بوضوح ولأول مرة .. إثباتات رسمية تدين النظام في ملف المنخرطين بالقتال على الساحة العراقية

تفاصيل تجدونها بين طيات الوثيقة أدناه

يتاجر نظام الأسد بكل شيء من أجل بقائه حتى ملف "المجاهدين" أو "الإرهابيين" بحسب وجهة نظر من يتحدث عن المقاتلين الذين تدفقوا من سوريا إلى العراق في فترة الإحتلال الأمريكي لبلاد الرافدين....

ولفت نظر "زمان الوصل" وجود وثيقة بتاريخ 29/6/2006 على علاقة بموضوع تحركات المرتبطين بملف القتال في العراق ضمن وثائق اطلعت عليها وتأكدت من صدقيتها، وهي تثبت بل وتؤكد تماما أن مخابرات النظام كانت على علم تام بتفاصيل هذا الملف والأشخاص المنخرطين فيه، وأنها لم تكن تبدي أي ممانعة لهم، بل إنها غضت الطرف وربما سهلت تحركاتهم، واكتفت برصدهم وجمع المعلومات عنهم، ربما من أجل تصفية واعتقال من ينجو منهم لاحقا، وربما من أجل المتاجرة بملفهم لفتح قنوات تواصل وعقد مقايضات مع الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي اتهمت النظام مرارا بدعم وتسهيل عبور المقاتلين إلى العراق، فيما كان رأس النظام ينفي ذلك.


وتؤكد الوثيقة بجلاء وبعبارات يقينية لا تقبل التأويل أن مخابرات النظام كانت تتابع بشكل حثيث ملف من تسميهم "الأشخاص السوريين الذي غادروا القطر (سوريا) إلى العراق للقتال ضد القوات الأمريكية"، ولاسيما أولئك المنتمين إلى "طرق وجماعات دينية".

والمثير للاهتمام أن الوثيقة جاءت ردا على كتاب سابق يورد فيه فرع مخابرات إدلب أسماء المنخرطين في القتال بالعراق من أبناء المحافظة (ما يعني علم النظام بهم)، وأن كل ما طلبه رئيس فرع فلسطين كان حصر انتمائهم إلى "الطرق الدينية" ليس أكثر!

الوثيقة الموجهة من رئيس الفرع 235 (فرع فلسطين) إلى فرع مخابرات إدلب، تطلب من الأخير متابعة ملف المنخرطين في القتال بالعراق من السوريين، وإعداد قائمة بأسماء "الطرق" التي ينتمي إليها هؤلاء، دون الإشارة من قريب أو بعيد إلى أي عبارة تفيد بوجوب ملاحقتهم أو مساءلتهم أو اعتقالهم، ما يعزز فعليا النظرة السائدة عن النظام في هذا الملف، ومفادها أنه استخدم السوريين المتحمسين للدفاع عن العراق كورقة للضغط على الولايات المتحدة بداية، وورقة لمساومتها في النهاية، وبين البداية والنهاية كان جزء من هؤلاء المنخرطين "وقودا" في مسيرة تلميع وتقديم بشار كـ"محارب عنيد للتطرف والإرهاب" أمام الأمريكيين بالذات، وكـ"داعم أساسي لحركة المقاومة والجهاد ضد الأمريكان" أمام شعوب المنطقة، لاسيما السوريين والعراقيين!

*مكافحة ورعاية
ويعطي صدور الوثيقة عن فرع فلسطين دلالة أخرى ومعنى أعمق للوثيقة، يكشف عن أن هذا الفرع بالذات، لم يكن معنيا بـ"مكافحة الإرهاب والتطرف" إلا ذلك الذي يهدد النظام، أما الذي يفيد نظام الأسد ويدعم موقعه ويمكن أن يلوح به في وجه الآخرين لحصد المكاسب، فإنه "إرهاب وتطرف" معتنى به ومضبوط وهو تحت أنظار المخابرات تماما.


وأشارت السفارة الأمريكية في دمشق في تلك البرقية إلى ما وصفه مملوك بأنها "30 عاماً من الخبرة السورية في محاربة الجماعات المتطرفة مثل جماعة الإخوان المسلمين"، مفاخرا بأن مخابرات النظام أكثر نجاحا من نظيرتها الأمريكية، "لأننا عمليون ولسنا نظريين"، حسب قوله.

وأرجع "مملوك نجاح مخابراته إلى قيامها باختراق "المجموعات الإرهابية"، موضحا: "من حيث المبدأ، نحن لا نعمد إلى مهاجمتهم أو قتلهم على الفور، بل نزرع عملاءنا داخلهم، ثم نتحرك في اللحظة المناسبة".

ووصف مملوك عملية زرع العملاء بأنها "معقدة"، مشيرا إلى أنها أدت لاعتقال عشرات الإرهابيين، ومنع مئات الإرهابيين من دخول العراق، معقبا: بكل الطرق سوف نواصل عملنا هذا، ولكن إذا بدأ التعاون مع واشنطن فسنحقق نتائج أفضل، ونحمي مصالحنا بطريقة أفضل.

وجدد "مملوك" التنويه بقدرات مخابراته و"ثروة المعلومات" التي تملكها عبر اختراق التنظيمات الإرهابية، ليخلص إلى القول: "لدينا الكثير من الخبرة، ونعرف هذه المجموعات، هذه منطقتنا ونحن نعرفها، ولأننا كذلك يجب أن نأخذ زمام القيادة"، يقصد قيادة أي تعاون استخباراتي بين دمشق وواشنطن.

وادعى "مملوك" خلال اجتماعه بالأمريكان أن المقاتلين الأجانب الذين يتسللون إلى العراق، يفدون من دول عربية وإسلامية، وأن سوريا قبضت على "عدد كبير منهم إضافة إلى من يسهّلون لهم مهماتهم من السوريين". 

وترتبط كل الوثائق المعروضة آنفا، بشكل ما، ببرقية سرية مسربة مؤرخة في 25 آب/أغسطس 2007، ترفع فيها السفارة الأمريكية بدمشق تقريرا مفصلا عن زيارة رئيس الحكومة العراقية (آنذاك) نوري المالكي إلى دمشق ولقائه بعدد من مسؤولي نظام دمشق، وعلى رأسهم بشار الأسد. وتنقل البرقية عن بشار أنه قال للمالكي خلال لقائهما، إن الخطر الرئيس على العراقيين والسوريين هو التطرف، ورغم أن أعداد المتطرفين ازدادت، لكنهم لا يتجاوزون الآلاف؛ "ما يجعلهم ضمن حدود أجهزتنا الأمنية، القادرة على ضبطهم والسيطرة عليهم".

*مادة محدثة

إيثار عبد الحق - زمان الوصل - خاص
(269)    هل أعجبتك المقالة (271)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي