أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل يحق للسوريين الانتقال من الثورة إلى المقاومة؟*

#المقاومة_السورية

يستطيع السوريون اليوم استعادة المبادرة، والتقاط ما بدأته حلب حين قلبت الأوضاع وخيّبت ظنون الروس والإيرانيين وحتى الأميركيين، الذين كانوا يتحضرون لنسف كل ما تم التوصل إليه على الصعيد الدبلوماسي وصولا إلى فرض عملية تجميل "بشعة"، تقوم على إبقاء الأسد وإعطاء المعارضة السياسية مقاعد في حكومة موحدة، وإجراء تغييرات شكلية في مؤسسة الجيش يتم بناء عليها إدخال شخصيات عسكرية ليس معروفاً من هي بالضبط، على أن تبقى المؤسسة الأمنية على ما هي عليه.

كان الأميريكيون يتفرجون يراقبون بيانات النظام، وتحشيدات الميليشيا المدعومة من إيران، وتحضيرات الطيران الروسي لبدء القصف، وإنذار السكان بالخروج عبر عدة محاور جرى الادعاء بفتحها كممرات للمدنيين.

واشنطن أخذت وضع "المزهرية" حسبما يتندر السوريون، وخرج مارك تونر بعد ثلاثة أيام من التقدم الذي أحرزته الفصائل المقاتلة على الأرض في مواجهة الحلف الروسي الإيراني مع نظام الأسد. 

تونر نائب المتحدث باسم الخارجية قال إن بلاده "لم تكن على دراية بالخطط الروسية لمهاجمة حلب"، وهذا المستوى من الكذب "العاري" والمفضوح، يعني بالضرورة أن الأميركيين هم في وضع "الميّت" وليس في وضع "المزهرية".

انكشف أمر التفاهمات، لكن الورطة تكمن في أنهم باتوا مضطرين لتعديل الإجراءات العملية وشرحها، التي يفترض تقديمها للرأي العام العالمي نهاية الشهر الجاري.

الخطوة الروسية في حلب خرجت عن دعاية الحرب على "الإرهاب"، وكان هدفها استرتيجياً بحتاً، ولم يعد بالإمكان تصديق ما يقوله الروس، ولعل جمهورهم الوحيد الذي يتحدثون له هو المواطن الروسي الذي يتابع قنواتهم الرسمية مثله مثل أي موالٍ للنظام يعمل ويعيش في طرطوس ويعتقد أن حمزة الخطيب اعتقل وهو يحاول سبي نساء الضباط في مساكن "صيدا" العسكرية بريف درعا.

القوى التي عدّلت الوضع في حلب بعيداً عن صفتها، باتت خصماً مباشراً للروس والإيرانيين، وانتقل شكل المعركة في سوريا من مفهوم ثورة شعبية تم تمزيقها وقتل واعتقال وتشريد معظم نخبها وحاضنتها، إلى مقاومة وطنية، تستطيع أن تستند في شرعيتها إلى عدة عناصر:

ـ ثبوت وجود الروس في سوريا كسلطة احتلال فعلي، وتنفيذهم عمليات عسكرية في طول البلاد وعرضها ضد المدنيين، ومقاتلي الجيش الحر، ومختلف الفصائل الأخرى التي تحكمها بالأساس خصومة مع تنظيم "الدولة"، ونظام الأسد وفكرهما وممارساتهما، كما أنها تقاتلهما على الأرض بدافع التخلص من الظلم والعسف وممارسة القتل بحق المدنيين، وفرض السلطة عليهم بالإكراه. 

ـ التدخل الإيراني العسكري والمدني، وممارستها لعمليات تهجير و"ترانسفير" في مناطق عدة، واستخدامها ميليشيات طائفية من العراق ولبنان وأفغانستان، يقود عملياتها ضباط في الحرس الثوري تم الإعلان عن مصرع العديد منهم على الأراضي السورية. 

ـ وجود تهديد فعلي لكيان الدولة بفعل النوايا والخطط والتصريحات الروسية والأميركية، وركون النظام إلى هذه الخطط بهدف حماية نفسه، ولو بإقامة كيان وظيفي يسيطر على جزء من الأرض.

ـ مضامين ميثاق الأمم المتحدة بتحريم الحرب، وتحريم استخدام القوة، وتحريم التهديد باستخدامها ( الفقرة 4 من المادة 2). حيث يعتبر الميثاق أن كل حرب هجومية هي حرب عدوانية، وهذا تماما ما حصل في حلب ويحصل في باقي المناطق السورية. 

قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2625 لعام 1970، والذي يقول: "على كل دولة أن تمتنع على اللجوء إلى أي تدبير قسري من شأنه أن يحرم الشعوب من حقها في تقرير مصيرها من حريتها واستقلالها. وعندما تنتفض هذه الشعوب وتقاوم خلال ممارساتها حقها في تقرير مصيرها أي تدبير قسري كهذا، فمن الطبيعي أن تلتمس وتتلقى دعماً يتلاءم مع أهداف الميثاق ومبادئه". 

ـ وجود مناخ دولي يساعد على تبني فكرة المقاومة، في حال توحيد جهود الفصائل المقاتلة، خاصة مع تعارض في الرؤى بين روسيا والولايات المتحدة وإيران من جهة، وفرنسا وتركيا والسعودية من جهة ثانية.

يبدو واضحاً أن الانتقال إلى مرحلة "المقاومة" بات أمراً ضروريا، خاصة وأن ما يجري على الأراضي السوري يمثل نموذجاً فجّاً لتقاسم المصالح، فالروس أصبحت لديهم قواعد في "حميميم" وطرطوس ومناطق أخرى، والأميركيون أعلنوا عن تأسيس قاعدة في "الرميلان"، والإيرانيون لهم معسكرات وقواعد في أكثر من منطقة، وكل هذا يشرعن المقاومة، وفق القانون الدولي، ويمكن أن يكون لهذا الانتقال أثر إيجابي في توحيد القوى والفصائل المقاتلة، وتبنيها لقواعد عمل واحدة، وقد يعزز من شرعيتها وجود إعلان مشترك بأنها تقاتل محتلاً أجنبياً ونظاماً قمعياً قهرياً، وأنها تعمل لتحرير الأرض وإعادة السلطات إلى الشعب دون أجندات سياسية أو عقائدية.

ما سبق يتطلب جهداً من المؤسسات السياسية والعسكرية الخاصة بقوى الثورة والمعارضة، وهذا ليس أمراً متعذراً، ولعل هذه المسألة باتت من الضرورات التي يجب أن تسبق ـ حتى ـ حراك موسكو واشنطن لاستئناف جولات جنيف.

*علي عيد - من كتاب "زمان الوصل"
(177)    هل أعجبتك المقالة (170)

2016-08-04

جولات جنيف لافائدة مرجوة منها مادام رعاة جنيف المساندين للأسد هم الخصم وهم الحكم . كيف تكون موسكو راعية في جنيف وهي تشارك الأسد في القصف والقتل والتدمير على مدار 24 ساعة ؟ وأما واشنطن فإتضح أن لديها استعداداً للتساهل مع النظام السوري فقد صرح كيري لنظرائه الأوروبيين بأن البحث في مصير الأسد «مؤجل إلى مراحل لاحقة»، وكذلك أكد أنْ «لا حلّ في سورية من غير الجانب الروسي»..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي