أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الفرح أيها السوريون.. الحياة لا يصنعها الحزن ولا السكاكين*

طفلة سورية في مخيم للاجئين بتركيا - أرشيف

يعيش السوريون في مهاجرهم وأماكن نزوحهم حالة إحباط قاتلة، وليس السوريون اللذين مازالوا داخل البلاد أحسن حالاً كذلك.

عشرة أعياد منذ أن خطفت الحرب حياتنا، وكل عيد يمرّ تزداد الضريبة، ويصبح الوجع أكثر أيلاماً، وتشتد وطأة الغربة عن ما نعيشه يوماً بعد يوم.

شخصيّاً ازدادت مواجعي مع قدوم العيد، راجعت قائمة من يجب عليّ معايدتهم، عجزٌ غريبٌ جثم على رغبتي في أن أبتسم وأنا أتبادل مع الأهل والأصدقاء تهاني العيد. 

كل الذين قلت لهم كل عام وأنتم بخير، كنت أغصّ وأنا أسمع صوتهم، أو أكتب لهم، إذ تجتاحني كآبة عارمةٌ تفوق الإحساس بالحزن على الموتى، وتساءلت بيني وبين نفسي عن سرّ هذا الموت الجمعي الذي يتعارض مع طبيعة الكون.

لسنا أوّل أمة تُنْكبُ بطاغية شتتها وأعمل قتلته في جنباتها، وبما أننا أمضينا أكثر من خمس سنوات، كان أولى أن يكون بيننا من يرغبون بإعادة بث الروح في نفوس الملايين من المتعبين، وأن نؤمن بأن هناك "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"، فالذين رحلوا تركوا أطفالاً يحتاجون للحظة فرح، كما تحتاج حبيباتهم وأمهاتهم لمن يبلسم جراحهنّ.

أنا أقول لكم من أين لنا هذا الوجه المتشائم والكئيب، لقد أجبَرَنا القاتل أن نؤمن بالسلاح وسيلة واحدة لتنتصر الحياة، لقد صار السكّين أمضى في خواطرنا من القلم، وبتنا نقرأ مستقبلنا في علامات قيام الساعة، ودلالات حرب الشام، صار لرجل الدين موقع على تويتر يتابعه الملايين، بينما تم نفي الشاعر والمفكر والأديب، أصبحنا نؤمن بطاغوت السلاح مثل قاتلنا، وليس العيب في أن يكون بيننا من يقاتل من أجل شرفه وكرامته، لكن العيب أن يكون بين كل اثنين من قتلانا واحد يغتاله نصلٌ باسم الدين، أو متفجرة لعميل.

صار الصغار يعتقدون أن الحرب خيار أبدي في هذه الحياة، وليس أقل من مليوني طفل سوري ولدوا في السنوات الخمس الماضية، نصفهم لاجئون، والنصف الآخر مجوّعون.

الحزن ليس قدراً أبدياً، وليس طريقة لاستعادة أشيائنا وأشلائنا، فالفرح والعمل والحب.. هي أدوات الحياة.. الحرب حالة طارئة ومزمنة في آن معاً، ربما تحدث كل عقد أو نصف قرنٍ أو قرنٍ من الزمن، إلا أنها تبقى طارئة، وكل تفكير ثأريّ هو حماقة يدفع ثمنها القادمون، الأطفال، وكل وردةٍ لا يتم زرعها تنبت مكانها رصاصة.

أيها السوريون.. عليكم أن تقتنعوا بأن القاتل يريد إغراقكم عن آخركم، أوليس هذا القاتل يعرف حتمية نهايته، إذن لماذا أنتم مصرون على الكآبة، والحزن، والثأر، والسير على خطى الخاسر.. لماذا لا تقهرون وجعكم بالفرح، ليس من أجل كباركم، بل من أجل أصحاب الذاكرة البيضاء من أطفالكم.

في حب الحياة لا شيء يدعو للاستسلام، وإلا فإن الأرض هي نتاج من المستسلمين، والطغاة، وحملة السكاكين.. لا .. فهذه الأرض لكي تعيش تنبت قبل كل هرطوق نبيّاً، وقبل كل سفيه حكيماً، وقبل كل حاقد حليماً.

الذين زاروا القمر، وكتبوا الأشعار، وصنعوا الحرف لم يكونوا أنبياءً ولا قتلة، نصفهم عاش في الحرب ونصفهم في السلام، إلا أنهم لم يفتحوا الفضاء بأحزاب ولا أجندات، ولا بخطب دينية وقداديس .. ولا بالحزن ولا البنادق.

أيها السوريون العيد إن لم يكن لله فهو لأطفالكم ولكم.. ابحثوا عن درب الحياة، وإن لم تجدوها فشقّوا لكم درباً من السعادة .. من العمل .. من الآمل.. إنها تستحقكم وإنكم تستحقونها.

*علي عيد - من كتاب "زمان الوصل"
(171)    هل أعجبتك المقالة (175)

محمد علي

2016-07-06

كل عام و سوريا بخير بدون الفسد و طائفته و من و معهم من شيعة و مجتمع دولي يدفعهم ،،، وانشاء الله العيد القادم من دونهم ..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي