
أكدت صحيفة تركية أن طائرة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" تعرضت بالفعل لاعتراض من قبل طائرتي إف 16، عندما كان الرئيس متوجها من مرمريس (جنوب البلاد) إلى اسطنبول، إبان محاولة الانقلاب.
وكشفت صحيفة "ديلي صباح" أن مركز "ستراتفور" الأمريكي المعروف قام بإجراء مثير للريبة، عندما نشر على موقعه في ليلة الانقلاب خط سير طائرة الرئيس "أردوغان"، وكأنه يريد أن يوجه الانقلابيين لاستهدافها.
فشل الانقلاب يضعف تركيا!
ليلة السبت وبعد ساعات من اتضاح معالم الانقلاب ، توجه "أدروغان" من مرمريس حيث كان يقضي فترة استجمام إلى مطار أتاتورك في اسطنبول، بعدما وعده أحد قادة الجيش الكبار المناهضين للانقلاب بتأمين حمايته وهبوطه في المطار، وهو –أي الهبوط- كان خطوة حيوية للغاية في تثبيط عزيمة الانقلابيين وتشجيع الشعب ومؤسسات الحكومة على مواجهتهم.
ويعد مركز "ستراتفور" أكثر مراكز الدراسات الاستراتيجية والأمنية شهرة، ليس على مستوى أمريكا فحسب، بل العالم، ولهذا المركز ارتباطات بدوائر استخباراتية تجعله قادرا على الوصول إلى كثير من المعلومات الحساسة، حتى إن الصحافة الأمريكية تسميه "وظل وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه)"، أي الوجه الآخر لـ"سي آي إيه"، لاسيما أن المركز يضم في صفوفه جمعا من ضباط وموظفين متقاعدين من سلك الاستخبارات الأمريكية.

وليلة الانقلاب نشر مركز "ستراتفور" عدة تغريدات حول خط الطائرة التي أقلت "أردوغان"، قبل أن ينعى المركز نفسه الانقلاب معتبرا أن فشله سيضعف الحرب ضد تنظيم الدولة ويضعف تركيا أيضا!
وتعرض الفندق الذي كان يقيم فيه "أردوغان" لية الانقلاب إلى قصف ومحاولة اقتحام، لكنهما جاءتا متأخرتين؛ لأن الرئيس كان قد أخذ حذره وغادر المكان فورا، ففوت على الانقلابيين فرصة اغتياله وإعلان نجاح خطتهم.

وسبق لمسؤول تركي مرموق أن أخبر وكالة "رويترز" أن مقاتلتين من طراز "إف 16" تابعتين للانقلابيين حاولتا اعتراض طائرة الرئيس لدى توجهه نحو اسطنبول، وهو ما أكد عليه مسؤول تركي آخر عندما أقر بتعرض طائرة "أردوغان" إلى مشكلة، لم يفصح عن شكلها.
*نعم اعترضوها
بدورها، عادت "زمان الوصل" إلى صفحة "ستراتفور" الرسمية، فوجدت أن المركز نشر بشكل مثير للانتباه عدة تغريدات عن مسار طائرة "أردوغان"، إحداهما تحدد موقعها بالضبط وأنها صارت فوق بحر مرمرة، والثانية تؤكد أنها على وشك الهبوط في المطار، وبالتزامن مع هذه التغريدات بالذات، وبمحض مراقبته لتطورات الوضع في تلك الليلة، نشر مراسل "زمان الوصل" في اسطنبول نبأين عاجلين متلاحقين عن تحليق مكثف للطيران في سماء المدينة وعن خرقه جدار الصوت، وهو ما يوحي بأحد احتمالين لتحليق الطائرات وقتها، الأول أنها طائرات تابعة للانقلابيين حاولت الإغارة على طائرة أردوغان وهي فوق بحر مرمرة أو قبل هبوطها في مطار أتاتورك، بناء على معطيات مخابراتية، جاهر "ستراتفور" علنا بنشرها، والاحتمال الثاني أن تكون طائرات تابعة للحكومة الشرعية، هرعت لاعتراض مقاتلات أو مروحيات كانت تحاول استهداف طائرة "الرئيس".
وتنوه "زمان الوصل"، حسب ما رصد مراسلها في ليلة الانقلاب، أن أغلب الطيران الذي كان يحلق في سماء اسطنبول كان عبارة عن طيران مروحي، وأن المقاتلات الحربية لم تظهر بل لم تخرق جدار الصوت إلا بالتزامن مع اقتراب طائرة الرئيس نحو اسطنبول (الذي لم يكن معلوما حينها إلا لأجهزة مخابرات كبرى ولمركز ستراتفور!)؛ ما يعني أن شيئا جديا للغاية كانت تلك الطائرات بصدد عمله، إما ضرب طائرة الرئيس –إن كانت انقلابية- أو حمايته.


*تأزم متفاقم
ومن شأن هذا التصرف الذي أقدم عليه "ستراتفور" أن يزيد من توتر العلاقات بين أنقرة وواشنطن، لاسيما أن تفاعل الأخيرة مع فشل الانقلاب كان متأخرا وباردا، بل ومريبا، ومن ذلك قيام السفارة الأمريكية في أنقرة بتسمية الانقلاب "انتفاضة"، وتأخر "أوباما" في إصدار بيان دعم للحكومة الشرعية، واتفاق كل المسؤولين الأتراك وفي مقدمتهم "أردوغان" ورئيس حكومته "بن علي يلدريم" على تورط الكيان الموازي في الانقلاب الفاشل، بأوامر مباشرة من "فتح الله غولن" المقيم في الولايات المتحدة تحت رعاية وحماية سلطاتها.
ومما زاد طين العلاقات المتوترة بلة، أن وزير خارجية أمريكا "جون كيري" رفض ما صرحت به "أنقرة" حول تورط "غولن"، وبالتالي تورط بلاده بشكل غير مباشر، واصفا تصريحات المسؤولين الأتراك بـ"الأكاذيب" بلغة استعدائية وغير لائقة دبلوماسيا، ومهددا بتدهور العلاقات، قبل أن يعود ليلوح باستبعاد تركيا من عضوية حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لأنها على حد قوله تخرق القوانين فيما يتعلق بتعاملها مع الانقلابيين.
وعاد "كيري" ليطلق مجددا تصريحات غاية في الريبة، معتبرا أن الانقلاب لم يخطط له وينفذ "بصورة جيدة"، وكأنه يبدي الندم على فشله!
ويبدو أن علاقات أنقرة بواشنطن متجهة نحو مزيد من التأزم، الذي عكسته أحدث تصريحات أدلى بها "يلديريم" اليوم الثلاثاء، عندما خاطب "واشنطن" ردا على مطالبتها بالأدلة حتى تسلم "غولن"، فقال: "نحن على أتم استعداد لتقديم كافة الأدلة ولكن.. هل قمتم أنتم بتقديم أدلة لنا عندما طالبتم تركيا بتسليم المتورطين في أحداث الحادي عشر من سبتمبر"، وذلك عقب تهديد ألمح فيه إلى أن تركيا ستعيد النظر في علاقاتها مع الولايات المتحدة في حال رفضت تسليم "غولن".
ايثار عبدالحق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية