أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

روسيا، إسرائيل، مصر.. تحولات دراماتيكية في السياسة الخارجية التركية

أرشيف

تحولات متسارعة تشهدها السياسية الخارجية لتركية في ثلاثة ملفات كانت لأيام قليلة ماضية تبدو وكأنها عصية على الحل، وفق التعاطي الإعلامي على الأقل، ولعل أهمها ملف العلاقة مع موسكو إثر إسقاط تركية لمقاتلة روسية اخترقت اجواءها في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، إذ سيجري الرئيسان "رجب طيب أردوغان" ونظيره الروسي "فلاديمير بوتين" خلال الأيام القليلة المقبلة اتصالات هاتفية وذلك بحسب ما أعلن عنه رئيس الوزراء التركي "بن علي يلدريم"، بينما يعتزم وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أغلو" زيارة روسيا الاتحادية مطلع الشهر المقبل، للمشاركة في اجتماع منظمة التعاون الاقتصادي للبحر الأسود.

وقال الرئيس "أردوغان" يوم أمس الإثنين "أعتقد أن علاقاتنا سوف تُطبّع في أقرب وقت مع روسيا، تاركة وراءها الوضع الحالي الذي يضر بالبلدين"، مضيفا أنه تم اتخاذ خطوات باتجاه القضاء على الآثار السلبية الناجمة عن الأزمة مع موسكو على خلفية إسقاط المقاتلة الروسية العام الماضي. 

وأردف الرئيس التركي "أعتقد أن الاتفاق الذي توصلنا إليه لإعادة تطوير علاقاتنا مع روسيا من خلال الرسالة التي بعثتها سينعكس بشكل إيجابي على كلا البلدين".

واستدرك "لقد أعربت في رسالتي التي بعثتها إلى السيد بوتين، عن حزني جراء الحادث (إسقاط الطائرة الروسية)، وأيضاً ذكّرته بفرص التعاون الإقليمي التي يمكننا إجراؤها على نطاق واسع". 

الملف الآخر الذي تمكنت أنقرة من تسويته هو ملف العلاقة مع إسرائيل، إذ أوضح "أردوغان" أن 3 شروط لتطبيع العلاقة مع اسرائيل تم الموافقة عليها من قبل الأخيرة، والشرط الأول بحسب "اردوغان" هو تقديم إسرائيل اعتذارا رسميا لتركيا، مشيرا إلى أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي قدم له شخصيّا هذا الاعتذار، وشهد على ذلك الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، عام 2013".

ولفت إلى أن الشرط الثاني كان "دفع إسرائيل تعويضات لذوي الأبرياء الذين قتلوا في حادثة "مافي مرمرة"، وهذا الشرط، الذي تم التوافق عليه مبدئيًّا، وتحقق بعد التأكيد على أن مبلغ التعويضات هو 20 مليون دولار"، موضحا أن إسرائيل ستدفع مبلغ مليوني دولار لحساب يفتح في المصرف عن كل ضحية.

أما الشرط الثالث، فتمثل في رفع الحصار عن غزة لتحسين ظروف معيشة الفلسطينيين المقيمين في القطاع، وفي هذا الصدد أشار إلى تأكيده على ضرورة حل مشكلة البنية التحتية لشبكتي الكهرباء والماء في غزة، بموجب الاتفاق، الذي تم التوصل إليه أمس الإثنين في روما، مضيفًا: "لأن الطاقة تزوَّد أربع أو ست ساعات في اليوم، والظلام مخيم في أغلب الأوقات".

وأوضح الرئيس التركي أنه بحث مسألة تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، مشيراً إلى أن المسؤولين الفلسطينيين يقيمون الوضع بشكل إيجابي. 

من جانبه قال يلدريم "إن المسجد الأقصى أحد الأماكن المقدسة لدى المسلمين، وبالتالي فإن تطوير علاقاتنا مع تلك المنطقة، يعني أن تعيش المنطقة بأكملها، وليس فقط الشعبين التركي والإسرائيلي، بشكل أكثر سلما وأمنا، وفي إطار حسن الجوار". 

وأفاد يلدريم، بأن التوصل إلى تفاهم مع إسرائيل استغرق وقتا طويلا، لأن ما يتعرض له الفلسطينيون لا يتلاءم مع قيم ومبادئ تركيا، ولذلك فإن أردوغان لم يقصر الأمر على اعتذار إسرائيل عن الهجوم على سفنية مافي مرمرة، ودفع تعويضات لضحاياها. 

ملف آخر بدأت تركيا تحرك مساراته وهو ملف العلاقة مع مصر إذ قال رئيس الحكومة "يلدريم" إن بلاده لا تمانع تطوير العلاقات الاقتصادية بين تركيا ومصر وعقد لقاءات بين مسؤولي البلدين، مع استمرار الموقف التركي الرافض للانقلاب على محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا في تاريخ مصر الحديث. 

وأضاف "يلدريم" "يمكن أن يذهب مستثمرونا إلى مصر، وأن يطوروا من استثماراتهم، وقد يؤدي ذلك مستقبلا لتهيئة المناخ لتطبيع العلاقات، وحتى إلى بدء علاقات على مستوى الوزراء، لا يوجد ما يمنع حدوث ذلك وليست لدينا تحفظات فيما يتعلق بهذا الموضوع". 

وردا على سؤال حول ما إذا كان المستقبل القريب يمكن أن يشهد زيارة وزير تركي إلى مصر، أو عقد لقاء بين مسؤولي البلدين، قال يلدريم "من الممكن إجراء زيارات متبادلة بين المسؤولين ورجال الأعمال في البلدين، واتصالات متبادلة تتعلق بالمجال العسكري". 

وأشار "يلدريم" إلى أنه ورغم اعتبار بلاده أن ما حدث في مصر هو انقلاب على الرئيس "مرسي"، إلا أن الحياة تستمر على الجانب الآخر. فنحن نعيش في نفس المنطقة، ونحتاج لبعضنا البعض، لذلك لا يمكننا قطع كل شيء فجأة حتى لو أردنا ذلك. هذا دون أن نشير إلى الروابط الدينية والثقافية التي تربط البلدين. لذلك فإننا إذا وضعنا جانبًا الشكل الذي تغير به النظام هناك وما يتعرض له مرسي وفريقه من ظلم، فإنه لا يوجد مانع يتعلق بتطوير علاقاتنا الاقتصادية". 

تركيا تواصل ترميم علاقاتها ويبدو أنها محاولة لتبني نظرية "صفر مشاكل" التي وضعها رئيس الوزراء التركي السابق، بينما يستمر السوريون في السؤال، هل هذه التطورات ستخدم قضيتهم العادلة وهل ستكون عامل قوة لثورتهم، أم ستكون قاصمة الظهر.

وكالات
(102)    هل أعجبتك المقالة (87)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي