لم يبق، بعد ملامح انهيار الدولة الإسلامية بالعراق والشام "داعش" من دولة ثيوقراطية بالعالم، سوى إيران، وتأهيل لبعض دول لتلحق بالجمهورية الإسلامية إن اقتضت الضرورة، كإسرائيل التي يشتغل الصهاينة، على صبغها باليهودية، منذ عقود، وربما إدلب شمالي سوريا، التي بدأ الاشتغال عليها، منذ تم التوافق، إقليمياً ودولياً، على قتل الثورة السورية ونقل رفاتها إلى جوار تركيا، وإن إلى أجل، ريثما يتم الاتفاق على الملامح النهائية، لما يمكن اعتبارها، آخر ثورات الربيع العربي، بل وربما آخر ثورات العالم على الظلم والتوريث والديكتاتورية.
مع التفريق طبعاً بين تلك الثيوقراطيات، لجهة البقاء من عدمه والدعم الدولي والدور الوظيفي، فما يقال عن إسرائيل، قد ينسحب جزئياً على إيران، لكنه ولا شك، لا يتوافق البتة مع "داعش" أو إدلب، التي يتم تحديد أعمارهما منذ تحديد وظائفهما وأدوارهما.
قصارى القول: بدأت النتائج اليوم، توضح الأسباب والأفعال التي مرت بالأمس، وربما كان لانسحاب قوات الأسد من مدينة إدلب في آذار/مارس 2015، وما قيل عن تحريرها وقتذاك، تتمة لمخطط بدأت نتائجه تتكشف اليوم، كانت أولى مخططاته لمواجهة الثورة، بعد الأسلمة والتدويل والتسليح، ترك جيش الأسد الريف السوري، الذي انطلقت منه انتفاضة الحرية والكرامة عام 2011، والبقاء بمراكز المدن مع الإبقاء على أذرع نارية طويلة، وارتباطات بالريف المحرر، ليسهل ضربه شعبياً وعسكرياً، كلما فرضت التطورات والنصائح الخارجية، ونقل اللعبة إلى مستوى جديد.
وتتالى تنفيذ مخطط تجميع الثورة السورية بإدلب، وبشكل علاني، منذ تم الاتفاق على تهجير ثوار حمص إليها، فيما يمكن اعتباره خرقاً عميقاً، تلا لعبة الهدن والمصالحة التي بدأت بريف دمشق الجنوبي الشرقي "ببيلا" و"بيت سحم" ليتوج –المخطط – وبرعاية أممية فيما بعد، ونرى ثوار "الهامة" و"قدسيا" و"المعضمية" بعد حمص و"داريا" و"الزبداني" و"مضايا" ينفون إلى إدلب...ونشهد اليوم توافقاً دولياً جديداً، على نقل المقاتلين من حلب إلى إدلب، ولكن هذه المرة ثمة تعميق آخر للمخطط، لتأهيله ربما لما قبل الضربة القاضية وشارة النهاية.
دونما غرق في محاولات الإجابة على، لماذا إدلب بعد أن تحررت كأول محافظة بالكامل من جيش الأسد والميليشيات العابرة للروحانيات؟! لأن ما سيتمخض علن تجميع المقاتلين بإدلب، ربما أهم من الدوران في حلقات البحث عن إجابات، وضحّتها اتفاقات اقتسام النفوذ والتوافقات الإقليمية الجديدة ...وإن لم تعلنها دفعة واحدة.
فمن يتم ترحيلهم إلى إدلب اليوم، من مقاتلي جبهة فتح الشام "النصرة سابقاً" ثمة اتفاق دولي على أنهم إرهابيون، والقضاء عليهم ومع من معهم وحولهم، من ثوار ومدنيين، قد يأخذ صفة البطولة ويستحق فاعلوه أوسمة القضاء على الإرهاب.
نهاية القول: ليس من عظيم أثر أو معنى لما قاله المتحدث باسم الكرملين "دميتري بيسكوف" من أن الخيارات في سوريا محددة بالأسد أو جبهة النصرة، وأن لا تسوية دون الأسد، لأن هكذا طرح استخدمه الأسد الأب "أنا أو الشيطان"، وكرره الوريث إبان الثورة "الأسد أو نحرق البلد" بيد أن هذا التصريح الخطير، بمضمونه وتوقيته، يمكن أن يكون ذا معنى وعظيم أثر، إن استمر سرّاق الثورة بتغييبهم ونفعياتهم ومن ادعى تأييدها وحقوق السوريين بالخارج، فوزع الآمال والخطوط الحمر، بمساعدة الروسي لتحقيق مبرراته ونقل الثورة إلى إدلب، لتكون دولة إرهابية مطلوب قتل من فيها، أو نقلهم إلى المنطقة الآمنة المتسارعة خطوات تنفيذها على حدود صديق الأمس تركيا.
* من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية