"كيلو" عندما يضع نفسه بمواقف "بايخة"*

سلسلة المواقف التي أطلقها ميشيل كيلو بحق السعودية مؤخرا، لم تعد بالشتم عليه لوحده، وإنما على كامل جمهور الثورة والشعب السوري، فكاد أن ينطبق عليه المثل المعروف "الابن الوسخ بجيب لأهله المسبة" .. إلا أن ميشيل وإن جلب لنا المسبة، فهو ليس بالابن الوسخ، وإنما بدا واضحا أنه يريد أن يبرئ نفسه من تبعات مرحلة كان هو لاعبا أساسيا فيها، فوقع بالكفر والمحظور.
اتهام السعودية بالتقصير اتجاه دعم الثورة السورية وتوجيه المنة للخليج بأن السوريين يحاربون نيابة عنهم، هو المحظور الذي وقع به ميشيل كيلو، فتلقفه "محمد آل سلطان" في صحيفة عكاظ السعودية لينثر علينا روائحه الكريهة التي "نكشها" ميشيل بالأصل .. فكتب مقالا ينتمي إلى ذاك النوع من الأفكار العشائرية التي تستخف بأصول الآخرين، وتكاد تسألهم، أبناء من أنتم؟
وعلى الرغم من أن حفلة الشتم كانت كلها موجهة لميشيل كيلو ولشخصه "الكريم"، إلا أن مجرد اتهام معارض بوزن ميشيل كيلو والاستخفاف به وشتمه بأبشع العبارات، إنما هو شتم لكل جمهور الثورة والمعارضة السورية... ووصل الأمر بـ "محمد آل سلطان" إلى حد اعتبار حضارة بلاد الشام أنها من صنع الجزيرة العربية وثقافة أبنائها! هذا ناهيك عن تذكير السوريين بالملايين الذين استقبلتهم المملكة على أراضيها أو دعمتهم في المخيمات!
بكل الأحوال، من يقرأ مقال محمد آال سلطان في عكاظ والذي عنونه "ميشيل كيل، كيلو بميشيل" ينتابه شعور بأن فيه استباقا لكل من تسول له نفسه لاحقا، من المعارضة السورية، أن يتعرض للسعودية ولموقفها من الثورة.. لذلك بدا قاسيا جدا وبشكل يفوق الكلام الذي تحدث به ميشيل.
على أن مواقف وتصريحات ميشيل كيلو لم تتوقف عند هذا الحد، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، عندما أخذ يلقي التهم على الجميع من باب المصارحة والاعتراف بالخطأ.. فوقع بالكفر، من وجهة نظر البعض، وهو ينتقد التيارات الإسلامية التي سيطرت على كتائب الثورة المسلحة واصفا الدين الإسلامي أو الطريقة التي يفكر بها المسلمون بأنها تساوي عنده "فرنك"، الأمر الذي فتح عليه نيران جمهور الثورة، فلم يجد من يدافع عنه عندما شتمه "محمد آل سلطان" بل على العكس وجدوا أنه يستحق الشتيمة.
خلاصة لكل ما سبق: ما الذي يحدث مع ميشيل كيلو بالضبط؟ ولماذا هو منفعل إلى هذا الحد ويريد أن يمارس دور بطل رواية يوسف السباعي "أرض النفاق" الذي تناول حبة الصراحة وأخذ يواجه الناس بحقيقتهم؟، لماذا يريد أن يقدم نفسه على أنه محلل وناشط سياسي، وليس شخصية بارزة في المعارضة وكان لها دور كبير في تسيير دفتها؟
ومادام بكل هذا الوعي بالوسط المحيط بالثورة وداخلها لماذا "انضحك" عليه هو الآخر؟
أسئلة كثيرة يعرض ميشيل كيلو نفسه لها وهو يمارس دور الواعظ والحكيم في الثورة، إلا أنه من سوء حظه أن الفترة الزمنية، التي قرر أن يمارس فيها هذا الدور، سيئة وهي لم تعد تستثني أحدا من نقدها الجارح، مهما كان صاحبها مناضلا أو سجينا سياسيا سابقا في سجون الأسد أيام الصمت السوري.
أما إذا أراد ميشيل كيلو الاستمرار بهذا الطريق "الصريح" ، فإنه سوف يعرض نفسه للمزيد من المواقف "البايخة".. ولعله رأى بأم عينه أن البداية كانت شتما وتكفيرا، فكيف ستكون النهاية؟!
*فؤاد عبد العزيز - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية