من يتذكر وعود الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بحملته الانتخابية لفترة رئاسته الأولى، واقتدائه بمارتن لوثر كينغ وتسلحه بمبادئ نيلسون مانديلا، ويقارن اليوم ما تركه من خراب وتدمير وتشابكات، على العالم بأسره، قد لا يعوّل أي آمال على ما تدعيه خليفته بالحزب الديمقراطي، هيلاري كلنتون، كما لا يتوجس من وعيد المنافس الجمهوري، دونالد ترامب ، ففتوحات الحملات القولية، لا تتعدى "بروبغاندا" لكسب أصوات الناخبين واستمالة الأقليات والملونين، وربط الفاشلين، من أمثال العرب، بخيوط واهية، تتقطع تباعاً أمام أي اختبار لمصلحة الولايات الخمسين، بل وتسقط عند ملامح مقايضة بحلفاء جدد، فرضتهم المرحلة أو اقتضتهم الضرورة الأمريكية الداخلية، وهي وحدها محط الخلاف وإغواء الناخبين، وثمة اتفاق على الاستراتيجيات والعلاقات الخارجية، وإن اختلف تكتيك تحقيقها والوصول إليها، بين جمهوري نزق وديمقراطي دبلوماسي.
قصارى القول: تبدأ بعد غد الثلاثاء، الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي يتنافس عليها مرشحا الحزب الديمقراطي، هيلاري كلنتون، والجمهوري، دونالد ترامب، بطريقة الانتخابات غير المباشرة، إذ ينتخب الأمريكيون مندوبين لهم عن كل ولاية على حسب تمثيلها بمجلس النواب، الذين -المندوبون- يختارون بدورهم الرئيس، الذي يكشف عنه صباح الأربعاء، لكن الولاية الرئاسية الرسمية، لا تبدأ حتى العشرين من كانون الثاني ديسمبر/2017، أي بعد انتهاء الفترة الانتقالية، أو ما يعرف أمريكياً، بالبطة العرجاء.
وفي واقع تنامي الأمل، وخاصة بالمنطقة العربية، والتعويل على ما بعد أوباما، الذي بدل من الحلفاء بالمشرق ودفع إيران إلى واجهة الاصدقاء الحقيقيين، وإن قلما يقال ذلك على المنابر، بعد أن حررها من العقوبات وأطلق يدها بأربع دول عربية، تبقى الخشية من استغلال "البطة العرجاء" إلى أقصى حد من التردد الأمريكي الأوبامي، لتكلل مرحلة "ميكافيلّي العصر الحديث" بما يصعب على الخلف تغييره..أو التقليل من أضراره.
خلاصة القول: ربما من الحماقة السياسية، التعويل سورياً على الرئيس الأمريكي القادم، حتى وإن كانت الشقراء كلينتون التي، ربما أول من أسقط الشرعية عن بشار الأسد، وطالبه بالرحيل.
كما من الحماقة أيضاً، رمي كامل المسؤولية بما آلت إليه ثورة السوريين، على الأمريكيين وحدهم، فخارطة المسؤولية تتوزع على "الثوار" أولاً، بشقيهم المقاتل والسياسي، كما يلحق دول الإقليم نصيباً وافراً في حرف الثورة واقتصار الدعم على التسليح بأوقات تناسب مشاريعهم، فضلاً عن مسؤوليتهم بتسويق أشخاص، على الأرض وبمؤسسات المعارضة الخارجية، لا يتمتعون بأي حس وطني أو إمكانات ذاتيه، سوى الرضوخ والانبطاح واللهاث وراء الضوء والمال.
ما يعني أن واشنطن كانت وستبقى سيدة العالم، وما محاولات خروج موسكو على الدم السوري لتكون نداً ومناوئاً، سوى محاولات يمكن أن تسقط أمام أي موقف أمريكي جدي.
بيد أن السؤال في كيفية إقناع إدارة البيت الأبيض لتتخذ موقفاً جدياً، لتعادي موسكو وطهران وربما أنقرة، كرمى للسوريين المعذبين أصحاب الحق، والسياسة، أو المواقف السياسية الحاسمة، كما يعلم الجميع، لا تبنى على الاستعطاف أو تنطلق من الحقوق، وأخص هكذا موقف أمريكي خطير، قد يوصل واشنطن للمواجهة العسكرية المباشرة مع موسكو التي تتعاطى مع سوريا على مبدأ "نكون أو لا نكون" بعد خروجها من "موالد " ليبيا والعراق واليمن وغيرها، "بلا حمّص".
أي، والأمر مرتبط بطريقة تعاطي السوريين والخليجيين وفي مقدمتهم السعودية، ثمة ما في جعبة واشنطن، سيخرج بعد انتهاء فترة "البطة العرجاء" يعيد لثورة السوريين بعض أمل، أو يكرس إعادة إنتاج البطة الحمقاء.
*من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية