سلمية.. الشبيحة يكسبون معركة "جني الأرباح" على حساب "حصاد الأرواح"

عادت ممارسات "التشليح" والتجارة السوداء بمختلف أنواعها لتخيم بشكل واسع على السلمية وريفها المحكومين بنوع خاص جدا من المرتزقة، همّهم الأول وربما الأوحد جمع مزيد من الأموال بشتى الطرق، دون كثير التفات لتقسيمات طائفية أو سياسية.

وعلمت "زمان الوصل" أن محور أثريا الرقة، عاد ليحتل موقعه كشريان فساد ومبادلات مشبوهة وسوداء، بين مرتزقة الأسد ومناطق سيطرة التنظيم شرق سوريا، التي تبقى رغم كل الدمار والمآسي خزانا نفطيا وزراعيا يصعب لمن تعميه شهوة المال أن يتجاهله.

أوائل حزيران الفائت وبشكل مباغت للجميع تقريبا، أعلن النظام حشد بقايا قواته ومرتزقته لخوض ما دعاها معركة الرقة، وبدأ ببث صور تقدمه السريع في ريف الرقة، حتى وصل إلى مسافة قريبة من مطار الطبقة العسكري، لكن التقدم السريع انقلب تدهورا أسرع، عاد بالنظام إلى نقاط سيطرته الأولى، ليخرج كليا من جغرافية محافظة الرقة.

معارك الرقة التي خاضها النظام ومرتزقته القادمين أساسا من "صقور الصحراء" و"مغاوير البحر"، شلت إلى حد ما حركة التجارة السوداء، وحدت من قدرة الشبيحة المتحكمين بالمنطقة (وفي مقدمتهم مجموعات مصيب سلامة) على ممارسة سلوكهم المحبب في ابتزاز المارة من حواجزهم و"تشليحهم" ما بحوزتهم من أموال ومقتنيات.

شبيحة منطقة السليمة، الذين يتحركون تحت أعين النظام وبعلمه، لاسيما أن زعيمهم "مصيب" هو شقيق "اللواء أديب سلامة" أحد أقوى رجال المخابرات الجوية في عموم سوريا.. هؤلاء الشبيحة كانوا أكثر الناس انزعاجا من معركة الرقة، وأشدهم سعيا لإحباطها، بشهادة من يتابع بعض ما يهمس به مؤيدو النظام، وهم يعلقون على توقف المعركة، ويتحسرون على ما خسروا فيها من قتلى.

ورغم الامتعاض الذي يعم صفوف المؤيدين على الشبيحة المتحكمين بالسلمية ومحيطها، والذي ارتفعت حدته بعد الحديث عن دورهم في إفشال معركة الرقة من أجل الحفاظ على "مكاسبهم"، فإن رأس النظام ومخابراته لم تحرك ساكنا تجاه أولئك المرتزقة، الذين كانوا سببا في مقتل مرتزقة مثلهم يفترض أنهم جميعا يدافعون عن نفس النظام، ما يوحي بأن لبشار ومخابراتييه الكبار مصلحة في بقاء شريان التجارة السوداء قائما ولو على حساب أرواح مؤيديه، وربما يكون لهم "نصيب معلوم" من عوائد هذه "التجارة"، التي لاتعترف بأي تصنيف ولا تقيم وزنا لمصطلحات من قبل عدو أو صديق، وتذكّر أكثر ما تذكر بسلوك النظام مع بعض رموز الحكم والسطوة في زمن صدام حسين الذين كانوا عدوا لدودا، وعندما حان موعد الاستفادة من ملياراتهم والاستيلاء على أكبر قدر منها، فتح لهم بشار أبوابه، إلى أن انتهى من امتصاص ما هربوه من أموال ضخمة.

وأخيرا، فإن حال المرتزقة المتحكمين في السلمية والنتيجة التي ألت إليها معركة الرقة، يبرهنان إلى حد كبير أن لدى النظام "ثابتا" كبيرا لايمكن أن يتزحزح عنه أو يفرط فيه، وهو "جني الأرباح" ولو على حساب "حصد الأرواح" من مؤيديه، وأن العداوة والصداقة أمران "مرنان" وقابلان للتغير، ربما كما يتغير سعر الصرف!، وهذا ما كان يدرك بعض المؤيدين جزءا منه، وبات أكثرهم متحققين من أكثره بعد معركة الرقة الأخيرة، لكنهم لايصرحون به، وإن صرحوا يكابرون.

في المحصلة النهائية للمعركة، فاز الشبيحة والنظام معا، فمن خسر إذن؟!.. سؤال يبدو أن أفضل من يجيب عليه هم من يدافعون عن النظام بأسنانهم وأظافرهم ودماء أبنائهم وقوت يومهم. 

تذكّر "زمان الوصل" أنها كانت الوسيلة الإعلامية السباقة لكشف جرائم وانتهاكات الشبيحة المتحكمين بالسلمية، وتوثيق ما ارتكبوه بحق المعارضين والموالين (حتى من العلويين).. وذلك في سلسلة تقارير نشرتها الجريدة سابقا، يمكن الاستزادة منها بمراجعة الروابط التالية.



إيثار عبدالحق - زمان الوصل - خاص
(197)    هل أعجبتك المقالة (176)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي