أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عن "لحس الكوع" التركي .. وعلي حبيب .. والتوغل الإسرائيلي*

أرشيف

ليست هناك شكوك، إنما تصريحات ومعطيات وتبدلات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، تبدلات فيها من يصارع للبقاء، ومن يتهيأ للوقوف على منصة الشرف، واللاعبون الواضحون في المشهد الخارجي هم الروس والأتراك والفرنسيون، وخلف الأكمة هناك إسرائيل.

ماذا حصل مؤخراً.. وكيف، الإجابات موجودة في مروحة زيارات سرية ومعلنة، وتصريحات لشخصيات رسمية تمثل الأطراف المنخرطة في الشأن السوري على المستوى الدولي.

فهم البعض تصريحات رئيس الوزراء التركي علي يلدريم بأنها "لحس كوع" عندما أكد بأن بلاده تسعى لتطوير علاقاتها مع دول المنطقة بما فيها سوريا، لكن فجأة ظهر في المشهد وزير الدفاع الأسبق علي حبيب قادماً من باريس، وفي توقيت يعقب عودة العلاقات بين أنقرة من جهة وموسكو وتل أبيب من جهة ثانية.
والمتوقع أن يعود حبيب مرة أخرى إلى تركيا بعد زيارة إلى موسكو، وهذا يعني أن مثلث تحركاته هو فرنسا وروسيا وتركيا، وبصفته ضابطاً علوياً فهو مؤهل لقيادة حكومة عسكرية تبدد مخاوف أنصار الأسد، وتطمئن روسيا والفرنسيين وحتى العرب الذين تربط العماد حبيب علاقات جيدة بهم منذ حرب الخليج عام 1991.

كما يمكن أن تطمئن هذه الزيارة أوساط المعارضة السياسية بمعظمها إلى إمكانية نقل الحكم لاحقاً إلى إدارة مدنية، وبضمانات دولية، طالما أن ظروف الأرض لا تسمح بهذا الخيار على المدى القريب، خاصة مع وجود تنظيمات متطرفة يصعب التغلب عليها مع وجود بشار الأسد في السلطة، وحتى خلال المرحلة الانتقالية.

وربما أن الرسالة وصلت إلى بشار الأسد وهو يحاول ممانعتها بالدخول عرضياً في أوساط العلويين، حيث بدأ يمارس نشاطاً اجتماعيا في قرى يسكنها العلويون في ريف حمص، كما حاول استخدم لهجة الساحل في بعض الأوقات كما حصل في زيارته لمجموعات من بقايا مقاتليه في مرج السلطان في الغوطة الشرقية، ولعل هذا التفسير هو مجرد استشراف شخصي في هذا المقال، لكن يصح تحميله على هذه التطورات إذا فهمنا أن هناك من يتمسك بالأسد من بعض أبناء طائفته أو حتى من قبل إيران، وهذا يعني أن خطة الانتقال العسكري للسلطة باتت موضع التنفيذ، وقد تم إبلاغ الأسد وتحضيره نفسياً لكنه يكابد ويصارع متأملاً في حدث يغير المشهد.

في الجنوب ها هي إسرائيل تحرك جرافاتها ومعداتها متوغلة مئات الأمتار داخل الأراضي السورية، وخارج خط وقف إطلاق النار مقابل قرية بئر عجم في القنيطرة، وهو تحرك يشي بضغط وتنسيق من قبل الأطراف الخارجية الفاعلة، مع صمت مطبق على المستوى الرسمي لنظام الأسد، وكذلك على مستوى القوى والفصائل المتواجدة عند الحدود.

الإسرائيليون يقومون بتدشيم المناطق التي توغلوا فيها، وهذا بالمعنى العسكري وجود تحرك عملياتي لاحقاً داخل الأراضي السورية، أو التحضير لتطور مهم سيغير في "الستاتيكو" القائم، وينهي وجود الأطراف غير المرغوب فيها قرب الحدود. 

هل الأمريكيون موجودون في هذا التصوّر، بالطبع هم موجودون، وعلى الأغلب هم راضون بما يحصل، ويرغبون بإعطاء شركائهم الدوليين المزمنين والطارئين دوراً على المستوى العام، مع الاحتفاظ بخصوصية معركتهم ضد الإرهاب، إذ سيظهر الأميركيون في المشهد عندما "تستوي الطبخة"، وبالشكل الذي يريدون، مع مراعاة أنهم يفترض أن يستعجلوا في تمرير أي خطة تنفيذية للحل لتسجيلها لمصلحة الفريق الحاكم قبل ستة أشهر من رحيله.

الأشهر الستة القادمة ستشهد حراكاً استثنائياً، فالتفاهم الروسي ـ الأميركي المعروف باتفاق كيري ـ لافروف كان يقضي أن تبدأ المرحلة الانتقالية منتصف العام الجاري، وجرى التأجيل إلى آب ـ أغسطس أملا في نجاح مفاوضات جنيف، إلا أن الحل سيأتي هذه المرة من زاوية مختلفة، وهي الخطة "باء" الحقيقة، وإن لم تنجح فإن شكل الخصومات سيتغير، وربما تجري عمليات إزاحة وتغيير بالإكراه.

*علي عيد - من كتاب "زمان الوصل"
(169)    هل أعجبتك المقالة (178)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي