أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"زاوية أكثر ظلاماً".. مسرحية سورية لفنانين هواة في ألمانيا

تسلط المسرحية الصامتة الضوء على معاناة المعتقلين وحالات اغتصاب النساء في سجون النظام واستخدام السلاح الكيماوي

بين "رتابة الصمت" و"وطأة الظلام" تسير أحداث العرض المسرحي "زاوية أكثر ظلاماً" الذي قدمه عدد من الفنانين السوريين الهواة على مسرح juks بمدينة biberach ضمن مقاطعة "شتوتغارت" الألمانية منذ أيام.

وتسلط المسرحية الصامتة الضوء على معاناة المعتقلين وحالات اغتصاب النساء في سجون النظام واستخدام السلاح الكيماوي بحق المدنيين، وهي الملفات المسكوت عنها من قبل المجتمع الدولي الذي يدعي الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

بدأت فكرة المسرحية نتيجة نقاش دار بين عدد من الشبان اللاجئين في ألمانيا والألمان الذين لا يعرفون لماذا يتواجد اللاجئون في بلادهم وكان السؤال الدائم الموجه لهؤلاء اللاجئين، ورغم أن هؤلاء الألمان يعرفون أن هناك حرباً في سوريا، ولكنهم لا يكفون التساؤل: "كيف بدأت هذه الحرب ومن الظالم والمظلوم فيها وما لذي دفع السوريين لترك بلادهم وكل ما يملكون والمجيء إلى هنا"، تلك الأسئلة كما يقول مؤلف العمل "فراس الشامي" دفعته مع عدد مع رفاقه المهتمين بالمسرح للتفكير في تقديم عمل مسرحي يشرح الكثير من الغموض تجاه ما يجري في سوريا ويقدم الإجابات للأسئلة المفتوحة التي تراود الأوربيين. 

درس الشامي (23 سنة) القادم من دمشق في كلية الحقوق، ولكنه لم يستطع إكمال دراسته بسبب الحرب، ما اضطره لترك الجامعة واللجوء إلى ألمانيا منذ 8 أشهر، ونظراً لشغفه بالتمثيل والمسرح، خطر بذهنه أن يقدم عملاً مسرحياً يشرح فيها ما جرى ويجري في الداخل، ولكن التحدي الأول الذي واجهه -كما يقول- لـ"زمان الوصل" هو العثور على مخرج للعمل وبعد تحضير الفكرة وتجهز العمل بدأ بالبحث عن مخرج، واتفق مع صديقه "ورد الدمشقي" الذي يقيم في النمسا ولم يمانع من المجيء إلى ألمانيا والعمل على تدريب الممثلين على المسرحية والعودة إلى النمسا بشكل يومي، والتحدي الثاني الذي واجه مؤلف العمل كما يؤكد، هو الدعم المادي لتأمين ملابس وديكور ومكياج ومستلزمات العمل المسرحي عادة، ولم يجد بداً من التبرع مع باقي زملائه المشاركين في العمل لتأمين احتياجات المسرحية فيما تكفلت مقاطعة شتوتغارت بتقديم المسرح طوال 3 أيام.

تروي المسرحية قصة عدد من الأطفال يلهون معاً ويتوجه أحدهم إلى حائط قريب ليكتب عليه كلمة "حرية"، ويعود ليلهو مع رفاقه ويمر ضابط جانب الجدار بعد لحظات ليقرأ ما كُتب عليه، فيكسر قلم الطفل ويأمر باعتقاله على الفور.

وفي مشهد آخر يبدو الطفل بعد أن يخرج من السجن وهو منهك الجسد ومدمى الوجه، وعندما يحاول عدد من الشبان مساعدته يتم اعتقالهم أيضاً، ويظهر في مشهد ثالث من المسرحية عدد من المعتقلين وهم يتعرضون للتعذيب والإذلال في الزوايا المعتمة داخل المعتقل، وفي المشهد الرابع من المسرحية يخرج الشعب ثائراً ضد النظام ومطالباً بحريته وكرامته، وتتوالى المشاهد التي تجسد المظاهرات السلمية، وكيف واجهتها قوات النظام بالرصاص الحي، فيُظهر أحد المشاهد الحالة المأساوية لفتاة تم اغتصابها داخل المعتقل، وثمة مشهد يتناول ضرب قوات النظام للمدنيين بالكيماوي، وحالة الذعر التي أصابت الأهالي، ويُختم المشهد الأخير بهجرة السوريين خارج سوريا هرباً من الحرب والاعتقالات والتشبيح. 

الفنان الشاب "يزن" الذي يؤدي دور الضابط الذي يعذّب المعتقلين أعرب عن سعادته لمشاركته في مسرحية "زاوية أكثر ظلاماً" لكونها صامتة -كما قال- وبخاصة أنه غير متمكن من اللغة.

وأضاف يزن أن "فريق المسرحية كان في منتهى التفاعل والاندماج في أدوارهم، لأن المسرحية أولاً وأخيراً تمثل قصتهم وتلمس وجعهم"، لافتا إلى أن الجمهور الألماني تأثر بالمسرحية وبعضهم خرجوا من الصالة وهم يبكون. 

بدورها أشارت الفنانة الشابة "صوفي" وهي ممثلة وماكيير إلى أنها أدت في المسرحية دور إحدى المتظاهرات وضحية من ضحايا الكيماوي، وأضافت أنها تولت وضع المكياج المناسب لضحايا التعذيب وللطفل الذي تم تعذيبه، لافتة إلى أنها شاهدت عندما كانت في سوريا عددا من المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم ووجوههم عليها آثار تعذيب لذلك كان من السهل عليها -كما تقول- استحضار هيئة الخارجين من المعتقل وتجسيدها في المسرحية".

وحول رؤيته الإخراجية للمسرحية أوضح مخرج العمل "ورد الدمشقي" أن دوره في العمل كان تحويل الفكرة التي كانت لدى المؤلف كسيناريو على ورق إلى صورة ومشهد بصري على الخشبة، ونوّه الدمشقي إلى أن الصعوبة الأولى التي واجهته في العمل أن أغلب الفريق المشارك هو من الهواة وبعضهم -كما يؤكد- يصعد للمرة الأولى إلى الخشبة مما اضطره لاتباع أسلوب "ستانسلافسكي" في تهيئة الممثل ليشتغل على دوره من الداخل، لأن العمل الجسدي -كما يقول- هو مجرد انعكاس نفسي.

ولفت محدثنا إلى أنه مع فريق العمل اختاروا الصمت لغة للعمل لأنه يتناسب مع الظلام، ولكي يصل العمل إلى القلب فوراً لا إلى العقل، ولذلك اعتمد إخراجياً -كما يقول- على إيحاءات الممثلين وحضورهم الجسدي.

وأثنى "الدمشقي" على تجاوب فريق العمل مع التعليمات والتزامهم بالحضور الكامل في التدريبات واحترام المواعيد والملاحظات، وكل هذا -كما يقول- كان كفيلاً بإحداث الفرق.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(126)    هل أعجبتك المقالة (133)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي