"خير جليس في اللجوء كتاب" هذه هي الحكمة الجديدة التي اختارها الشاب اللاجئ "ورد الدمشقي" شعاراً لمشروعه الثقافي المتمثل بإنشاء أول مكتبة عربية من نوعها في مقاطعة "إنسبروك" (INN'SBRUCK) النمساوية التي جاءها لاجئاً منذ سنتين ويهدف المشروع الذي أطلق عليه اسم "المكتبة العربية في أوروبا" إلى تسهيل إيصال الكتب للقارئ العربي في ظروف ندرة هذه الكتب في دول أوروبا عموماً ومن أجل المحافظة على الثقافة العربية في المنطقة.
ولإثبات أن اللاجئين قادرون على التواصل مع بيئتهم الجديدة من خلال الأدب والثقافة وخاصة في هذه الظروف الصعبة.
ينتمي "ورد الدمشقي" إلى أسرة مثقفة، فوالده المفكر الأديب "محمد خير الحلبي" وأتاح له هذا الوسط المحيط فرصة التعرف على أعظم الأسماء والأدباء وخلق في داخله ملكة التمييز بين الكاتب الرديء والكاتب الجيد والعظيم.
لدى لجوئه إلى قلب أوروبا وجد "الدمشقي" صعوبات جمة في تأمين كتب عربية في النمسا لأن أغلب الكتب المتوفرة هناك باللغة الألمانية –كما يقول- لـ"زمان الوصل"، فخطرت بذهنه فكرة تكوين مكتبة لتشجيع القراءة للسوريين خاصة والعرب عامة مع وجود متسع من الوقت والفراغ الذي يعيشونه في أوروبا، ولذلك اتفق مع صديقة له بدمشق على تزويده بالكتب وبخاصة المعروفة منها من روايات وكتب سياسية واجتماعية وكتب أدبية بمختلف ألوانها وشحنها إليه.
وخصّص "ورد" لمكتبته التي بلغ عدد كتبها نحو 1500 كتاب، ركناً لعرض بعضها في منزله بمدينة "تيرول" في النمسا، وصمم هذا الركن بنفسه -كما يؤكد- مشيراً إلى أن ركن العرض هذا عبارة عن غرفة صالة كبيرة اختار لها اللون الأبيض، لكنه أدخل ألواناً خفيفة لكسر الروتين كالأسود والأصفر.
وفي ركن من المكتبة انتصب راديو قديم يبث الموسيقى فقط وهناك عود شرقي وآلة غيتار.
ويتيح هذا الركن لرواده القراء أن يمارسوا هوايتهم في القراءة بينما يحتسون كوباً من القهوة السريعة فيما يُمنع التدخين داخل المكان.
ولفت محدثنا إلى أنه خصص كتب هذا الركن التي يبلغ عددها 320 كتاباً للقراءة، وأما الكتب المخصصة للبيع، فهي موجودة في مكتبة منفصلة في غرفة أخرى وتبلغ حوالي 1000 كتاب.
وأشار "ورد" إلى أن "بعض اللاجئين في قرية "Hopfgarten Im Tirol" التي يسكن فيها، يترددون باستمرار على المكتبة، ولكن القسم الأكبر يأتون من مركز المقاطعة، "إنسبروك" (INN'SBRUCK).
وتابع أن "المشروع لاقى استحساناً لافتاً من السوريين خاصة، وازداد الطلب على الكتب العربية بالذات، خاصة أن المشروع -كما يؤكد- لا يبغي الربح على عكس المشاريع التي قد تصل نسبة الارباح فيها إلى 100%.
وأضاف محدثنا أنه موّل شراء الكتب بشكل شخصي لتوفير الكتاب العربي في السوق الأوروبية، مضيفاً أنه يطمح لإيصال هذا المشروع لجميع الدول الأوروبية من أجل تسهيل انتقال الكتب بدل من نقلها بالبريد من منازلنا.
وكشف أنه سيحاول لافتتاح معارض جوالة في كافة أنحاء أوروبا كألمانيا وهولندا وفرنسا، وذلك لإيصال الكتب للقارئ العربي في تلك الدول، رغم أن الفكرة مكلفة جدا وغير مطروحة في المدى المنظور.
وخصص "الدمشقي" جزءاً من مكتبته للأطفال والبالغين والراشدين وذلك من خلال قصص بسيطة ومجلدات لتعليم العربية، والمشروع –كما يقول- لا يقف في سبيل اندماج أطفال اللاجئين في مجتمعاتهم الجديدة، ولكنه مع تلقينهم لغتهم الأم وعدم نسيانها.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية