تنبعث أنغام المعزوفات الموسيقية التراثية والعالمية من أزقة وساحات "المدينة العتيقة" في العاصمة التونسية، ويحتضن قصرها فنونا تشكيلية متنوعة، لتتحول في شهر رمضان، إلى مسرح كبير ومفتوح لـ"المسالك الثقافية".
ويطلق اسم "المدينة العتيقة"، أو "البلاد العربي" على الجزء العتيق بتونس العاصمة، الذي يرجع تأسيسه إلى عام 698 م، ويصنف ضمن لائحة مواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو).
وافتتحت، مساء الثلاثاء، وزيرة الثقافة والمحافظة على التراث التونسية، سنية مبارك، برنامج "المسالك الثقافية" الرمضانية بمحافظة تونس، الذي يتضمن مجموعة من العروض التنشيطية والموسيقية طيلة شهر رمضان .
وكان رواد ساحة "رمضان باي" (إحدى ساحات تونس العتيقة)، على موعد مع عروض موسيقية مختلفة، أما في ساحة "التريبونال"، فقد تمّ تقديم عرض "اسطنبالي" (موسيقى زنوج تونسية)، فيما تم تدشين معرض لفنون تشكيلية، بقصر "خير الدين"، بالمدينة العتيقة.
وفي تصريح لـ "الأناضول"، قالت وزيرة الثقافة، "نعمل على الخروج من الفضاء المغلق لتنشيط الساحات العامة في المدينة العتيقة، انطلاقا من سوق الشواشيين، وصولا إلى ساحة باب سويقة، كي يتصالح المواطن التونسي مع الجمال المعماري، ويكون فاعلا ومشاركا في تنشيط المدينة بمختلف الفنون ".
واعتبرت "مبارك"، "المسالك الثقافية" أحد أهم التظاهرات، التي تهدف لتنشيط الحياة الثقافية في ليالي رمضان، لتساهم في تنشيط حركة المدينة، ذات الرصيد التاريخي والمعماري الزاخر برمزيّتها التراثية.
محمد أمين الشيحي، عازف "القيتار"، الذي التقه "الأناضول"، في ساحة "رمضان باي" بالمدينة القديمة في تونس، يقول: "كالعادة كل شهر رمضان تزور العائلات التونسية المدينة العتيقة، للسهر، وللتمتع بعبق الشهر الكريم والاستمتاع بكل أنواع الموسيقى، التي تقدمها فرقًا موسيقية مختلفة".
ويضيف "العازف"، بأن فرقته الموسيقية "غنجا أفريكا"، تقدم عروضا موسيقية في الشوارع العامة، لمحبي موسيقى "القناوى" (موسيقى تقليدية جزائرية)، وتعتمد عروضها على آلات موسيقية منوعة أبزرها "القيتار باص"، و"الطنبور".
وتهدف تظاهرة "المسالك الثقافية"، التي تمتد حتى نهاية شهر رمضان، إلى تنشيط الحركة الثقافية والموسيقية في أحياء مدينة تونس العتيقة.
"سلمى" (اكتفت بذكر اسمها الأول)، إحدى رواد مدينة تونس العتيقة، قالت لـ "الأناضول"، إن "السهر هنا والاستمتاع بسماع الموسيقى، أمر اعتدت عليه منذ الصغر، حيث كنت أزور المدينة مع عائلتي خصيصا لمتابعة معزوفات موسيقى الشوارع، التي تقدمها فرقة (غانجا أفريكا)".
وتشهد المدينة العتيقة، خلال شهر رمضان، اقبالاً كبيرًا من الجمهور للاستمتاع بسماع الأنغام التراثية والأناشيد الصوفية حسب الأذواق المختلفة.
وتمر رحلة قاصدي المدينة العتيقة، أو "المدينة العربي" كما يسميها التونسيون، عبر أزقة ضيقة تبدأ نهايتها بـ"سوق النحاس"، الذي يعرض الباعة فيه أنواعا مختلف من النحاسيات المنقوشة بأشكال ورسومات فنية منوعة.
وإلى جوار سوق النحاس، تنبعث روائح العطور من سوق العطارين، الذي يقع في نهايته سوق "البركة" المخصص لبيع الذهب والحلي.
وينتهي المطاف بالزائر إلى عدد كبير من المقاهي، التي تتحول بعد الإفطار الرمضاني إلى أشبه باحتفال صاخب، حيث يحرص أصحابها على تنظيم حفلات متنوعة خلال ساعات الليل لجذب أكبر عدد ممكن من الزبائن.
ويطرب زوار المدينة بسماع الأنغام والإيقاعات الموسيقية المختلفة، ويتمتعون بتدخين "النارجيلة"، وتناول أنواع كثيرة من الحلويات.
الأناضول
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية