لم يتأخر موقف الرياضيين الأحرار في معارضتهم للنظام وإعلان انحيازهم لإرادة الشعب في الكرامة والحرية، ودفعوا في سبيل ذلك ثمناً غالياً، إذ قضى حوالي 20 لاعب كرة قدم برصاص قوات النظام، وقُتل 2 منهم تحت التعذيب في سجون النظام، فيما لا يزال مصير 13 معتقلاً منهم مجهول المصير، عدا عشرات الجرحى والشهداء ممن هم تحت سن 18 عاماً، إضافة لانتهاكات النظام للملاعب وتحويلها لمطارات عسكرية وسجون وثكنات حسب ناشطين سوريين.
بينما حاول بعض الرياضيين المنشقين عن الاتحاد الرياضي المرتهن للنظام إنشاء اتحاد بديل لاستقطاب الكفاءات الرياضيةـ فكانت المعارضة الرياضية السورية نسخة عن السياسية -إن صح التعبير- وعلى وقع التشتت أُنشئت 4 اتحادات لكرة القدم مثلاً.
وضمن هذا السياق قال الصحفي الرياضي "أنس عمو" إن العديد من الأفراد الناشطين على "فيسبوك" أنشؤوا صفحات وأطلقوا على أنفسهم اتحادات لكرة القدم وفرضوا أنفسهم أوصياء على هذه الرياضة، حتى اختلط الحابل بالنابل، بينما يُفترض أن يحظى تشكيل أي اتحاد بمباركة اللاعبين أنفسهم، مضيفا أن وذات الأمر ينطبق على لعبة الكاراتيه التي تشهد حالياً ثلاثة أو أربعة اتحادات.
وأشار "عمو"، الذي عمل صحفياً رياضياً في عدة صحف سورية، إلى سبب آخر في عدم استقرار الرياضة الحرة وتحقيقها لإنجازات تُذكر، وهو وجود حالات فساد أغلبها مالي لم يتم محاسبة أصحابها، ما أعطاهم دافعاً للاستمرار في فسادهم.
ولفت إلى أن أياً من الاتحادات أو أي جسم رياضي حر لم يجر انتخابات خلال 5 سنوات من الثورة، موضحا أن كل "مجموعة من الرياضيين تلجأ في البداية إلى تشكيل جسم رياضي ثم يتقاسمون المناصب ويطلقون الأهداف والشعارات "الرنانة"، ولكنهم يتحاشون إجراء انتخابات لكي يظلوا متمسكين بكراسيهم.
ونوّه "عمو"، الذي كان عضواً في اللجنة الإعلامية بنادي "الاتحاد" الحلبي ومسؤول علاقاته الخارجية، إلى أن هذه السلبيات بدأت بـ"رابطة الرياضيين الأحرار" (أول تجمع رياضي معارض)، واستمرت لاحقاً إلى ما يُسمى بـ"الهيئة العامة للرياضة والشباب"، التي كانت أول جسم رياضي يُشكل في الداخل، إذ تشكلت في 1 آب/أغسطس/2013، وإلى الآن لم تشهد -كما يقول- أي انتخابات، ولا أي حالة استقالة لمسؤول فيها، فالكل متمسك بالكرسي.
وأعلن عدد من لاعبي منتخب سوريا الوطني لكرة القدم في شباط فبراير الماضي انسحابهم من الهيئة العامة للرياضة والشباب واتحاد كرة القدم التابع لها بسبب "عدم قدرتها على إدارة شؤون المنتخب وتطويره بشكل يليق بسمعة منتخب الثورة ورضوخها للشركة الراعية "شركة عبد القادر سنكري للأعمال الإنسانية"، متهمين إياها بالمتاجرة باسم المنتخب مما تسبب بانهياره"، بحسب بيان أصدروه آنذاك.
وكشف "عمو" أن "حالات فساد عدة تم توثيقها طالت منتخب سوريا الحر عندما كان تابعاً للهيئة العامة للرياضة والشباب، ورغم المناشدات بمحاسبة الفاسدين، إلا أن المسؤولين عن الهيئة خافوا من محاسبتهم، لكي لا تُفتح ملفاتهم أيضاً، ما أجبر المنتخب على الاستقلالية بعيداً عن كل الأجسام الرياضية.
ولفت "عمو" إلى أن "معظم من سعى لمناصب في الحركة الرياضية الحرة، جاء إما لمكاسب مالية، أو شهرة إعلامية، أو منصب، ولم يكن لدى أيٍ منهم أدنى استعداد للعطاء. وأشار إلى ما قامت به الهيئة العامة للرياضة والشباب من ضم لعدد كبير من الأندية الحرة في الداخل وفي تركيا رغم عدم توفر ميزانية مستقرة، لذلك سرعان ما خرجت هذه الأندية من الهيئة، وبدأت العمل بمفردها.
وحول أسباب فشل الأجسام الرياضية، أوضح "عمو" أن "من أول هذه الأسباب عدم وجود شفافية مالية"، فالكل -كما يقول- يخفي حساباته المالية، بالإضافة إلى الضعف الإداري والتنظيمي.
وكشف أن غالبية الإداريين لم يسبق أن عملوا في مناصب إدارية ولم يتبعوا دورات في العمل الإداري، والأدهى من ذلك -كما يؤكد– أن غالبية المتقلدين للمناصب حالياً غير رياضيين وليس معهم شهادات رياضية أو علمية، ما أدى ذلك لفقدان الكثير من الرياضيين الثقة في هذه التجمعات التي تزيد الشرخ بين الرياضيين نتيجة ارتفاع عددها، موضحاً أنه "من غير المعقول أن تكون هنالك 7 تجمعات غير قادر أي منها على العمل بإيجابية وشمولية واستقلالية وهذه التجمعات هي: رابطة الرياضيين السوريين الأحرار، الهيئة العامة للرياضة والشباب، رياضيون من أجل سوريا، اللجنة الأولمبية السورية، هيئة التأهيل الرياضي، ورابطة الرياضيين الأحرار (التي تشكلت حديثاً)، والاتحاد السوري الحر (الذي يترأسه أيمن قاشيط)، والغريب أن 4 منها تشكل في تركيا، ورغم كثرة التجمعات لا نلاحظ أي نشاطات رياضية أو دعم للرياضيين في لبنان أو الأردن أو العراق على سبيل المثال.
وختم "عمو" أن "تعدد التجمعات الرياضية ليس هو المستغرب فحسب، بل التناحر الكبير فيما بينها، وتكرارهم لذات الأخطاء التي وقع فيها من سبقهم، وادعاء معظمها بأنه الممثل الشرعي والحقيقي للرياضيين الأحرار".
*رأي آخر
وبدوره أبدى عضو في الهيئة العامة للرياضة والشباب رفض الإفصاح عن اسمه، استغرابه من إثارة موضوع الهيئة بمفرده في حين أن هناك العديد من القضايا الموجودة في الرياضة السورية الحرة لم تظهر في الإعلام أو كان ظهورها خافتا، كاشفاً أن هنالك كيانا تم تشكيله برعاية الائتلاف وتم إلغاء الاعتراف به بعد 20 يوماً.
وأرسل عضو الهيئة المذكور مجموعة من الصور والتقارير ومشاريع الهيئة وقطاعاتها وإنجازاتها خلال العام 2016، ليتم التعرف على عملها وما الذي قدمته -كما قال- داعياً أن يكون النقاش بخصوص الرياضة السورية الحرة مع أكثر من جهة، لأن الهيئة جهة من عدة جهات تعمل في هذا المجال، وهي لا تملك الكثير من الموارد، ومع ذلك –كما يقول- حصدت الهيئة بلاعبيها ذهبية وفضية وأربع برونزيات في بطولة البلقان الدولية بـ"الكونغ فو"، وبرونزية بالكاراتيه في بطولة "لوكسمبورغ" الدولية، وفضية في سباحة المياه الطويلة في الدوحة، كما نظمت الهيئة مهرجاناً رياضياً بقوام 800 مشارك في حي "الوعر" المحاصر، وكذلك مهرجان الغوطة الشرقية الذي يُعد أكبر مهرجان للرياضة الحرة في سوريا وتستعد الهيئة لإدخال 3 مشاريع في الرياضات الخاصة والشطرنج وكرة القدم إلى سوريا بعد توقيع عدة اتفاقيات.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية