أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"زيتون" لـ"زمان الوصل".. لست ممثلا للجيش الحر وإسرائيل قدمت مبادرات نوايا حسنة ونحن تجاهلناها

صورة حديثة لـ"زيتون" في مدينة القدس- زمان الوصل

* لست منخرطا في ملف المساعدات ذات المنشأ الإسرائيلي، وإن كنت أسعى لتوفير الإغاثة لكل السوريين
* قطعنا شوط توفير الشريان الإغاثي للمنطقة الآمنة، وننتظر الحصول على غطاء سياسي
* أنا معارض مستقل، ولا أسعى لأي منصب، ولذلك لا أعتب على المتبرئين مني
* لا يعنيني تخوين النظام، وأنا بالأساس أكبر خائن له ولشعاراته وأولوياته ومسلماته.
* آن الأوان لتبني خطاب عقلاني واقعي منفتح، وإسرائيل ملائكية مقارنة بالاجتثاثيين.

قال عصام زيتون الذي قدمه مؤتمر هرتسيليا بصفة " ممثل العلاقات الخارجية في الجبهة الجنوبية بالجيش السوري الحر" إنه لم يدع تمثيل الجيش الحر، واصفا نفسه بالمعارض المستقل الذي يسعى لنقل صور المعاناة السورية والتأكيد على نقاء الثورة وتمسكها بأهدافها الحقيقية في الحرية والكرامة، ومحاربتها للنظام ولكل التنظيمات المتطرفة، حسب تعبيره.

وفي حوار هاتفي خص به "زمان الوصل" أقر "زيتون" أنه يزور إسرائيل للمرة الثالثة، سعيا للحصول على غطاء يوفر إنشاء منطقة آمنة، بمساعدة أكاديميين ومنظمات إغاثية، مشيرا إلى أنه غير عاتب على من تبرؤوا من شخصه، بقدر عتبه على من تنصلوا من خطابه الذي يهدف في الأساس إلى وقف المذبحة السورية، وفقا لقوله.

ومؤخرا ثارت عاصفة من الجدل إثر إدارج مؤتمر هرتسيليا اسم "عصام زيتون" في جدول المتحدثين في المؤتمر، وبجانبه صفة "ممثل العلاقات الخارجية في الجبهة الجنوبية بالجيش السوري الحر".
وعقد مؤتمر "هرتسيليا" دورته السادسة عشرة بين 14 و16 من حزيران/يونيو الجاري، تحت عنوان: "وضع جدول أعمال جديد لإسرائيل وسط شرق أوسط مضطرب".

وأدرج اسم "زيتون" وسط عشرات الأسماء من المفكرين والعسكريين والمخابراتيين والسياسيين المرموقين حول العالم، وفي مقدمتهم وزير خارجية الولايات المتحدة الأشهر، وأهم دهاة سياسييها "هنري كسنجر".

وحضر "زيتون" جلسة لمؤتمر هرتسيليا بتاريخ 16 الجاري، تحت عنوان "إدارة الأزمات العالمية"، بإشراف الصحافي البرتغالي المقيم في تل أبيب "enrique Cymerman"، ومشاركة السفير الصيني السابق في إيران "Hua Liming"، و3 شخصيات عبرية من بينها " Gal Lusky" الرئيسة التنفيذية لمؤسسة "المعونات الجوية الإسرائيلية"، وهي تقدم نفسها كمنظمة "غير ربحية وغير حكومية وتطوعية"، تهدف إلى "إيصال المساعدات للمناطق التي تعاني كوارث طبيعية أو صراعات وترفض أنظمتها إدخال المساعدات".

نص الحوار
1- لنبدأ من النقطة الإشكالية الأولى.. قدمك مؤتمر هرتسيليا بصفة " ممثل العلاقات الخارجية في الجبهة الجنوبية بالجيش السوري الحر"، فهل أنت فعلا كذلك؟
أنا لم أدع تمثيل الجيش الحر أو النطق باسمه، أو شغل منصب مسؤول العلاقات الخارجية في الجبهة الجنوبية، والمؤتمر انتهى يوم الخميس وأنا حتى مساء ذلك اليوم لم أكن ملتفتا للنقاش الذي دار بشأن الأمر، لاسيما ما صدر عن الجبهة الجنوبية.

وحاليا، أنتظر من مؤتمر هرتسيليا أن يصدر بيانا ينفي أن أكون قد ادعيت تمثيل الجيش الحر، أو أن يكون منظمو المؤتمر دعوني بصفتي ممثلا عن الجيش الحر، وإنما دعيت بصفة معارض مستقل، وهذه هي صفتي الحقيقية التي أقدم نفسي بها.

2- أخبرتني قبل بداية الحوار بيننا أنك زرت إسرائيل 3 مرات خلال الـ20 يوما الماضية تقريبا، هل لك أن تضعنا في أجواء هذه الزيارات وأهدافها؟
نعم هذا صحيح، وأنا أعمل كسوري مستقل يخاف على بلده وأهل بلده ومستقبلهم.. أعمل مع مجموعة من الأكاديميين ومختصين في مراكز أبحاث استراتيجية، أمريكيون ويهود، وجدتهم أصدقاء للشعب السوري ويبحثون عن حل لما يعانيه.

محور جهدي كان وما زال منصبا على إنشاء منطقة آمنة للمدنيين، تقوم إسرائيل بتوفير معبر لها، وأنا أعمل بالتعاون مع جمعيات مهتمة بالشأن الإنساني إلى جانب الأكاديميين، أملا بالحصول على غطاء رسمي لإنشاء المنطقة.

الجانب الأمريكي أبدى اهتماما بالمسألة في الفترة الأخيرة، وقد اجتمعت بهم في إسرائيل، وذهبنا إلى الجولان، وكان بينهم دبلوماسيون أمريكيون، حيث قمنا بجولة ميدانية وبحثنا مقترح إنشاء المنطقة الآمنة.
لقد وجدت الزيارات الثلاثة إلى إسرائيل ضرورية جدا، لاسيما أن الرأي العام هنا لا يرى في سوريا حاليا سوى أنها تشهد حربا بين داعش والنظام، وهذا الذي يراه الجمهور هنا -بغض النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا معه- هو في النهاية حقيقة واقعة علينا التعامل معها.

وعطفا على هذا، اعتبر أن من مهامي شرح ما يحدث في سوريا والتأكيد بأن هناك شعبا ثائرا، وأن مبادئ الثورة في الحرية والكرامة ما زالت قائمة، وأننا نحارب من أجلها كلا من النظام والتنظيمات المتطرفة.

3- يثير كلامك عن الزيارات المتلاحقة في ذهني سؤالا حول أمر احتدم النقاش بشأنه مؤخرا، وهو وجود مساعدات غذائية ذات منشأ إسرائيلي في الجنوب السوري.. بصراحة، هل كنت أحد المنخرطين في تأمين هذه المواد وإيصالها للداخل؟
لقد سمعت بهذا الأمر مؤخرا، وعلمت بالبلبلة التي أثارها واستطاع حكماء في الجنوب السوري محاصرتها، وتفويت الفرصة على من اصطنع الأزمة لأجل شق الصف في الداخل.

وعموما فإن المشهد في إسرائيل يضم عددا من المنظمات والهيئات والتيارات التي تتبنى آراء مختلفة من الوضع في سوريا، وأنا أريد أن أكون هنا عملياً، لأقول إن من يستطيع تزويد عائلة محاصرة ولو بـ"ربطة خبز" من أي جهة كانت، فإن عليّ أن أشكره وأشكر الجهة التي قدمت الخبز، ومن يمانع هذا الطرح ويملك تصورا آخر للحل فنحن سنكون جنودا في مشروعه.

وباختصار أقول، أنا إلى الآن لم أنخرط في ملف تأمين المساعدات وتمريرها إلى الداخل، وإن كنت أتمنى وأسعى لأنخرط في عمل مؤسساتي يوفر الإغاثة لكل الشعب السوري، فهذا هو مشروعي وعملي الذي أحاول تحقيقه كهدف مرحلي بالطبع.

4- ما هي طبيعة المنطقة الآمنة التي تحدثت عنها آنفا، ومن الذي اقترحها ابتداء، وما هي فرص إنشائها برأيك؟
المنطقة الآمنة مشروع تكلم فيه عدد من الأطراف، لعل أبرزهم تركيا التي حاولت لكنها لم تصل لنتيجة عملية حتى الآن، فالموضوع السوري في النهاية معقد جدا واللاعبون المتدخلون فيه كبار، وعلينا التصرف بحكمة، على الأقل لتوفير منطقة آمنة تؤوي الهاربين من جحيم النظام وتكفي اللاجئين شر الذل في مخيمات الخارج.

وأنا أرى أنه ليس عيبا أخلاقيا ولا حرام شرعا إقامة هدنة مع طرف أقل خطرا علينا من طرف آخر، حتى نتمكن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لاسيما أن مأساة شعبنا تتفاقم وتغول النظام يزداد، ووتيرة الدعم لبعض الفصائل العسكرية خفت منذ إبرام واشنطن الصفقة النووية مع طهران.

فحتى متى ننتظر؟.. ثورتنا وشعبنا وبلدنا في خطر، وعلينا اتخاذ قرارات جريئة، ولنترك التاريخ يحكم علينا.

منذ 3 سنوات ونيف عرضت فكرة المنطقة الآمنة على أهالي من منطقتي، وبعد مناقشتهم فيها وصولا إلى بلورتها وصقلها، قمت بطرح الفكرة على أصدقاء أكاديميين.

والفكرة مبنية على أساس تولي الجيش الحر من عناصر الفصائل الناشطة في المكان المقترح شؤون حماية المنطقة، وبمشاركة من المجالس المحلية المنتخبة في ريفي درعا والقنيطرة المحررين.

لقد كان هاجسنا الأولي تأمين إمداد لوجستي للمنطقة، وتواصلنا في سبيل ذلك مع عدد من المنظمات الإنسانية والإغاثية الكبرى، ومنذ فترة بسيطة قام وفد من رؤوساء جمعيات يهودية في أمريكا بزيارة الجولان وكنت حينها أعاني وعكة صحية، وقد رافقهم الدكتور كمال اللبواني مشكورا.

وأستطيع أن أؤكد أننا قطعنا مرحلة تأمين الشريان الإغاثي للمنطقة، ونحن ما زلنا نسعى لتوفير غطاء سياسي، يؤمن فتح المعبر بشكل رسمي وفي إطار قانوني، وما وجودي في إسرائيل إلا محاولة جديدة لتسويق الفكرة، القائمة على منطقة متكاملة يعاد فيها بناء الواقع الصحي والأمني والتعليمي، ويمكن أن تغدو نواة دولة مؤسسات قابلة للتوسع لتشمل كل التراب السوري.


5- لاشك أنك سمعت أو تابعت وسائل إعلام النظام وصفحاته وهي تتحدث عن زيارتك ومشاركتك في مؤتمر هرتسيليا، وهذا ما دفع للقول إن هذه المشاركة مهما كان مبررها أعطت صك براءة جديدا للنظام، وساعدته في سعيه الحثيث لتشويه صورة الثورة السورية.. فما هي وجهة نظرك؟
هذا سؤال مهم جدا، إجابتي عليه هو أن النظام يقتلنا ويهجرنا منذ 5 سنوات، وهو منذ اليوم الأول يتهم السوريين الثائرين ضده والمناوئين له بأنهم إرهابيون وعملاء لإسرائيل، فلا قيمة ولا وزن لأي اتهام يطلقه.

النظام جلب كل حثالات الأرض لقتل الشعب السوري، وأنا شخصيا أبحث عن طريقة لتوفير المساعدات للناس المحاصرين عن طريق منظمات إغاثية معروفة وليس لدي خطوط حمر في هذا المجال، فإذا كان النظام يستهدف تخويني، فإني أعلن أني أكبر خائن لنظام بشار الأسد وشعاراته وأولوياته، ولكل ما زرعه في رؤوسنا كمسلمات.

أنا أعتقد أن ثورتنا على النظام لاينبغي أن تستهدف وجوده الأمني والعسكري والسياسي والدبلوماسي فقط، بل ينبغي أن تستهدف بالأساس وجوده الثقافي، وتستهدف الشعارات الوهمية التي أطلقها وتركتنا في مؤخرة الشعوب.. ثورة على أولوياته وترتيبها، وعلى تحالفاته.. وهذه هي الثورة الحقيقة، وليس مجرد التظاهر ضد النظام أو قتاله بالسلاح، مع الإبقاء على نفس أدواته ومعاييره في مقاربة الأمور، وقياس مدى الوطنية والخيانة.

إن النظام الذي قتل الطفلين حمزة الخطيب وتامر الشرعي في بداية الثورة، لمجرد وجودهما ضمن حشود توجهت لفك الحصار عن أهالي درعا وتأمين الخبز لهم، لا أستطيع أن استغرب منه أي اتهام، فالنظام ليس لديه حل وسط، وكل من يعمل ضده، بدءا من الشخص الذي يدخل خبزا للمحاصرين وصولا إلى الشخص الذي يتعاون مع أعدى أعداء النظام، عقوبته واحدة والاتهامات الموجهة له واحدة تقريبا.

وعلى هذا فأنا لا استغرب من تخوين النظام لي، بل استغرب من صدور التخوين عن أهل بلدي، وعن الناس الذين أشاركهم الجراح والوجع، ولهؤلاء أقول يمكنكم أن تتبرؤوا مني شخصيا ولا أعتب عليكم في ذلك، ولكن أرجوكم لا تتبرؤوا من خطابي، لأنه خطاب ينقل آلام المعتقلين والمصابين والمهجرين.
وأتوجه هنا بسؤال لكل من تبرؤوا مني، لماذا لم تتبرؤوا من معارض بارز سبق أن جلس مع وزير خارجية إيران ووزير خارجية روسيا، وكلاهما يقتلنا، فضلا عن تقديمه مبادرات للنظام.. لماذا لم يخون هذا الشخص ولم يتبرأ منه أحد؟!

وضعنا معقد ومتشابك للغاية، ونحن لا ينبغي أن نضع خطوطا حمراء في سبيل مساعدة الناس، فكل العالم يتعامل مع إسرائيل، بحكوماته وبرلماناته وجامعاته ومؤسساته ونقاباته، بمن فيهم حلف المقاومة والممانعة.. إلا الشعب السوري ممنوع عليه!

6- لدي معلومات تقول بأنك موجود في ألمانيا منذ سنوات، فهل كان لك أي نشاط معارض قبل قيام الثورة، وما هي طبيعة النشاطات التي انخرطت فيها بعد اندلاع الثورة؟
أنا معارض للنظام منذ وعيت على نفسي، وقد غادرت سوريا عام 1990 بعد أن أنهيت دراستي الجامعية، ولم أستطع الحصول على وثيقة إتمامها بحكم وجود قانون يمنع تسليمها قبل أداء الخدمة في الجيش.

في ألمانيا، حيث أقيم، بقيت معارضا ضمن الإطار التقليدي، حيث لا يجرؤ أحد على التحريض للقيام بثورة لعلمه بدموية النظام، وأنا شخصيا وقفت ضد فكرة تسليح الثورة لأن الحرب المسلحة هي الميدان الذي جهز له النظام بدأب خلال عقود، والمجال الذي يمكن أن يظهر فيه وحشيته المفرطة.

بعد اندلاع الثورة، تركز نشاطي على التجوال بين شخصيات المعارضة، من أجل حثهم على خطاب سياسي معتدل يفهمه العالم ويتقبله، أما رفع رايات العداء للشرق والغرب في آن واحد فلن يجر سوى إلى حالة كحالة شعبنا وبلدنا اليوم.

وفي أي حال، قدر الله وما شاء فعل، وما حدث حدث، وعلينا أن نستدرك بالانفتاح على محيطنا وتبني خطاب عصري مدني عقلاني.. خطاب سياسي معتدل وواقعي يظهر رؤيته للصراع في المنطقة وعليها، وفي مقدمة ذلك وضع إسرائيل والجولان السوري المحتل.. وسوى ذلك فإن العالم سيبقى يتجاهل مذبحتنا.

7- فهمت من تصريح سابق لك إقرارك العالم كله بما فيه إسرائيل متفق على إبقاء الأسد، وهو متفقون أيضا على عدم الاعتراف بوجود الجيش الحر، وبنفس الوقت ذهبت إلى تل أبيب وشاركت في مؤتمر هرتسيليا، ألا يلقي هذا بظلال من الشك على صوابية وجدوى خطوتك؟
نعم لقد قلت بأن العالم اجتمع على إبقاء الأسد، وقصدت الدول المنخرطة في الوضع السوري بشكل سلبي، وليس من بين هذه الدول إسرائيل حسب اعتقادي.

وأنا أؤكد هنا أنا إسرائيل تقدمت بمبادرات حسن نوايا تجاهنا ونحن من تجاهلها، ووجودي في مؤتمر هرتسيليا ليس لدعم الأمن الصهيوني، فالأمن الصهيوني غير مهدد بالشعب السوري لا الآن ولا بعد قرنين.. إسرائيل لديها مشاكل أكبر وأبعد من ذلك بكثير.

إسرائيل بجوارنا ترى ما يحل في سوريا وشعبها، ولكنها لاتستطيع التدخل، وشعبنا من جهته لم يطلب منها ذلك، وحضوري لمؤتمر هرتسيليا نابع من كونه تجمعا لسياسيين كبار من مختلف أنحاء العالم، وشخصيات من صناع القرار، وتجاهلنا لحضوره لمجرد أنه يعقد في إسرائيل ليس له معنى، فسوريا موضوعة على طاولة المفاوضات العالمية وكل طرف يمسك بقلمه محاولا رسم خريطته الخاصة، والشعب السوري يجب أن يكون حاضرا لتأمين الحد الأدنى من مصالحه.

علينا أن نكون واقعيين، ومن حق شعبنا أن يعلم بأن هناك توافقا أمريكياً روسياً على إبقاء الأسد باعتباره "الشيطان الذي نعرفه"، وهذا ما يفرض علينا التعامل بحكمة وعدم التعالي على الوقائع، وبنفس الوقت التخلي عن الفرضية التي ترى أن لإسرائيل موقفا مسبقا مما يجري في سوريا، فإسرائيل قدمت مبادرات حسن نية، ولا يصح أن نضعها (إسرائيل) بين حدين: إما التدخل والإطاحة بالأسد وإما فإنها عدو لنا، وعلينا أن نكون منطقيين في توقعاتنا ونحن ما نزال نرفع شعارات العداء لها، ولنحاول بهدوء أن نقارن توقعاتنا هذه بآمالنا المعلقة على أشقائنا، وما تحقق منها.

8- كررت خلال إجابتك السابقة الحديث عن "مبادرات حسن نية" تقدمت بها إسرائيل بخصوص الوضع السوري، فهل لك أن تذكر لنا بعض هذه "المبادرات"؟
من مبادرات حسن النية معالجة آلاف السوريين المدنيين الذين استقبلتهم مشافي إسرائيل، ومن المبادرات أيضا تقديم الوقود لمخيمات النازحين الموجودة على الشريط الحدودي، ممن هجرهم بشار الأسد، ووجدوا من يمد لهم يد العون من الطرف الآخر.

ومن ضمن المبادرات الخطابات التي أطلقها برلمانيون وسياسيون إسرائيليون ومن منابر مختلفة، مبدين فيها التضامن مع الشعب السوري وتفهمهم لمطالبه، مقرونة بتمنيات على هذا الشعب أن يوضح موقفه من إسرائيل بخطاب مطمئن، لأن السياسي في إسرائيل يهمه أولاً مصلحة ورأي الناخب، ومن هنا ينبغي أن نرفع صوتنا بشعار السلام وخطابات النوايا الحسنة، لاسيما أننا في وضع لا يسمح لنا الآن ولا بعد عشرات السنوات من التركيز على ملف الصراع في المنطقة، لأننا سنكون مشغولين بملفات ضخمة تحتاج طاقات دول عظمى.

أتمنى على شعبنا أن يفتح عيونه جيدا، وعلى معارضتنا السياسية أن تحدث بخطاب معقول يلتفت لمأساة الشعب الإنسانية، ولا يكتفي بمجرد التعويل على صمود هذا الشعب. 

وبالمناسبة، فإن دعوتي وحضوري لمؤتمر هرتسيليا يعد من وجهة نظري إحدى مبادرات حسن النوايا، مع تنويهي بأني انتقدت موقف الحكومة الإسرائيلية علنا وطالبت بتحسينه.

أعتقد أن النظر إلى موقف إسرائيل يمكن أن يظهرها بصورة ملائكية مقارنة ببعض الأطراف، وعلينا أن نبني على هذا الأمر ونستفيد منه، مع التذكير بأن العالم انقسم إلى 3 أقسام في موقفه من الثورة السورية، قسم متآمر وآخر متخاذل وثالث مغلوبة على أمره.

9- قمت بزيارة دولة لها من المشاكل والإشكالات مع محيطها –على الأقل- ما لايحصى، ألا تخشى من على المستوى الشعبي من التصنيف، أو أن تكون قد أدخلت نفسك في محرقة سبقك إليها من سبقك، ورأيت كيف تعامل الناس معه وصنفوه؟
بمناسبة الحديث عن الإشكالات والمشاكل، فإني أجد نفسي مضطرا لمقارنة إسرائيل ببعض الأعداء الآخرين وعلى رأسهم إيران وروسيا، علّنا نرى أي الطرفين أقل ضررا.
أعتقد أن من حقنا أن نكون جزءا من حلف قوي، يمكن أن تلتقي فيه مصالحنا مع مصالح أطراف لا تحمل مشروعا اجتثاثيا... بعكس المشروع الإيراني الاجتثاثي التهجيري، الذي نعاين مدى دمويته وإجرامه.

شخصيا، اكتشفت في إسرائيل زيف الدعاية التي حشا بها النظام رؤوسنا، من أنه لا عدو لنا سوى إسرائيل، الغاشمة الغاصبة التوسعية العنصرية التي تنوي افتراس العرب، وهذا الكلام غير صحيح مطلقا، فالشعب الإسرائيلي حسب مشاهداتي متعاطف معنا، وكذلك الأكاديميون، أما السياسيون فلهم خطوطهم التي لايستطيعون تجاوزها، لاعتبارات مختلفة.

أما فيما يخص كلامك عن "المحرقة"، فأنا لم أشاهد أكبر من المحرقة التي يعانيها شعبنا، وأنا لست أغلى من هذا الشعب الذي يقتل أفراده بالبراميل لأخشى الاحتراق، علاوة على أنه ليس لدي طموح لأي منصب سياسي، وهدفي يتجلى في إيقاف هذه المذبحة.

الحقيقة أن النظام كان مستعدا سياسيا وعسكريا وإعلاميا لمواجهة الثورة، وشعبنا تم الغدر به، وليس من الخطأ أن نعمد إلى تقييم المرحلة الماضية ونعيد تعريف المفاهيم وترتيب الأولويات، وحتى تصنيف الأعداء والأصدقاء، على ضوء ما عاشه الشعب السوري في السنوات الخمس الماضية.

10- تحدثت في إحدى جلسات المؤتمر تحت عنوان "إدارة الأزمات العالمية"، هل يمكن أن تعطينا ملخصا عن حديثك، وعن ردود الأفعال عليه في أوساط الحاضرين من إسرائيليين وغيرهم؟
في ظل اختلاط المعطيات والتشويش المستمر على المشهد السوري، فقد وجدت لزاما علي أن أكرر أمام الحضور التأكيد على ثوابت الثورة السورية والشعب السوري.

ومما تحدثت به إشارتي إلى تنسيق النظام مع داعش، ومحاربة النظام وحلفائه ومعهم داعش للشعب السوري وللجيش الحر، مستشهدا بأمثلة ووقائع ميدانية، وقد وجدت ترحيبا وتعاطفا وسط الشعب الإسرائيلي يفوق التصور.

الإسرائيليون الذي التقيتهم وبمجرد أن يعرفوا أنني سوري، كانوا يبدون تعاطفهم وتمنياتهم بقرب خلاصنا من النظام الجائر، وأرى أن الكرة الآن في ملعبنا وعلينا الإقدام على خطوة توضح برنامجنا السياسي بخصوص سوريا المستقبل.

11- كلمة أخيرة تود أن تختم بها الحوار
أو أن أقول إن تبرؤ الجيش الحر والائتلاف من معرفتهم بي، لا يسبب حرجا لي، فأنا في النهاية إنسان ليس لديه طموح بالوصول إلى منصب سياسي، وأود أن أحيي السيد عصام الريس (الناطق باسم الجبهة الجنوبية)، وأن أؤكد احترامي له، ولكني أذكّره أن من التقصير الفادح عدم وجود منسق للعلاقات الخارجية في الجبهة، وأتمنى عليه أن يكون مبدؤه "لا تنظر إلى المتكلم بل انظر إلى ما يتحدث به".

وأنا هنا أتساءل: أين هو طلب الانتساب للجيش الحر.. أرسلوا لي طلبا لأنتسب.. أنا باختصار ابن المنطقة (جبل الشيخ) وأنا معني بها، وأرى أني أمثل تيارا فكريا وسياسيا، قد لا يستطيع رفع صوته حاليا، لكن موجود، ونحن سنسعى بمساعدة أصدقائنا لتشجيعه وتوفير ظروف الأمن والسلام، التي تمكنه من التعبير عن رأيه المستقل والحقيقي، الذي يميز بين العدو والصديق دون فرض من أحد.

إيثار عبد الحق - زمان الوصل
(216)    هل أعجبتك المقالة (232)

أبو أحمد

2016-06-20

تصرف زيتون مرفوض وغير مبرر واسرائيل هي أصل البلاء وهي الحامي الأول لعصابة بشار.


وائل

2016-06-20

بأي لسان تتحدث أيها ........, وعن أية ثورة شعب وكرامة تتحدث يافاقد الكرامة ......, هل تذهب إلى أسيادك في تل أبيب من أجل نصرة شعبك الثائر ؟ وعن أية ثورة تتحدث إذا كنتم ممولون "اسرائيليا " وتدعون في النهاية أنها ثورة وطنية , أنت وثورتك وأمثالك وأسيادك لاتساوون أكثر من خرقة حيضة .......


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي