سعت الإدارة الأمريكية اليوم الجمعة لاحتواء تداعيات مذكرة داخلية مسربة حملت انتقادات لسياستها حيال سوريا، لكنها في الوقت نفسه لم تظهر أي استعداد لبحث فكرة غارات جوية ضد قوات النظام طالب بشنها عشرات الدبلوماسيين الأمريكيين.
وقال عدد من المسؤولين الأمريكيين إنهم لا يتوقعون من إدارة الرئيس باراك أوباما تغييرا في السياسة الخاصة بسوريا خلال السبعة المتبقية من رئاسته، رغم تمسكها بالاستماع لوجهات نظر دبلوماسيين معارضين.
وقال مسؤول بارز إن ما سيحسم إن كانت هذه المقترحات ستُدرس على مستوى رفيع هو "اتساقها مع نوايانا بعدم وجود حل عسكري للصراع في سوريا".
وسلطت الوثيقة التي أرسلت عبر "قناة المعارضين" بوزارة الخارجية الأمريكية- وهي وسيلة للتعبير عن الآراء المعارضة على أن تبقى سرية- الأضواء على خلافات وخيبة أمل قائمة منذ وقت طويل بين مساعدي أوباما بسبب طريقته في التعامل مع المسألة السورية.
واستندت سياسة أوباما حيال سوريا إلى الهدف المتمثل في تجنب مشاركة عسكرية أعمق في مناطق الفوضى بالشرق الأوسط وهي سياسة قوبلت بانتقادات تصفها بالتردد وتجنب المخاطر.
وتطالب البرقية وعليها توقيع 51 من مسؤولي الخارجية الأمريكية "بشن غارات عسكرية موجهة" ضد نظام الأسد من أجل وقف انتهاكاتها المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار مع فصائل المعارضة وهو اتفاق تتجاهله سوريا وحليفتها روسيا بدرجة كبيرة. وتجنبت إدارة أوباما ذلك لفترة طويلة.
وسارع منتقدو أوباما باستغلال البرقية التي تدعو أيضا لانتقال سياسي يطيح بالأسد من السلطة.
وقال "دوج أندريس" المتحدث باسم "بول رايان" رئيس مجلس النواب وهو من الحزب الجمهوري "يؤكد هذا ما يقوله أعضاء مجلس النواب منذ سنوات: لا توجد لدينا استراتيجية للنصر على تنظيم الدولة".
وأضاف "ليس لدى الرئيس أي نية للاستماع لنواب الشعب المنتخبين.. ربما سينصت أكثر للدبلوماسيين المحترفين المحيطين به".
وقال مسؤولون بأن المذكرة محاولة للحد من الأضرار التي سببتها سياسات الرئيس، وقال آخر "في قضية معقدة كالأزمة السورية من الطبيعي أن تكون لدينا آراء متعددة وهذا الخطاب يعكس ذلك".
في المقابل لفت مسؤولون أمريكيون آخرون الأنظار إلى خلو البرقية من توقيع أي مسؤول بارز بالخارجية الأمريكية كوكلاء الوزارة أو مساعديهم أو السفراء.
وقال وزير الخارجية "جون كيري" الذي يزور الدنمارك للصحفيين "هذا بيان مهم وأحترم هذه العملية جدا جدا.. ستتاح لي فرصة للقاء هؤلاء الأشخاص حين أعود إلى واشنطن." وقال كيري إنه لم يطلع على هذه المذكرة.
وقال مسؤول بارز طلب عدم نشر اسمه إن الخطاب موجه لوزير الخارجية "جون كيري" وبالتالي سيكون عليه التعامل معه وسيكون له القرار بشأن "رفعه" لأوباما ومستشاريه البارزين.
وقال مسؤول أمريكي لم يوقع على البرقية إن البيت الأبيض لا يزال على معارضته لمشاركة أمريكية أعمق في سوريا.
وأضاف المسؤول أن البرقية لن تثير على الأرجح قلق أحد ولن تخرج أوباما عن تركيزه على التهديد الذي يمثله تنظيم "الدولة".
وأقر مساعدو أوباما في أحاديث خاصة بأنه حتى لو قرر الرئيس اتخاذ موقف أكثر حزما ضد الرئيس الأسد فإنها ستصبح عملية أكثر خطورة بالنظر لوجود القوات الروسية خاصة طائراتها الحربية التي تعمل الآن بشكل مباشر على دعم الأسد.
ومن شأن هذه الغارات أن تضع الولايات المتحدة في صدام مع روسيا.
ولم تتوقف المعارضة الداخلية على الأقل منذ فاجأ أوباما كيري في آب 2013- وكذلك وزير الدفاع آنذاك "تشاك هاجل" ومساعدين بارزين آخرين- بالتراجع عن شن غارات جوية كان قد تعهد بها إذا تجاوزت قوات الأسد "خطا أحمر" ضد استخدام الأسلحة الكيميائية. وقبل ذلك بـ 9 أيام قتل هجوم بغاز السارين ما يصل إلى 1400 سوري.
وقال مسؤول سابق بوزارة الدفاع شارك في وضع السياسة الخاصة بسوريا "ذلك القرار دمر أي مصداقية للإدارة لدى روسيا أو إيران أو الأسد نفسه. الكلام الهادئ دون امتلاك أي عصا ليس طريقة فعالة للتعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص".
رويترز
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية