أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

صدمة حلب.. حسين الزعبي*

من حلب - الأناضول

بدأت كتابة هذه الزاوية بينما كانت مديرية الدفاع المدني تعلن حلب مدينة منكوبة بعد نفاد مقومات عملها، والحقيقة أن ما يحصل في حلب وما قد يحصل خلال الأيام وربما الساعات المقبلة من تقدم لقوات النظام ليس نكبة لحلب وحدها، بل نكبة لأهل الثورة وللعرب وللترك نصيب منها أيضا، نكبة لن تجدي معها البكائيات ولا الأحزان ولا الشتائم، بل قد لا يقوم للثورة قائمة في حال بقي مسار الأحداث كما هو خلال الساعات الماضية.

حلب، وبقايا الثورة ليست بحاجة للطميات، بل بحاجة للتعامل مع واقعها بطريقة الصدمة التي تفتح العيون على وقائع مريرة ما عاد ينفع معها مجرد توصيف الحال ولا الاختباء وراء الإصبع والاكتفاء بلوم هذا الفصيل أو ذاك، أو تحميل المسؤولية لهذا الجناح السياسي أو ذاك، فكلنا أخفق وكلنا فشل في الوصول للمبتغى وكلنا في الألم سواء.

قد نكون بحاجة "صدمة حلب" ليعود للسوري الإحساس بمسؤوليته تجاه بلده، ولتعود له ثقته بقدرته على قلب طاولة كل المخططات من موسكو إلى طهران.

ولأن الملف السوري من أعقد الملفات لا يمكن أن تتوفر وصفة واحدة لإنجاز ما هو مأمول، ولعل مجموعة من الخطوات العاجلة تكون بداية لاستدراك ما يمكن استدراكه في اللحظات الأخيرة، وهي خطوات وإن بدت صعبة التحقق، لكن لنا أن نأمل فيها، فألم فقدان حلب وما يترتب عليها من انتكاسة سيدفع ثمنها كل من أمل بسوريا حرة. 

شخصيا، لا أرى كفرا في أن تعلن أحرار الشام وجبهة فتح الشام، أو على الاقل، من هم من أبناء سورية فيها، تحولهم لجيش وطني يتخذ من علم الثورة راية له، ولتترك مسألة شكل الحكم وهوية سورية لفترة ما بعد الحسم، على أن يتخذ الائتلاف الوطني خطوات تصعيدية، ولا ضير أن يعلن استقالته احتجاجا على الأقل، أو أن يقلص حجمه لخلية عمل تبقى في حالة اجتماع مفتوح للقيام بما يمكن القيام به.

أما الخطوة الأخرى، فهي تغيير استراتيجية التمترس في المدن وتوجيه البوصلة إلى رأس النظام في دمشق أو في معاقله في الساحل. 

الخطوة الثالثة أن تعلن الفصائل، كافة الفصائل في الشمال السوري رفضها استقبال أي دفعة جديدة من المهجرين، فما يحصل من تهجير في مناطق ريف الشام يأتي في سياق معركة أكبر تدار من طهران. 

المسألة أكثر تعقيدا مما سبق طرحه، كلنا يعلم هذا، لكن ما لا بد منه هو أن يتخذ السوريون بعض زمام المبادرة ومهما بلغت درجة ضعفهم فهم الأقدر على تغيير المعطيات، وبقدر ما تقع المسؤولية عليهم بقدر ما سيتحمل العرب، وتحديدا السعودية عواقب خسارة حلب، ولنا أن نتخيل بعدها "عملقة" ميليشيات ايران العراقية وما شرق المملكة عنها ببعيد.

أما الأتراك فإن كانوا فعلا تخلوا عن حلب وعن السوريين وثورتهم، فستجبرهم الأيام على أكثر من "جالديران".

* من كتاب "زمان الوصل"
(170)    هل أعجبتك المقالة (173)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي