أسئلة ما بعد هزيمة ابن أبي لهب في حلب*

نشوة الانتصار لا تعادلها نشوة

هُزمت روسيا في حلب، وإن هي من سهّلت الهزيمة المرحلية لغاية بنفس بوتينها، ربما تكشفها الأيام المقبلة، إذ لا ينفع تبرير توجيه صفعة للأسد ولا إعطاء درس لطهران، ولا حتى الإعداد الدبلوماسي الجيد لزيارة الرئيس التركي لروسيا بعد أيام، لأن وزير دفاعها، سيرغي شويغو، من ساهم إن لم نقل قاد، حملة الوعيد لـ"مسلحي حلب" وضلل ضمن جوقة عالمية، ما سميّ قبل عشرة أيام، بالممرات الإنسانية.

فنصر المقاتلين الذي أعاد الروح وعظيم أمل للسوريين، كان على روسيا وليس على ميليشيا الأسد وإيران والضاحية، وحققته الوحدة بين الفصائل، ليجني أولى ثماره، أكثر من 300 ألف سوري محاصر، لم يك يفصلنا عن رؤية عظامهم النافرة كما سوريي الزبداني ومضايا واليرموك والغوطة، إلا بعض مزيد من تخاذل عربي ودولي وأشياء من الفرقة بين الفصائل المقاتلة، وحقد بلا حدود في استكمال مشوار التجويع حتى التركيع.

لكن نصر حلب على الحصار، فتح باب الهواجس والأسئلة، لطالما كان تحرير الرقة، أكبر تشويه لثورة وأبلغ خواصرها النازفة حتى اليوم، وما شاب تحرير إدلب من أوجاع مازالت ماثلة ونتائجها..ويحصدها أهلنا الصابرون.

بداية القول: ربما يتوثب على شفاه أي متابع لأفراح السوريين بانتصار حلب اليوم، لماذا كل ذاك وهل بلغ السوريون أمانيهم بالحرية والكرامة وأسقطوا نظامهم الوراثي ودولة الوارث العميقة.

أعقد أن السؤال وعلى مشروعية طرحه، إلا أنه معكوس، وحريّ بمن يسأل أن يقول، أيُّ مصير للسوريين وثورتهم فيما لو نجحت روسيا ونظام الأسد بحصار حلب، والذي كان سيليه ولا شك، تمدد في إدلب أو إبادة من فيها عن بُعد، لأن أغلب الظن أن الثورة كانت ستسير في طريق الموت، أو في تسويات وهدن قسرية، ربما يقبل بها السوريون ومن يناصر ثورتهم مكرهين، في واقع تراجع مدى نيرانهم، وبسط سيطرتهم على الأرض.

ولأن السوريين ومن تبقى لجانب ثورتهم، يعون عقابيل معركة حلب، كان لها ما كان من تحضير سبق الانقلاب الفاشل بتركيا، وفق مبدأ نكون أو لا نكون.

قصارى القول: بالعودة لهواجس ما بعد فك الحصار، أو ما يمكن أن يأتي من نصر لاحق إن لم نر تدخلاً خارجيا علانيا، كان بفرض وقف لزحف الثوار، أو إغلاق صنابير الدعم كما يقال، ترى هل يعيد تاريخ إدلب نفسه في حلب، فنرى الجلد والقمع وكبت الحريات، رغم البيان المطمئن الذي صدر بالأمس عن "جيش الفتح".

أم أخذ الثوار وعلى اختلاف عقائدهم ومموليهم، مما مضى درساً، ليحافظوا على الشعب الذي يمكن أن يسلبهم النصر، كما منحه أو ساهم بتحقيقه.

أيستمر الثوار باغتنام تخبط جيش العصابة وهزائمه، ليكملوا مشوارهم بحلب، التي بقيت لسنوات، ثقب الثورة الأسود، أم ترى ما هو مرسوم، ومن الخارج أيضاً، لا يتعدى نصراً جزئياً، يبدأ من فك الحصار وينتهي عنده...ليكون السؤال التوالدي هنا، هل للثوار الذين غنموا من الكليات وما حولها، من سلاح ومؤونة، أن يتمردوا على الإملاءات الخارجية ليتابعوا نصرهم خلال الأيام الذهبية التي ستسبق زيارة الرئيس التركي الذي أعلن أن ملف سوريا ضمن أولويات ملفات بحثه مع الرئيس الروسي.

وأيضاً، إلى أي حد يمكن اغتنام نصر حلب سياسياً، وليس القصد سرقة الائتلاف للنصر والمتاجرة به، أو حتى تبني هيئة التفاوض لأسباب النصر وحصد ثماره على الطاولة، بل مدى ما ستخلقه نتائج المعركة من قناعات لدى الأطراف الفاعلة بالقضية السورية، بأن هذا الشعب يسير نحو حريته واقتلاع النظام، ولا من معيق لحلمه حتى لو أنزلت روسيا جيوشها على الأرض.

بمعنى آخر، ربما نشوة الانتصار لا تعادلها نشوة، لكن ثمة فكرة بعد خمرة معركة حلب، فمن واقع الاتفاق الدولي على عدم النصر لطرف بسوريا ومن منطلق أن الأرض لن تجسر هوة قضية السوريين بعد تعميقها الدولي المتعمد، وخاصة بعد استحضار الأسد الابن لكل ثنائيات الصراع بالعالم، هل يكون فرض تنحي الوريث ضمن مفاوضات الأيام المقبلة، أو على الأقل، يقين الأطراف بتقليم أظافره وتقليل مدة التحول وانتقال السلطة، التي بدأت تسري أخيراً.

نهاية القول: ما قبل كسر الحصار ومن حاصر، على يد الثوار في حلب، لا شك غيره ما بعده، فالسوريون قاموا بكل ما عليهم، حتى من وعود لمن خذلوهم من ذي قبل، فهل سيرد من بقي من الداعمين بالأسلوب ذاته، ليحفظوا حدودهم من مشروع الفرس النكوصي هناك، وداخل دولتهم من حقد انفصالي مازال يلقى حتى يوم أمس، دعماً وتغطية، أم سيؤخذون بكذبة المصالح ومنطق الاستقواء الأجوف الذي خرقه ثوار حلب، فيبيعون نصر الثوار ليؤكلوا من داخل بلادهم، ولو بعد حين؟!

*عدنان عبد الرزاق - من كتاب "زمان الوصل"
(165)    هل أعجبتك المقالة (172)

ساميه

2016-08-08

حلم حافظ السفاح لن يتحقق على الإطلاق ... فمابني على الغش والكذب والخيانة بكل أشكالها آخذ بالإنحسار ... أعتقد أن هناك عدد لابأس به من الشرفاء في الجيش السوري وعلى هؤلاء واجب كبير وخطير أمام أنفسهم وأمام الشعب السوري بكل مكوناته وأمام التاريخ لإيقاف حمامات الدم في سوريا. على هؤلاء الشرفاء في الجيش السوري أن يقفوا الآن في وجه هذا السفاح الرعديد ويكفوا يديه عن وطنهم ووطن كل السوريين. فبكل المصطلحات والمقاييس إن هذا النظام الطائفي قد أنتهى ولم يبقى لدى عصابة اللصوص والقتلة من آل الأسد سوى الإنتقام من سوريا وشعبها وتحميل الوطن أكبر خسائر يمكنه أن يسببها ولكن السفاح لن يستطيع البقاء وواجب شرفاء الجيش أن يحموا سوريا من جنون خائنّ مهزوم..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي