسكو، لينال رضاها وأوسمتها.
وتم الإعلان عن تشكيل كتائب "فوستوك" و"زاباد" رسميا في عام 2003، لتلمّ ضمن صفوفها شمل جزءا من المرتزقة الذين حاربوا إلى جانب جيش الغزو الروسي في الشيشان.
وفي عام 2008، وعندما نشبت الحرب القصيرة بين روسيا وجورجيا، عمد "بوتين" إلى استخدام عناصر من كتائب "فوستوك" و"زاباد" كرأس حربة في تلك المعارك.
لكن اللافت أكثر، أن عام 2006 شهد إرسال موسكو لعناصر من "فوستوك" و"زاباد" للقيام بأعمال حراسة لكتيبة روسية تم إيفادها إلى لبنان من أجل المساعدة على "إعمار البنى التحتية"، كما زعمت موسكو، والتي تم تدميرها جراء الحرب العنيفة صيف ذلك العام بين قوات الدولة العبرية ومليشيا "حزب الله".
وأثناء وجودهم في جنوب لبنان، على حدود فلسطين، كان بعض عناصر "فوستوك" و"زاباد" يتذاكرون - على سبيل التسلية ورفع المعنويات وربما من باب الدعابة- أشعارا وأناشيد من بلادهم، أبرزها أنشودة تشير إلى أن الشيشانيين سيكونون جزءا مفتاحيا من الجيوش التي ستستعيد القدس.
والمقصود هنا تحديدا أنشودة "القدس" التي أداها "تيمور موتسوراييف" في عز معركة غروزني (1999-2000)، وشكلت بكلماتها الحماسية زادا معنويا للمقاتلين الشيشان ضد روسيا.
*"السنة" كلمة السر
تناقلت بعض المواقع المهتمة بالشأن الروسي تحليلات، رأى بعضها أن نقل مجموعات من قوات النخبة الشيشانية لمجرد ممارسة مهام "الحراسة" في سوريا، أمر يفتقد لأي معنى، وأن المرجح هو إسناد مهام أكثر تعقيدا لهذه القوات.
ورأت بعض التحليلات أن التكوين "السني" الغالب على تلك القوات الشيشانية، ربما يكون من عوامل اختيار موسكو لها، فهؤلاء "السنة" سبق لهم أن هزموا "الجهاد الوهابي" في الشيشان، ويمكن لهم أن يكرروا الموقف في سوريا.
ولم تنس التحليلات الإشارة إلى شدة بأس المقاتلين الشيشان وضراوتهم في الحرب، الأمر الذي جعل كل القادة السوفييت ومن بعدهم الروس يهتمون باستمالة هؤلاء المقاتلين وزجهم في صفوف جيوشهم، ليستفيدوا من قوتهم.
بقي أن نشير قبل الختام إلى أن روسيا أرسلت كاهنا أرثوذكسيا و"مفتياً" إلى مراسم توديع عناصر "فوتسوك" و"زاباد"، من أجل "مباركة" هؤلاء العناصر وتحفيزهم، باعتبارهم ذاهبين على "حرب مقدسة".
*القدس لنا
تولت "زمان الوصل" ترجمة أهم مقاطع أنشودة "القدس" التي أداها " موتسوراييف " بإحساس عال، وانتشرت كالنار في الهشيم وقتها، وكرر فيها لفظة "القدس" ما لا يقل عن 15 مرة. (تنويه: ترجمة مقاطع الأشعار والأناشيد لايمكن بأي حال أن تكون حرفية بالمعني الضيق، وإلا فإن بعض العبارات ستصبح بلا معنى ولاروح):
يا الله، العالم يلفه سديم رهيب، والحرب تسلم الطريق لحرب أخرى، القرن مرعب.. قرن الكفر والشر، يا الله سبيل الجهاد فقط هي الواضحة.
تجمعت قوى الشر، ونحن نتضرع إليك بأمنية واحدة: القدس، القدس!
يا الله، ونحن نعيش لأجل ذلك اليوم، يوم نصل إليك، فاجعل موتنا في سبيلك.
الشمس تشرق من مغربها فجأة، والسماء تقذف بالشهب فجأة، وبيت الله أضاءه النبي عيسى.. القدس ستكون لنا، وإلى المعبد سيدخل جنودك يا الله، فاستمع لصلواتهم.
يا الله جد (أنعم) علينا بفهم الحقيقة، وأعطنا القوة في الأوقات الصعبة لنستطيع المقاومة، في هذا العالم الشيطان يغوي، إلا في الجهاد، فسبيل الجهاد واضحة.
سنُرخص أرواحنا في سبيل الله، وأبصارنا سنرفعها إلى الله، والقدس ستكون لنا.
ياالله أنت رفعت هذا البيت، وأعطيته منحة لعدد من الأنبياء، هنا أرض الميعاد، ولكنها الآن مأوى للأعداء.
ليس بعيدا ذاك اليوم الذي سنصل ونرفع العلم الأسود فوق البيت (القدس).. القدس ستكون لنا.
تجمعت هناك قوى الشر، ونحن نتضرع إليك ليعود البيت (القدس) ويرحل الشر.. القدس ستكون لنا.
إيثار عبد الحق - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية