أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ترامب.. الوجه الآخر لأمريكا*

ترامب - أرشيف

انتخب الأمريكيون سيد البيت الأبيض الجديد على صدى حملة شعارها (اجعل أمريكا قوية مرة أخرى).

وهذا الشعار يحمل في طياته معنى عكسيا وهو أن أمريكا حاليا في حالة ضعف وتحتاج لإعادة ترتيب عوامل القوة التي تمتلكها لتنهض من جديد.

وحقيقة هي كذلك ليس لضعفٍ في اقتصادها أو قوتها ولكن لتربع رجل مهزوم من داخله على السلطة فيها، مما أفقدها الكثير من سطوتها وجبروتها وهيبتها في العالم وأفقدها كذلك ثقة دول العالم بها وهذا ما جعل الكثير من هذه الدول، ومنهم من أصدقائها أو يدور في فلكها يبحث عن توازنات وتحالفات جديدة.

ومضمون شعار حملة ترامب تناغمَ واستنهضَ مشاعر أغلبية الشعب الأمريكي وأحيا في نفسه توقه لأيام قريبة خلت تفردت فيها بلده بزعامة العالم وهذا ما عملت عليه ونجحت فيه حملة ترامب وكان السبب الرئيس في تغلبه على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.

ومن المعروف أن التصريحات والشعارات والعناوين العريضة والبراقة خلال الحملة الانتخابية يخف بريقها بعد انتهاء الحملة والنجاح وممارسة السلطة بشكل فعلي ولكنها تبقى عناوين وخطوطا عريضة يعمل على تحقيقها مع مراعاة هوامش كفيلة بعدم إلحاق أي ضرر بالأمن القومي أو الوطني ويختار فريقه لإدارة البلاد ممن يتمتعون سابقا برؤى ووجهات نظر ومواقف تتوافق مع توجهاته ووعوده، وخاصة إذا ما كان انتخابه لأول مرة فهو وحزبه يحاولان تنفيذها وبطريقة لا تشكل أو ينتج عنها أي ضرر لمصالح البلاد العليا للحفاظ على الشريحة التي انتخبته ومحاولة كسب المزيد من الشرائح الأخرى التي لم تنتخبه لمحاولة ضمان إعادة انتخابه بعد أربع سنوات للدورة الثانية والأخيرة للرئيس.

وفي المقابلة الأخيرة حدد ترامب أولويات إدارته بالضرائب والصحة والهجرة وهذه ملفات أغلبها داخلية لا تعني الدول والشعوب الأخرى حتى وإن وصلت لدرجة قريبة من الكمال.

ما يعنيها هو علاقات وطريقة تعامل أمريكا خارج حدودها مع هذه الدول ويتحكم بذلك بالإضافة للرئيس، من سيتم اختياره وتعيينه على رأس وزارتي الخارجية والدفاع بالإضافة إلى رئيس جهاز وكالة المخابرات المركزية المعروفة اختصارا بالـ (سي آي ايه).

ومن استعراض التاريخ السياسي والتقارير والمعلومات عن الأشخاص الذين يتم تداول أسمائهم للمناصب المذكورة (إن صحت) نجد أن المرشحين كلهم من الصقور أمثال بولتون وجولياني والجنرال فلاين الذين باستطاعتهم أن يعيدوا الهيبة لوجه أمريكا ودورها على الصعيد العالمي وتحقيق الشعار الذي طرحه ترامب عنوانا لحملته، وخاصة إذا ما أخذنا بالحسبان خلفيته، فهو رجل أعمال له شهرته على الصعيد الاقتصادي حتى خارج حدود بلاده وترشحه لرئاسة الولايات المتحدة هو بدوافع السلطة والهيمنة والقوة والتي تتناسب مع طبيعته وسيكيولوجيته، وهذه الدوافع نفسها هي هواجس الرئيس الروسي بوتين الذي يحمل في نفسه مشاعر الغيظ والحقد وحب الانتقام من أمريكا التي كانت سببا في تفكك الاتحاد السوفييتي سابقا عبر الضغط الاقتصادي وسباق التسلح وكل هذا أدى عام 1992 إلى بيروسترويكا الرئيس الروسي آنذاك ميخائيل غورباتشيف التي ساهمت بتفكك الاتحاد السوفييتي إلى دول متناثرة ويحاول بوتين لملمتها من جديد لإعادة أمجاد الامبراطورية السوڤييتية السابقة وخير دليل على ذلك مغامراته في الشيشان سابقا وأوكرانيا وجزيرة القرم حاليا ويطمح بأكثر من ذلك أن سنحت له الفرصة وساعدته الظروف وهذا ما يقلق دول أوروبا أكثر من غيرها وخاصة الشرقية منها التي انفصلت واستقلت عن الاتحاد السوفييتي سابقا.

ولدي شعور أنه يضمر ويطمح أيضا رد الدين كاملا لأمريكا وذلك بمحاولة تفكك ولاياتها إلى دول مستقلة إن استطاع.

وهذا ما ينبئ بتضارب وتصادم الأهداف والمصالح بينهما وبالتالي لابد أن يختلف الرجلان في مرحلة من المراحل والتي نتمنى ألا تطول لأننا كسوريين ونتيجة هذا التصادم بينهما ندفع الثمن الأعلى والأغلى.

*العميد عوض أحمد العلي - مشاركة لـ"زمان الوصل"
(202)    هل أعجبتك المقالة (185)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي