أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

وإلا.... نعم للأسد بعد أن أحرق البلد

تركت حلب قبل الهدنة الشهر الفائت وبعدها، تغرق بدماء أهليها - حذاء شهيد مجهول - جيتي

عادت رحى معركة فك الحصار عن حلب، أو تحريرها وفق أكثر التحليلات تفاؤلاً، للدوران، بتوقيت قد يصعب عن الفهم والمنطقة، وفق ما رشح عن الاتفاق التركي الروسي من اقتسام نفوذ، ولعل أول الأسئلة التي تتوثب على شفاه أي متابع، كيف موّلت تركيا حرب حلب اليوم، أو سمحت وساهمت بدخول التمويل على أقل تقدير، وما يقال عن أسلحة نوعية وكثيرة وجديدة، وهي من ترك حلب قبل الهدنة الشهر الفائت وبعدها، تغرق بدماء أهليها، وتتفرغ لمنطقة تؤمّن خلالها حدودها، أو تتوسع لتصل للانقلاب على اتفاقية "لوزان" التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، لتعود حدود الدولة العثمانية، إلى ما قبل اتفاقاتها مع بريطانيا وفرنسا، عامي 1926 و1936، التي عادت بموجب الأولى الموصل للعراق واستعاض عبر الثانية بلواء اسكندرون عن حلب.

وما يزيد من إغراء البحث عن إجابة، ما رشح عن الرئيس الروسي من تلكّؤ في استمرار قصف حلب، وتقديم التغطية الجوية لجيش الأسد والميليشيات المقاتلة، وكأن ثمة ما جرى أخيراً، وإن إلى حين، من تحويل حلب إلى غروزني، كما سبق وهدد الرئيس بوتين، أو التراجع عن تحرير كل شبر من "الإرهابيين" كما قال وكرر بشار الأسد.

ربما تأتي الإجابة، من مقولة الرائع المرحوم نهاد قلعي "إذا أردنا أن نعرف ماذا يجري في إيطاليا علينا أن نعرف ماذا يجري بالبرازيل"، بمعنى أن الإجابة قد تكون في واشنطن، أو ربما بالرياض.

إذ من السذاجة السياسية الاستمرار بالتوقع، أن إدارة البيت الأبيض المقبلة، يمكن أن تقبل بالأمر الواقع مع روسيا، وإن كان في مزيد الحرب والزمن، استمرار للغرق بالوحل السوري، ولعل في زيارة وزير الدفاع الأمريكي، أشتون كارتر، الخاطفة إلى أنقرة، بعض ملامح إجابة على سؤال التبدل الأخير في حلب.

وأما ملامح الإجابة الأخرى، فيمكن بناؤها على استقبال الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز لهيئة التفاوض العليا، واكتفاء كلا الطرفين بالصور والعموميات، كإجابات على سبب ونتائج تلك الزيارة.

وربما يكون لما يجري بالعراق أو ما يحضر لتتمة فصول مسرحية "داعش" بالرقة، بعض علاقة وربط، وإن لما يتعلق بتقليم أظافر إيران والميليشيات الطائفية العاملة لديها، على الأقل، بعد السفور بالتصريحات والأفعال، إن بالموصل أو حتى بحلب، أو حتى ما يقال عن المشاركة القسرية بمعركة الرقة، لتصفية جميع ثارات الحسين، من "أحفاد يزيد"..وصولاً إلى اليمن ومكة المكرمة.

قصارى القول: لا أعتقد أن السوريين قاموا بثورتهم وضحوا بمليون شهيد ومثلهم من المعاقين وأضعافهم من النازحين والمهجرين، ليكون أقصى أحلامهم، فك الحصار عن أحياء حلب الشرقية، أو حتى تحرير حلب من محتليها، الأسديين والغرباء، رغم أن في حلب ومنها البداية، ربما معزوفة جديدة، بدأ الأوصياء بعزفها أخيراً، عبر تتمة "جنيف" أو الانطلاق من "لوزان".

بمعنى، من يسيطر على حلب سيكون له فرص أكثر على الطاولة، وربما من منظور الجميع، بما فيهم موسكو، أن المعارضة التي خسرت الجغرافيا والتأييد، هي بأمسّ الحاجة إلى حلب أو جزء دائم منها على الأقل، ليكون لها حضور، ولو جزئياً، على طاولة ستكون النهاية لما يجري بسوريا، أياً طالت الحرب ومكث المحتلون.

ثمة إجماع بين السوريين، تشكّل جراء تعدد فتح معارك حلب، أنها ثقب ثورتهم الأسود، فكانت ولم تزل، الأكثر استنزافاً وإلهاء عن جبهات أخرى، أولّى بالفتح وأعم بالفائدة، كما كانت حلب ولم تزل، ثور ثورتهم الأبيض، من يأكلها سيفرض شروطه على الطاولة.

أي، يعي السوريون، أن ثمة اتفاقا دوليا، اتخذ ومنذ سنوات، أن الحسم العسكري في سوريا محال، بل وممنوع على طرف أن ينتصر عسكرياً على الآخر، ما يعني أن الطاولة هي نهاية المطاف للخروج بسوريا، أو ببعضها الفائض عن تقاسم نفوذ المحتلين، إلى بر الأمان.

نهاية القول: بعيداً عن اعتبارات تبدأ ولا تنتهي، ربما في مقدمتها استحالة قبول السوريين ببشار الأسد، بعد أن قتل ودمّر وهجّر، وفتوحات قولية عالية السقف، يصر البعض على إطلاقها، رغم صعوبة تحقيقها بعد تبدل واقع الثورة والحرب والتدخلات بسوريا، ثمة أمر واقع، أو سيكون واقعاً وإن بعد حين، وهو استفتاء السوريين، بالداخل والخارج، حول مصير سوريتهم المقبلة، بما فيها الرئيس.

من هنا، وبما أن هذا الاحتمال اقترب من الواقع والحقيقة التي لا بد منها، وبصرف النظر عن مدى تحقيقه لحلم السوريين وواقعيته على الأرض، ماذا فعل المعارضون استعداداً له، فيما لو تم فرضه عليهم، ومن الدول الداعمة والصديقة أولاً.

بصرف النظر عن التكهنات التي تحدثت عن موافقة أنقرة والرياض على هذا الحل، وإن بعد حلب والإدارة الأمريكية، وبعيداً عما رشح من أن ملك السعودية ألمح لرياض حجاب عن ذلك، أعتقد بضرورة العمل وسريعا على هذا الأمر، وإلا سيلدغ السوريون من جحر مرتين، ويخسرون ولو بقايا أحلامهم، وبقوة موافقة الأصدقاء والصندوق.

كيف، وهو السؤال الغائب دائماً عن توصيف واستعراض الساسة والمثقفين، لمجريات ومآلات سوريا؟!

أعتقد أن تشكيل حزب سوري هو الحل، يجمع المعارضة بالداخل والخارج، أو رموزهم وقواطرهم على الأقل، ولكن حزب يقوده ويدعو إليه سوريون ثقات وليس مرتزقة ومرضى ضوء ودولار، حزب ينطلق من واقع السوريين الحالي دون تجميل ورتوش ويصب في مصالحهم البعيدة عن الثأرية والمغالاة، حزب يرى فيه السوري بصرف النظر عن انتمائه الروحي والايديولوجي، منبراً ومنصة وحلم، وقتذاك قد يكون لدى المؤسسين ما يقنع السوريين بأن ثمة بديلا ذا مشروع، عن حكم العصابات، فيسعون راجين للانخراط فيه والعمل على إنجاحه..وعدا ذلك وللأسف الشديد، سيأكل السوريون صفعة أخرى غدراً وتكون نتيجة الاستفتاء في صالح العصابة الحاكمة...حتى وإن كانت الأصوات بالصناديق، من قبيل الكيدية أو "بدنا نخلص".

عدنان عبدالرزاق - من كتاب "زمان الوصل"
(164)    هل أعجبتك المقالة (161)

سامر عبدو

2016-10-30

الكتابة بشكل افضل..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي