أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حوار سني - شيعي على هامش الجرح السوري*

رجل يجلس وسط أنقاض المباني المدمرة في دوما - أرشيف

قبل 2011 حكمتني علاقة أخوة بزميل دراسة، فرقتنا صروف الدهر، هو أصبح طبيباً جراحاً وابتُليت أنا بمهنة المتاعب، وبما أننا أبناء قرية واحدة بريف حوران اشتعلت فيها الثورة كباقي ريف سوريا عموماً، كتبت بداية الثورة تدوينة أحذر فيها من جنون استقبال إعلام النظام لشخصيات مثل رفيق نصرالله وناصر قنديل وفيصل عبد الساتر وغيرهم، وأغمز لموقف حسن نصر الله، وقلت إن هؤلاء يغرفون من ذاكرة طائفية، ومن ظرف انقسام طائفي مزمن في لبنان، وأنهم سيجرّون الويلات بآرائهم الدموية ومستوى اللؤم في صناعة أفكار المؤامرة والترويج لها.

ساعات بعد كتابتي التدوينة وإذ بي أتلقى اتصالاً من صديقي الأكاديمي، مستاءً مما كتبت ومعتبراً أنها تدوينة تخص شخصيات من طائفة بعينها، قلت له إن طائفتهم لا تعنيني، وما يعنيني أولاً أنهم ليسوا سوريين ولا حاجة لنا بهم في قضيتنا، فحاججني بالعرعور كممثل للسنة معتبراً أن الثورة سنيّة، قلت: ألعن أنا العرعور وتلعن أنت حسن نصرالله فنكون انتهينا كصديقين من لوثة اللّحى التي تسطو على الحياة العامة، وحاجات الناس وثورتهم.. تململ الصديق .. وهمهم .. ثم صمت .. وانقطع الاتصال حتى اليوم. 

أعود بذاكرتي لأفهم ما حصل، خمس سنوات اصطف فيها الشيعة في لبنان والعراق وإيران إلى جانب الأسد، تحدث نصرالله في البدايات عن حماية المراقد الشيعية، وطور خطابه إلى دعم النظام الممانع، ثم إلى أمن لبنان، قُتل الآلاف من ميليشيا الحزب على الأراضي السورية من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، وقتلوا آلاف السوريين، هجّروا عشرات الآلاف من ديارهم، ظهر مكافئ ديني عنيف على الجانب السني شيئاً فشيئاً، بل وتطور الأمر لظهور تنظيم الدولة الأكثر شراسة، لكنه لم يلتحم يوماً مع حزب الله، وهدمت مساجد السنة، ودمرت بيوتهم ومدنهم وقراهم، وبقي في الذاكرة علي والحسن والحسين وزينب وفاطمة ويزيد ومعاوية لم تمسسهم لا متفجرات الإرهاب، ولم تأخذ بثاراتهم خطابات البلازما، ولا صيحات الرواديد.

لا أفهم وأنا في القرن الواحد والعشرين كيف يذهب طبيب أمضى 22 عاماً من الدراسة، وما زال يرى مواطنته بعليّ والحسن والخميني ونصرالله قبل إيمانه بالحرية والمدنية وحكم المؤسسة.

لم تنته الحرب، ومنذ يومين فقط وصلت إلى الجنوب اللبناني صناديق كثيرة قادمة من حلب وداريا، ووقع جرحى وأسرى كثيرون من أبناء الشيعة في لبنان، لكن على أي مذبح يموت هؤلاء هذا ما لم أفهمه، إذا كان الأمر دفاعاً عن المقاومة فالأسد ترك لروسيا أن تجري مناورات مع إسرائيل من الأراضي السورية، وإن كان على الدين فأي فرق بين تنظيم الدولة وميليشيا حزب الله، ومن قال إن أحدهما في الجنة والآخر في النار، وإن كان من أجل المال فأي مال يوازي موت هؤلاء الغرباء. 

ومن قال للشيعة في بلاد الشام والذين يشكلون قلة قليلة من أبناء هذه المنطقة إن الملائكة ستقاتل معهم، ثم على من سينتصرون، وإلى متى.

هل تحلم إيران مثلاً عبر تصدير الثورة باستعادة ثورة الأدارسة والأغالبة في المغرب، والدولة الفاطمية في مصر، هل مازلنا نعيش أحلام المعتزلة والقرامطة والبويهيين.

لقد قتل الصراع السني الشيعي عبر التاريخ ملايين المسلمين، وكلما قامت جماعة باختراق الصيغة السنية الغالبة بمذهبة الحكم إلى الشيعية الباطنية، قامت حرب لا تنتهي حتى يندثر هذا المذهب، وكلما استحكم الشيعة بالقرار قتلوا كلّ سنيّ ينطق باسم أبي بكر أو عمر.

أي تاريخ هذا، وأي مجد سنبنيه سنة وشيعة طالما أن تجربة 1400 عام هي أشبه بكتاب يقطر بالدم والمؤامرات، حتى أن كلمة الاغتيال عند الغرب (Assasination) مشتقة من اسم فرقة "الحشاشين" الباطنية والتي برعت في هذا النمط من الجريمة السياسية. 

لقد اغتالت المذهبية العقل الإسلامي عامة والعربي خاصة منذ ما بعد "السقيفة"، وها نحن نحارب الإسلام بالإسلام، إذ يتنطّع مستذهبُ مثل نصرالله لقتل وتهجير أناس من أرضهم في غير بلده تحت شعار حماية المراقد والمقاومة، فيما يستأسد سفيه مثل البغدادي ليعيد الناس إلى عهد الخلافة بالسيف، وبينهما أسدٌ خصيٌّ لا ينفك يذكرنا بالسيادة فيما يسوقه حرسه مثل جواري السلطان للقاء وزير الدفاع الروسي، ليقول بعظمة لسانه إنه لم يكن يعلم حجم الشخص الذي سيقابله.

أجزم أن الخراب في سوريا لا يضاهيه خراب في تاريخ الدول، لكنه خراب يتميز بأن هناك قوى منظمة تديره، لذلك فهو طويل، وامتداداته قادمة طالما أنّ بيننا من يحمل شهادات في الطب وهندسات العلوم والرياضيات والفلسفة يشعرون بالخدر كلما صاح بهم خامنئي، ويبكون على دم الحسين كلّما غنى رادود يؤدي وصلته وهو على جنابة، وكذلك آخرون يعتقدون أن الله يقف على حدّ السكين وأن الخلافة هي مشكلتنا لكي نصل إلى الله.

نحن أمّة عنيفة وجاهلة، وحوار السنة والشيعة كذبة كبيرة، وأي حوار لقيامتنا يجب أن يرتكز إلى القانون والمؤسسة والوطن والمواطنة، وبعد أن نصنع حبة دواء لعلاج مريض سنبصر نوراً من السماء يخبرنا أن الله هو السلام.

*علي عيد - من كتاب "زمان الوصل"
(179)    هل أعجبتك المقالة (217)

حسين

2016-06-23

والغريب أيضا أنه حتى من لا علاقة لهم بالدين ، ويمارسون أوسخ الأعمال في بلاد الغربة ، أنهم أصبحو مساندين لحسن وحسين وزينب ولإيران وحسن ونصر الله وكذلك بشار الأسد ولهم تصرفات إستفزازية طائفية ويرددون كما الببغاء دون تفكير . فعلا إنها نهاية حقبة زمنية سمح بها السنة لأشخاص مثل حافظ الأسد الوصول إلى الحكم.


سوري شريف

2016-06-23

احلى كلام بس المشكلة نحن العرب عقلنا سميك شوي.


محمد عبدالرحمن

2017-11-09

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : لقد درست موضوع الإمامة عند السنة والشيعة في أصولنا أهل السنة وما اتفق معها من أصول الشيعة وتبين لي مايلي : أن السنة والشيعة جميعاً مخطئون في شأن الإمامة ،وأن الإمامة - ولاية الأمر - لأهل البيت شورى ، والعقيدة في الأئمة هي عقيدتنا أهل السنة ، وأهل البيت في هذا الشأن هم ذرية النبي فقط ، والصحابة بريئون من التعدي على اختيار الله في أهل البيت ، فعلي بن أبي طالب ليس من أهل الإمامة الثقل الأصغر. وقد وضعت هذه الدراسة في كتاب سميته " ميزان العدل - في حكم إمامة أهل البيت . دراسة تصحيحية " وقد منع مجمع البحوث الإسلامية طبعه وتداوله عندنا في مصر ، وأود أن أرسل إليكم نسخة الكترونية منه . وأسأل الله أن يجعله سبباً في الهداية وبيان الحقيقة وجمع الكلمة ولم الشمل ..


التعليقات (3)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي