أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مساء أمس السبت، أن بلاده تعتزم منح الجنسية التركية للاجئين السوريين المقيمين على أراضيها، وأنه سيتم العمل على إمكانية منح المواطنة للاجئين السوريين الراغبين بالحصول عليها، عبر مكتب خاص شكلته وزارة الداخلية التركية لهذا الهدف.
الكلام للرئيس التركي، والمناسبة حفل إفطار بولاية "كليس" دُعي إليه سوريون وأتراك، والهدف المعلن، أيضاً بحسب كلام السيد الرئيس "تركيا لم تغيّر موقفها من الملف السوري، ولا يمكن القبول بحكم ظالم يمارس إرهاب الدولة ويتسبب بمقتل 600 ألف سوري وتجاوزت ممارساته الإرهابية تنظيمات حزب الاتحاد الديمقراطي ذراع منظمة "بي كا كا" الإرهابية في سوريا، وداعش".
ثمة أسئلة توثبت على الشفاه، مذ تناهي الخبر لمسامعنا، لا يمكن فصلها وبأي حال من الأحوال، عن التغيرات الأخيرة التي طرأت على علاقات تركيا والمنطقة، ببساطة لأن السوريين بتركيا منذ أربعة أعوام، ولا يحصلون على الإقامة إلا بعد الدفع، وشق الأنفس...فترى ما الذي جرى أو سيجري.
ربما أول الأسئلة التي تخطر فور سماع الخبر، لماذا قال ذلك الرئيس التركي ما قال، بعشاء يمكن اعتباره خاصاً ولم يقله على منبر أو بتصريح رسمي أو لم يجتمع مع الائتلاف السوري الذي يدفع رواتب من فيه منذ تسعة أشهر، ليزف له هذا النبأ؟!
وهل يمكن ربط التصريح بعقابيل التطبيع التركي الإسرائيلي وتصحيح العلاقات التركية مع روسيا؟!
وربما الأهم، هل سيتم منح الجنسية لمن يرغب من السوريين البالغ عددهم نيفا ومليونين بتركيا، كما قال الرئيس، أم ثمة استهداف لمستثمرين ومثقفين وتكنوقراط وشباب موهوبين، ولا ينسحب "عطاء الجنسية" على اللاجئين والعمال وصغار الكسبة؟!
حقيقة الأمر، أن الرئيس أجاب، أو حاول خلال كلمته على بعض الأسئلة، إذ أتى باختصار على أن "مبادرتنا الأخيرة مع روسيا وإسرائيل كانت تهدف إلى الانفراج في سوريا" ناسباً تأخر نصر الثورة إلى تدخل دول بعينها.
وختم ببعض أمل "مستقبل سوريا سيكون مشرقاً، وأعرف أنكم عانيتكم فلا تحزنوا وستجنون ثمار نضالكم، عاجلا أم آجلا، ولم يفت الرئيس أن يطلب السماح عن التقصير".
قصارى القول: دونما تقليب جمر تركيا وما سببه تعاطيها منذ الخطوط الحمر حتى مقتل السوريين على الحدود وصولاً لعدم دفع رواتب الائتلاف الشهر الجاري، أو التغني بما قدمته الجارة الوفية لأكثر من مليوني سوري، عاشوا لأربع سنوات بتركيا بشروط، إن لم تك كشروط بلدهم، فهي على الأقل أفضل وبما لا يقاس مع شروط وظروف اللاجئين بالدول الشقيقة.
لنسأل ومما سمعناه عن الرئيس اليوم، إن كان مستقبل سوريا مشرقا وقضية السوريين بطريقها للحل، فلماذا ستمنح تركيا الجنسية لمن يطلب من السوريين، لتساهم أنقرة، كما ساهم سواها، بجذب إن لم نقل سرقة الكفاءات السورية والمساهمة بالتغيير الديموغرافي الذي يسعى إليه الوريث القاتل.
وأيضاً، هل تسهيل منح الجنسية للسوريين سيلغي الشروط القاسية المفروضة على السوريين الحالمين بجنسية تركية، والتي بعضها تزكية شخصية تركية "مرموقة" للمتقدم كي يحصل على الجنسية.
وأيضاً وأيضاً من أسئلة قد لا تنتهي، ربما منها ما قيل، قبل تفجير مطار أتاتورك الإرهابي بأيام، عن منح إقامات دائمة "زرقاء" إلى بعض السوريين "مستثمرين ورجال أعمال ومثقفين" وأن وزارة العمل التركية رفعت الطلب للبرلمان وتمت مناقشته من لجنة الشؤون الاجتماعية، وربما يمر بمجرد التصويت.
نهاية القول: أحس السوريون، أو أكثر من الإحساس بقليل، أن التغيرات التي تشهدها المنطقة أخيراً، ستحمل لهم مفاجآت، وتشتت أحاسيسهم حول، هل ستكون المفاجآت في صالحهم وثورتهم، أم لعرضهم كورقة على طاولة مصالح الآخرين، وريثما يبت الإحساس المبني على بعض معلومات ومؤشرات، بيقين يتم على الأرض، يأملون على الجار التركي الذي قدم ولاشك الكثير وبالاتجاهات والميادين كافة ألا يكون في الجنسية التي يحلم جل السوريين بحملها، في واقع شعورهم باللا وطن واللا أمل، أن تكون غزلا لإيران وروسيا وربما للأسد، للمساهمة في تسريع التغيير الديموغرافي وسورية المفيدة - والأمل ليس رغبوياً وإغاثة ملهوف، بقدر ما هو مصالح ومصائر مشتركة،- ألا يمنحهم مسكنات قبل بيعهم في بازارات السياسة.
*عدنان عبد الرزاق - من كتاب "زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية