أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

محاور ما بعد الانقلاب الفاشل .. تركيا في اتجاه آخر*

الكاتب: يبدو أن لدى تركيا شكوكا بضلوع الولايات المتحدة، وإن بشكل غير مباشر

مؤشران مهمان حول طبيعة وخلفيات الانقلاب الفاشل في تركيا، وهذان المؤشران لا يتعلقان بالداخل التركي بالقدر الذي يعبران فيه عن انقسامات سياسية، وتحالفات جديدة على مستوى القوى التقليدية في العالم.

المؤشر الأول يتعلق بدور قاعدة إنجرليك، ووجود الخصم اللدود للحكومة التركية فتح الله غولن في الولايات المتحدة مع تكشُّف خيوط عن دور لعبه في الانقلاب.

تعرف قاعدة إنجرليك أو"التين" بأنها مرتكز تعاون قديم بين الأتراك والأميركيين منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهي تحتوي أكبر مخزون لسلاح الولايات المتحدة خارج أراضيها، وجرى استخدامها من قبل سلاح الجو الأميركي لتنفيذ غارات على أفغانستان والعراق ولبنان وتنظيم "الدولة" نظراً لموقعه الاستراتيجي جنوب شرق تركيا. 

ويبدو أن لدى تركيا شكوكا بضلوع الولايات المتحدة، وإن بشكل غير مباشر في الوقوف وراء الانقلاب، إذ تمت محاصرة القاعدة، وقطع الكهرباء عنها، وتبع ذلك توقيف عدد من الضباط، إذ تبين أن طائرات إمداد الوقود التي تربض في القاعدة قامت بتزويد طائرات "إف 16" شاركت في الجانب الجوي للانقلاب عبر قصف بعض المواقع. 

أما بالنسبة لفتح الله غولن فإن الولايات المتحدة ومع تأخرها في إصدار موقف داعم للسلطة الشرعية، في خطوة أثارت الكثير من الارتياب، فإنها تطالب أنقرة بوثائق تدين غولن حتى تتعاطى مع طلب تسليمه للسلطات التركية.

المؤشر الثاني هو أن موعد الانقلاب جاء في لحظة حاسمة أعقب تحسن العلاقات بين أنقرة وموسكو، وعودة التعاون السياسي والاقتصادي، ما يعني أن الانقلاب سار في عكس جهة الرياح التركية الرسمية، وهو مؤشر على أن الضالعين فيه هم أكثر ارتباطاً بمحور يناهض مثل هذه العلاقة.

صحيح أن أردوغان صرح خلال الأيام القليلة الماضية عن وجود علاقة استراتيجية بين بلاده والولايات المتحدة، إلا أن هذا التصريح يبقى في إطار التحسب الدبلوماسي، لكن يبدو أن موضوع "إنجرليك" وغولان سيكونان عامل توتير في العلاقة.

بالمقابل فإن أردوغان يتلقى نوعاً من الغزل الروسي، وهو أمر بادٍ في إعلام روسيا، ما يعني أن تحولا في السياسات ستشهده المنطقة، وستظهر تبعاته خلال الأشهر القليلة القادمة.

في الموضوع السوري سيكون للانقلاب تأثيراته السلبية، والتي بما تزيد من المشهد المعقد أصلا، فقاعدة "إنجرليك" هي المكان الأهم لواشنطن في توجيه ضرباتها ضد تنظيم "الدولة"، فيما سيكون دعمها لفصائل كردية تصنفها أنقرة على أنها إرهابية عاملاً إضافياً في توتير العلاقة، وربما سيحاول أردوغان صياغة اتفاق جديد مع الروس، سيغير في تفاصيل المعركة على طول أكثر من 850 كيلومتراً على الحدود السورية التركية.

وبالسؤال عن مصير الأسد، على الأغلب سيواصل الروس إدارة عملياته السياسية والعسكرية، وربما تشهد الأسابيع المقبلة بعد اتفاق كيري ـ لافروف بحضور المبعوث ديمستورا جولة جديدة من المفاوضات هدفها اختبار التحالفات الدولية الجديدة، وليس إنهاء الصراع.

*علي عيد - من كتاب "زمان الوصل"
(174)    هل أعجبتك المقالة (179)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي