
تتجّول أصابع الفنان السوري الشاب "علي رمضان" من خلال ماوس اللابتوب في ثنايا الصور القديمة وتفاصيلها الدقيقة لتحوّلها إلى بطاقات تنبض باللون والضوء والحياة، محاولاً نقل التاريخ الذي تمثله هذه الصور بأسلوب جديد لتبدو وكأنها التقطت لتوّها.
ويقول الفنان "رمضان" الذي يعيش في السعودية خلال سنوات من تجربته الفريدة، إنه يلوّن مئات الصور القديمة والنادرة لدمشق وحمص وحماة ومختلف المحافظات الأخرى.
كما لوّن صوراً من العراق والجزائر وفلسطين ومصر وبعض البلدان والشخصيات العربية بهدف مشاهدة أبناء بلده وباقي بلدان العالم تاريخ سوريا العريق، وهو عمل يحتاج إلى أجهزة ومختصين.
ويضيف لـ"زمان الوصل" أنه تمسّك بعشقه للتصميم والفن التشكيلي وشغفه بمعالجة صور الأبيض والأسود منذ سنوات، بعيدا عن اختصاصه في الهندسة الميكانيكية.
وكانت بداية تجربته -كما يقول- في تلوين صورة لسيدة أجنبية ترتدي ثوباً أنيقاً بدت وكأنها ابتاعته للتو، ثم لوّن صورة لشارع بمدينة ليفربول امتاز بعمارته الكلاسيكية العريقة مما أوحى للفنان الشاب أن يلوّن صوراً قديمة من سوريا وبدأ حينها بالبحث عن تواريخ وأسماء المناطق التي تبدو في الصور القديمة، مشيراً إلى أنه أُصيب بالدهشة لعراقة بلده وفوجىء بكم التشويه الذي طال تاريخها سواء في الكتب أو في الدراما كما في "مهزلة باب الحارة"، بحسب وصفه.

يبدأ "علي رمضان" بالبحث عن الصور القديمة في المواقع على شبكة الإنترنت مثل موقع مكتبة الكونغرس الذي يضم أرشيفاً ضخماً لصور من سوريا والعالم، وينتقي من بينها صوراً بدقة مقبولة ويبدأ بتلوينها بشكل عفوي، محاولاً انتقاء ألوان تناسب الواقع الذي كانت عليه هذه الصورة، مضيفاً إليها ألواناً تناسب مخيلته كفنان، لافتاً إلى أنه يفترض الصور القديمة في غمرة انشغاله بها، وكأنها لوحة مرسومة بقلم الرصاص فيلوّنها.
وحول المعايير التي يعتمدها في عمله بتلوين الصور القديمة وهل يلجأ لقراءة الكتب والمصادر للاطلاع على الجوانب اليومية في حياة الناس أكد رمضان أن 99،9 من الصور التي لوّنها لم يرجع فيها إلى المصادر "نادراً ما أبحث عن صور حديثة للأماكن التي ألون صورها القديمة معتمداً على مخيلته وإحساسه الفني".
وعن أكثر اللوحات تأثيراً في نفسه، وهل هناك صور نادرة جداً قام بتنفيذها، أوضح "رمضان" أن لكل صورة من الصور التي لوّنها تأثيرا خاصا، لكن صورة واحدة كان لها –كما يقول- تأثير يشبه السحر في داخله، وهي لشارع "النصر" في دمشق عامي 1920 – 1930، وفي هذه الصورة كانت دمشق قبل التوسع العمراني مليئة بالأشجار والمساحات الخضراء الشاسعة، وتبدو الأشجار في الصورة وهي تغطي الشارع فيما تخطف ملابس الناس الكلاسيكية القديمة الأنظار وتأخذ مشاهدها في رحلة إلى الماضي الجميل.

وإضافة إلى تجربته في تلوين الصور القديمة ابتكر "رمضان" طريقة لتلوين الفيديو بعد أن اقترح عليه صديقه "طريف مراد" أن يخوض هذه التقنية التي استخدمت في "هوليود" فقط.
وتمكن"-كما يقول– من تلوين مقطع من فيلم سينمائي بعنوان "مقالب غوار" للفنان "نهاد قلعي" وإخراج "خلدون المالح" يعود للعام 1968 باستخدام "لابتوب"، وسيعمل على تطوير التجربة لاحقاً آملاً أن يكون هذا المشروع في المستقبل فخراً لسوريا والسوريين.
وينحدر "علي رمضان" 27 عاماً، من ريف حماه، ولد ونشأ في دمشق، وهو رسام ومصمم غرافيك حاصل على شهادة دبلوم تقاني في الهندسة الميكانيكية من معهد التعليم المهني في دمشق ويعمل حالياً في مجال الدعاية والإعلان بالمملكة العربية السعودية.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية